إعلان

أنت لست فقيراً هو الفقير

أيمن عبدالمجيد

أنت لست فقيراً هو الفقير

09:55 م الأربعاء 09 أبريل 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - أيمن عبدالمجيد

عدت بذاكرتي إلى مرحلة الثانوية العامة، عندما كنا ندرس علم الاقتصاد، الذي يدور حول فكرة، إشباع الحاجات، والشعور بالحرمان، فكان يعرف الحاجة، بالشعور بالحرمان الذي يلح على الفرد، ويدفعه لاستهلاك وحدات إضافية لتحقيق حالة الإشباع.

ورغم تباين تعريفات الفقر، فإن هناك شبه إجماع على أنه الحالة التي يعجز معها الفرد عن تحقيق حد من الدخل يوفر له الحد الأدنى من الكفاف، والكفاف كان في السابق يحدد بالمأكل والمشرب، وتطور واختلف نسبيًا من مجتمع إلى آخر وفقًا لمدى تطور المجتمعات، فيشمل في المجتمعات المتحضرة القدرة على توفير سكن ونفقات الحياة والرفاهية والتنقلات.

جاء في تقرير التنمية في العالم 1990م: ''يعرّف التقرير الفقر بأنه عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة'' و. كما يُعرف الفقر الآن بأنه ''عدم القدرة على الحصول على الخدمات الأساسية''.

بعيدًا عن تلك التعريفات المادية البحتة، فإن قناعتي مختلفة، فمن الخطأ فهم الفقر بمستوى الدخل، فليس الفقير من لا يملك مال، لكن الفقير هو من لا يملك قدرات توظيفها يحقق له الحياة الكريمة، فهناك الفقير في القدرات العقلية، والفقير في عاطفته، والفقير الحق هو ذلك الذي يعشق نفسه ويعيش لها فقط، ويبخل بالعطاء لأسرته ومجتمعة ووطنه.

بعيدًا عن المفاهيم الفلسفية، لا تنظر لذلك المنتفخ بالمال على أنه ثري وتنظر لنفسك على أنك فقير، فالرزق ليس مال فقط، الفطنة والعقل رزق، والصحة والبنيان الجسدي السليم رزق، واللباقة وفصاحة اللسان رزق، والكاريزما والقبول رزق، وحب واحترام الناس لك رزق، ودرجتك العلمية ومستوى ذكاءك رزق، وحرفتك ومهارتك بمهنتك أي كانت رزق، زوجك أو زوجتك الصالحة رزق، أبناءك الناجحين رزق، وكثيرا ما تجد أثرياء بمفهوم المال فقراء بمفهوم رزق الصحة والسعادة وصلاح الأبناء.

مجمل ما سبق هو الرزق، والمال هو نتاج توظيف صحيح لرزق العقل والعلم، ومهارة الحرفة، في الدول المتحضرة التي يحصل فيها الفرد، على عائد مالي مناسب لما يقدم من عمل، فيرتقي بمعيار الكفاءة، لكن عندما تجد بلد يعمل فيها العالم في الفيزياء مبيض محارة، وتجد حاملي الدكتوراه بلا عمل، وفي المقابل الفاسد منتفخ بالمال، ويقيس ثراءه بالأوراق النقدية، فهو التخلف بعينه.

أنت أيها العالم والعامل الماهر في حرفته المعطاء لمجتمعه ودولته وأسرته الثري الحقيقي، ليس ذنبك أن القائمين على ضبط معايير التنافس بالمجتمع، في الأنظمة السابقة دعموا الفساد الوظيفي، مصر في حاجه لتقنين الفساد، أن كان القضاء عليه مستحيل، حتي نقضي على التناقض الواضح بين ثراء الملايين علميا ومهنيا، وفقرهم مالياً، الناتج عن فشل الإدارة في توظيف قدراتهم ووضع أليات تقييم عادلة تمنح الأجر بقدر قدرة الفرد على العطاء.

ثق في قدراتك وأحرص على حسن توظيفها، أنظر إلى المنتفخ ماليا من الفساد وهو ضعيف القدرات، فأنه الفقير وأنت الثري، لكن لا تجعل من كل ثري فاسد ، فالكثيرون أجادوا توظيف قدراتهم وحققوا ثراء مالي بالحلال، والقول بأن كل متضخم ماليا فاسد وكل محتاج ماليا عبقري مهدرة حقوقه، هي قمة التفكير الفاسد، فالتعميم فساد في التفكير، حاول أن تحذوا حزوا الناجح .

ثق أنك ثري القدرات، فقط تفتقر لتوظيف أمثل لطاقاتك، الله عادل خلقنا جميعاً متساوون، إذا حرمك من جانب أغدق عليك في الأخر، هيا بنا نبدأ مراجعة طاقاتنا وقدراتنا والتفكير في عمل يحقق توظيف أمثل لما نملك، حتي تأتي سلطة تساعد المجتمع ككل على استثمار أمثل للطاقات وسط قواعد عادلة للمنافسة.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

 

إعلان

إعلان

إعلان