إعلان

المعونة والعلاقات المصرية الأمريكية

المعونة والعلاقات المصرية الأمريكية

محمد جمعة
09:00 م الثلاثاء 29 أغسطس 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

 من الواضح أن المناكفة الدبلوماسية الناجمة عن القرار الأمريكي، في 22 من الشهر الجاري، بإلغاء 95.7 مليون دولار كمعونة اقتصادية، وتأجيل دفع 195 مليون دولار كمعونة عسكرية، كان لها صدى واسعٌ في الإعلام المصري بساحاته المختلفة.. هذا ما كشفتْ عنه بوضوح تعليقات عدد لا بأس به من الكتاب والإعلاميين. 

والحاصل أن المُتابعين لتطور العلاقة بين واشنطن والقاهرة يعلمون جيدا أن كل الوفود الأمريكية التي زارتْ القاهرة خلال النصف الأول من العام الجاري ركَّزت على التعاون الأمني والعسكري الثنائي بين البلدين. 

وقد شملت تلك الوفود مسئولين عسكريين من مستوى رفيع مثل الجنرال "جوزيف فوتل" قائد القيادة المركزية الأمريكية الذي ترأس وفدًا عسكريًّا إلى القاهرة في فبراير الماضي، التقى مع الرئيس السيسي، ووزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، ورئيس الأركان الفريق محمود حجازي. 

في تلك اللقاءات كشف الجنرال "فوتل" عن عزْم الولايات المتحدة على استئناف مناورات النجم الساطع الثنائية بين الجانبين، والتي توقفت منذ 2013.

-أيضا ذلك الوفد العسكري بقيادة الجنرال ميشيل غاريت، الذي التقى في مارس الماضي مع وزير الدفاع صدقي صبحي، لمُناقشة التعاون العسكري بين البلدين. 

-قبل ذلك بقليل كانت إدارة أمن النقل الأمريكية قد قامت بإجراء التفتيش الأمني النصف سنوي على الرحلات المصرية إلى نيويورك. 

والتقى وفد إدارة أمن النقل مع مدير الشحن في شركة مصر للطيران، صفوت مسلم، وشَكَرَه على إجراءات الأمن المصرية.

لكنْ في هذه الآونة لم يحدد البيت الأبيض لماذا أصدر القرار الذي تسبب في نزاع هذا الأسبوع الماضي. وربَّما، كان اتجاه الإدارة نحو إعادة هيكلة الأموال المدفوعة للدعم الاقتصادي، وأجَّلتْ دفع دفعة من أموال المنحة العسكرية الخارجية، مُرتبطًا بخلافات تتعلق بملف حقوق الإنسان، وكذلك صلات القاهرة بكوريا الشمالية. 

بالنظر إلى حسابات مصر ومصالحها لا أعْتقد أنَّ تعليق الدعم الداخلي أو الاقتصادي يقلق القاهرة مثلما تقلقها خسارة محتملة للتمويل العسكري. حيث يبدو أن تأجيل دفع المنحة العسكرية أقرب لأن يكون إنذارًا من جهة الولايات المتحدة إلى مصر، بضرورة تغيير مسارها قبل أن تخْسر أموال المنحة كلَّها. بمعنى أن قرار التأجيل هو بمثابة رسالة مفادها أنه بموجب موازنة العام 2016-2017، فإن 15% من إجمالي 1.3 بليون دولار من المنحة العسكرية المقدمة لمصر يمكن أن ترتبط بشروط خاصة بملف الديمقراطية وحقوق الإنسان.

لكنْ في كل الأحوال لا يزال بإمكان البيت الأبيض إقرار استعادة الـ 195 مليون دولار، على الرَّغم من هذا. ولعل ذلك (على الأرجح ) السبب في أن يتسم الرد المصري الرسمي، على تلك الخطوة الأمريكية، بلغة دبلوماسية هادئة، على عكس الإعلام المصري وبعض الأعضاء في مجلس النواب.

ومع ذلك، وحتَّى يتمُّ إقرار المصير النهائي لتلك الأموال المُؤجَّلَة، لا تشير خطوة واشنطن إلى تغير كبير أو جوهري في طبيعة علاقتها بمصر.

إعلان