إعلان

آية إيهاب تكتب - عندما تشابهت حياتي مع الروايات (1-3)

آية إيهاب

آية إيهاب تكتب - عندما تشابهت حياتي مع الروايات (1-3)

09:16 م الأحد 05 أبريل 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - آية إيهاب :

أمسك برواية محمد المنسي قنديل "قمر على سمرقند"، واقرأ عن المصادفات العجيبة التي تحدث، الأبطال الذين يظهرون في الوقت المناسب، تلك الدراما التي لا تناسب حياتنا الحقيقية، لا أظن أن الحياة يمكن أن تسير وفق ما يراه الكُتاب، لا أنسى الحكاية، أضع كتابي بينما أتهيأ للنزول من أجل العمل، والقيام بالروتين اليومي المتعاد الذي لا يحمل صيغة الروايات.

أنسى إحضار تليفوني المحمول، وأتذكر روايتي، في نفس الوقت الذي من المفترض أن أقابل فيه عمتي لحضور عرض مسرحي قيل أنه اليوم ما قبل الأخير فيه، لا أعرف لما أصررت على المضي قدمًا في خطتي رغم نسياني لتليفوني، اتفقت مع عمتي عبر الإنترنيت على شراء تذكرتي، وتركها عند الباب بعدما تأخرت في العمل، ذهبت لباب المسرح وأصبح الدخول مستحيلًا، لم أعرف حتى سلك الطريق تجاه الباب والسؤال عن تذكرتي، في هذا الوقت تحديدًا تذكرت روايتي الكائنة بالحقيبة، وتساءلت بيني وبين نفسي هل يمكن أن تتحول الأمور بمثل درامية المسرحيات والروايات؟

أقف، بينما نسيت رقم محمول عمتي، و أشتم غصبًا عن أنفي روائح العرق المختلطة بروائح العطور الغالية والرخيصة، وروائح المكياج الحريمي، بل وروائح فم الواقفين الممتعضين، أقف لأتأمل هؤلاء الغاضبين، بينما لا أمتلك حلولًا لنفسي سوى قراري بالوقوف دون حركة حتى الوصول في وقت ما إلى البوابة، عندما أكد المنظمون على خلو القاعة من الكراسي وطالبوا الواقفين بالرحيل ظللت في مكاني مع من ظلوا، وفي النهاية استطعت الاقتراب من البوابة، ولكن دون أن يرد علي أحد.

يبدو كل ما سبق أشياءً طبيعية تشبه الواقع إلى حد كبير، الأخطاء التافهة التي نوقع فيها أنفسنا، والقرارات التي لا نحيد عنها، لأننا لازلنا نتمتع ببلاهة الأطفال من أجل تحقيق رغباتنا الخاصة، أصعد كمن تلفظ أنفاسها الأخيرة للدور العلوي مقدمة للبوابة اسمي ولكنهم لا يعرفونه، أنزل للدور الأول من جديد، أتحدث بصوتٍ عالٍ أملًا في أن يسمعني أحد في حرب الأصوات تلك، ولا أحد يسمعني من الأصل.

متى يصل البطل المخلص للقصص؟ لا يدخل البطل في البداية، لابد من أن تتعقد الأحداث حتى تأخذ الأحداث مجرى أكثر تشويقًا، حتى نشعر ببريق الحلول عندما تقدم؛ لأنها جاءت بعد يأسًا، ومحاولات مستمرة، من بين الصف الطويل أمام البوابة تحاول إحدى المنظمات الدخول، وفي اللحظة ذاتها التي أتكلم فيها تمر من جانب أذناي لتسمعني، لا ترد في اللحظات الأولى، وعند الدخول تنظر لي من جديد، عندما أقول "أنا بس محتاجة أعرف اسمي هنا ولا لأ، عمتي جوه وحجزلي تذكرة" تجيب "اتصلي بيها" أقول لها "نسيت تليفوني".

كيف وثقت في فأعطتني محمولها؟ وقفت بين الحضور أطلب نمرة أبي، لأطلب منه بدوره الاتصال بعمتي، يبدو الأمر محيرًا ومربكًا، أقف بين الحضور، وهي تنتظر أن أعطي لها المحمول، أوضح لها الموقف، وأطلب منها الدخول من البوابة دون الدخول لقاعة المسرح نفسها، توافق، وأقف أمامها، يعاود أبي الاتصال ويخبرني بأن التليفون مغلق، فنقرر الاتصال بجدتي التي ستقوم بدورها الاتصال بها من بقية أرقامها لتعلمها بأنني أنتظرها أمام البوابة.

لا أعلم لم احتملتني، ولا كيف وثقت المنظمة في أن أحمل تليفونها المحمول بينما هي تذهب وتجئ، ولكني وقبل أن يعاود أبي الاتصال فإني قد وجدت عمتي أمامي تتلفت وتصعد لتبحث عن وجهي بين عشرات الوجوه الماثلة في الخارج أمام البوابة، ركضت تجاهها، واحتضنتها، لتؤكد لي أنها تركت التذكرة مع موزع التذاكر، وهو الوحيد الذي لم أره ولم أتحادث معه كل تلك الفترة!

أجلس على الكرسي بالصف الأول، جسمي حار لدرجة لا تصدق، أخلع معطفي، أستمع للمسرحية التي ستبدأ، وأتذكر روايتي، تذكرت أنه مرت علي أحداث أخرى بتلك الدرامية، بتلك المفاجآت، ذلك السحر في الكتابة وكأني شخصية من رواية خرجت إلى الواقع لتعيش ما قد خطه لها هذا الروائي، بالتأكيد حياتنا تحمل كثير من خيبات الأمل، ولكن هناك بعض الأوقات التي يخلق لك فيها القدر سحرًا ما، ليُجبر خاطرك بعد قرار ما يعتبر مجنونًا، لذا كل ما بت أفعله هو أن أحاول بقدر الإمكان أن أستمتع، ولا أتعجل توقع نهايتي السيئة، فربما كانت كل تلك التعقيدات، هي تمهيد لمفاجأة ما، ستصنع من حياتك مادة صالحة للحكايات، إذ تصبح الأزمات المنفرجة مادة سحرية للحديث عن اللحظات العظيمة التي توضع في حياتنا لتخلق لها معنى ما على قدر بساطته إلا أنه يسعدنا.

إعلان

إعلان

إعلان