إعلان

إسلام.. رشدي وإسلام!

إسلام.. رشدي وإسلام!

09:33 ص الثلاثاء 07 أبريل 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - محمد أحمد فؤاد:
لم أتخيل أن يصل التراشق العلني والتجاوز في حق الإسلام إلى هذا الحد من السفه والشطط على شاشات وسائل إعلام من المفترض أنها "تنويرية"..! وسؤالي: كيف تورط مقدم البرنامج المشهود له بالكفاءة، وكذلك ضيفيه بما لديهم من خبرة في هذا المشهد السخيف؟ هذا المشهد الذي أساء للجميع بلا استثناء، وأهان عقول كل من جلس أمام الشاشة للمتابعة، وكأنه إسفاف مقصود وممنهج ومعد سلفاً..!  المكسب الوحيد من وراء هذا المشهد العبثي أحسبه حالة القشعريرة التي أصابت المتابع بصدمة، وكشفت أمامه عورات الطرفين المتصارعين..
 
نعم.. كانت مصارعة أشبه بمصارعة ديوك من النوع الرخيص، وإن بدت في أول الأمر كأنها استعراض لخلاف عقلاني على مسائل فقهية ربما لا تصح بشأنها مناظرات من هذا النوع، لكنها قد تحتمل العرض المتزن لوجهات النظر، وربما كان حرياً بمقدم البرنامج أن يناقش ضيوفه في محتوى ما سيتم تناوله قبل البث الحي حتى لا تصير الأمور إلى ما صارت إليه.. توصيف الرجلان لدي لن يتعدى الانتقاد الصريح، لا لشخصيهما ولكن لإخفاقهما الشديد في إقناعي بما حملوه من بضائع.. فالأول بدى كتاجر خائب يروج لبضاعة مزيفة، لكنها ربما مرغوبة لدى نوع من الزبائن بمعايير السوق الحالية، وأظنه ارتكز في مجمل عرضه لا على دراسة ومعرفة أكاديمية حقيقية، ولكن على توافر مساحات من الحرية غير المسبوقة لتناول الشؤون الدينية من منظور نقدي ربما جاء كرد فعل طبيعي أمام نمو التيارات المتشددة وانتشار الفكر الديني المتطرف في الأوساط المحيطة.. المدهش أنه هو نفسه يمتلك مساحة جيدة على نفس القناة يقدم بها برنامجه المتلفز المثير للجدل منذ عدة أشهر، ولا أنكر بدايته متحفظاً في أسلوبه، لكنه مؤخراً بات لا يضيع فرصة للتطاول كلما لمس نقطة ضعف أو شجية بسيطة لدى من اختصمهم وما أكثرهم.. على الجانب الأخر يأتي مندوب الهيئة الدينية الرسمية للدولة بنص الدستور، وقد حمل معه بضائع من نفس النوع ، ولكنها ربما تستهدف زبائن من نوع أخر لهم القدرة على الدفع بسخاء في المقابل حتى لو لم يكونوا في حاجة لما شمله هذا العرض، الرجل اختير بعناية فائقة، وبذكاء يحسب للهيئة التي يمثلها وليس له، فبالرغم من أنه أبدى من الهدوء والتماسك ما لم يستطع أساتذته تقديمه في مواقف مشابهة، إلا أنه أفرط متعمداً في السخرية الصامتة من خصمه لاستفزازه، وأيضاً استخدم مصطلحات أعجمية لا تليق بأزهري محنك لكونها مقتبسة من لغة السوقة البعيدة تماماً عن اللغة العربية السليمة..!
 
اللقاء جاء غير تقليدي بالمرة، فكافة الأطراف خلت ملامحهم من السمات المعهودة في الشخصيات الدينية الرسمية، وأعني اللحي والقفاطين والعمامات وغيرها من أدوات الوقار الديني ذات التأثير المباشر على العقول.. والمدهش والمؤلم في آن واحد أن ثلاثتهم ينتمون لنفس الديانة، وظني أن الهدف الأساسي من وراء تلك المناظرة كان تبسيط الأمور وتوضيح وجهات النظر المختلفة وعرضها بصورة لا تسئ لأحد، وترفع الحرج عن أصحاب الأفكار المختلفة حتى نخرج بنتيجة إيجابية تفتح المجال للمتابع لاختيار الصيغة الأقرب للدقة والمصداقية..
 
الاختلاف في النظر للنصوص أمر وارد، وهو يأتي بين من ينظر للمقاصد، وبين من يقف عند حد المعنى اللفظي المباشر، والأول هنا هو منهج الفقهاء والعارفين من المفكرين، والثاني هو منهج المقلدين والمرددين من المتشددين، والتعدد الفكري هو حالة افتراضية ربما جاءت لصالح جميع البشر وليس ضدهم.. وبانتهاء عصر الأنبياء والرسل ثبت أن الله سبحانه وتعالى لم يعين حراس للدين، لأن حارس الدين قد يحارب من خالفه في الرأي والفكر لأسباب شخصية، لكنه في المقابل خلق اداة العقل لتكون المعيار الأساسي للتمييز لدى بني أدم.. لهذا ففهم البشر للأديان يعد أمر نسبي يوجب علينا التحرر من القوالب الفقهية الجامدة...
 
ما عرضه السيد/ إسلام البحيري أساء للإسلام والمسلمين بأسلوب الهجوم الفج الذي انتهجه، وما أعده غريمه السيد/ عبد الله رشدي مندوب الأزهر من ردود سابقة التجهيز أساء للأزهر وكشف عن عوار فكري واضح داخل عقول بعض القائمين على تلك الهيئة ممن يَدّعون الوسطية والعقلانية لكنهم يفتقرون إلى الحصافة الفكرية.. إذا كان الأول قد تجاوز في أسلوبه واستخدم ألفاظ أقل ما توصف بالوقاحة، فكان أبدى بالثاني أن يحتوي الإساءات ويركز أسهمه على قتل أي حماقة أتى بها خصمه حتى لا يتحول المشهد إلى معركة سباب وتراشق بلا داعي، ولا ليحاول التمثيل به واستدراجه بهدوء صبياني مصطنع دفعه للتمادي والهستيريا بصورة ربما اصابت مقدم البرنامج بالحرج، وبدا كمن لا حيلة له إلا التلويح بإمكانية انهاء البث الحي لتلك المهزلة فوراً..  وليته فعل..!      
للتواصل مع الكاتب عبر تويتر:
mohamed Ahmed Fouad   @deserticebear13

إعلان

إعلان

إعلان