إعلان

 مأزق الاعتصام.. بين لاءات الإخوان وتبعات الإنهاء

مأزق الاعتصام.. بين لاءات الإخوان وتبعات الإنهاء

12:25 م الثلاثاء 13 أغسطس 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

القاهرة – (أ ش أ):

لا تبدو عملية فض الاعتصام الذى ينفذه المناصرون للرئيس السابق محمد مرسي، مجرد قرار عادي تتخذه الحكومة المصرية، وتضع له الجهات المنفذة الخطط، ويترقبه المواطنون المؤيدون، وذلك بسبب ما يحيط بهذا الاعتصام من إشكاليات، تجعل منه مأزقا شديد الوطأة في حالة استمراره أو إنهائه على حد سواء.

وفى وقت تتصاعد حدة التوتر على الساحة السياسية المصرية، وسط تواتر الأنباء عن عزم الحكومة فض الاعتصام تدريجيا، تفتح مواقف قيادات الإخوان الباب واسعا أمام التكهنات حول ردود أفعالهم في حال نجاح إنهاء الاعتصام الذي اقترب من نهاية أسبوعه السادس.

فيما تتواصل الأزمة إلى الحد الذى تبدو فيه غير قابلة للحل بسبب ''لاءات الإخوان''، التي تقف حجر عثرة أمام إنجاز أي محاولة للحوار إلا بعد عودة الشرعية، بينما تؤكد كل المؤشرات أن عودة الرئيس السابق إلى كرسي الحكم بات أمرا من الماضي.

الإخوان ورفض الحوار

فالقيادات الإخوانية تؤكد أنه ''لا حوار يقوم على انتخابات رئاسية مبكرة أو استفتاء على بقاء مرسي إلا بعد عودة الشرعية''، وقيادات الدولة المصرية التي استجابت لمطالب الجماهير التي خرجت بالملايين رافضة لاستمرار حكم الإخوان، لا يمكنها إلا المضي قدما في طريق التغيير مع الحفاظ على سلميته التي يمكن أن تلوثها الدماء في حال اشتعلت المواجهة مع المعتصمين، كما سبق في أحداث الحرس الجمهوري والمنصة.

وتؤكد السلطات المصرية على أنه لن يتم فض الاعتصام بالقوة، حيث تم تسريب خطط توضح سيناريوهات إنهاء الاعتصام، تؤشر إلى أن قوات الأمن سوف تعتمد على تطويق الميادين، حتى تفسح المجال لمن يرغب في المغادرة وللحيلولة دون دخول معتصمين جدد.

إلا أن عدم تنفيذ تلك الخطط أفسح المجال أمام دخول المزيد من المعتصمين، كما كثفت جماعة الإخوان، التي تحسبت لخطة فض اعتصاماتها باستقدام المتاريس وتنفيذ المزيد من التحصينات، بالإضافة إلى مواصلة التحركات الاحتجاجية وتنظيم مسيرات في مناطق جديدة، ربما تكون البديل لها عند نجاح فض الاعتصامين الرئيسيين في منطقة رابعة العدوية وميدان نهضة مصر.

ومع استمرار حالة الشلل شبه الكامل في منطقة رابعة العدوية وميدان النهضة منذ اعتصام الإخوان واتخاذهم الشوارع المتفرعة لها مسكناً لهم، تبدو مطالب الجماهير المتصاعدة بفض الاعتصام أمرا طبيعيا، إلا أن المخاطر التي تحيط بعملية إنهاء الاعتصام تجعل من التمهل في إنهائه أمرار بالغ الضرورة.

حياة بالداخل وشلل بالخارج (صورة للاعتصام)

ومن خلال متابعة ما يجرى في ''رابعة والنهضة''، يمكننا ملاحظة أن هناك حياة طبيعية داخل الاعتصام وحياة متوقفة خارجه، سواء للقاطنين أو العابرين ممن لديهم معاملات رسمية عطّلها الاعتصام.

فمسجد ''رابعة العدوية'' الذي بات رمزاً لاعتصام الإخوان، يقع عند تقاطع يتفرع منه شارعان رئيسيان هما شارع النصر، الذى يقسم بين حي مصر الجديدة وأحياء القاهرة الجديدة ومدينة نصر، ويعد أحد الطرق الرئيسية المؤدية إلى مطار القاهرة.

فيما يقع شارع الطيران بالقرب من دار الحرس الجمهوري، إلى جانب وزارة القوى العاملة والجهاز المركزي للمحاسبات وكلها منشآت حكومية حيوية، تعد عصب المعاملات اليومية للمواطن المحاصر من اعتصام الإخوان.

ويتفرع من شارع النصر أيضا طريق يؤدي إلى السويس الصحراوي ومنها إلى جنوب سيناء، كما يحتوي الشارع على منشآت عسكرية تابعة لوزارة الدفاع، كما توجد أيضاً الإدارة العامة لمرور القاهرة، وبالقرب من شارع الطيران يقع استاد القاهرة عند بداية طريق النصر بالإضافة إلى جامعة الأزهر وقاعة المؤتمرات.

فيما تقع في محيط ميدان نهضة مصر منشآت تعليمية وترفيهية هامة على رأسها جامعة القاهرة، وحديقة الحيوان وحديقة الأورمان ومديرية أمن الجيزة والمجلس القومي لحقوق الإنسان، فيما تضم المنطقة المؤدية إليه مباني السفارة السعودية والفرنسية وسفارة الإمارات، ناهيك عن عدد كبير من المدارس.

حسابات المكسب والخسارة

لذا تبدو بؤر الاعتصام التي زرعت في منطقة حيوية ومساحة سكانية مكتظة، غير قابلة للاستمرار، خاصة في ظل تعطل مصالح المواطنين بسبب إغلاق كافة المصالح الموجودة بالقرب من تلك البؤر، ولهذا زادت الشكاوى وازداد الضغط على الحكومة لفضّ الاعتصام.

وإذا كانت تلك الأسباب الظاهرة تجعل من استمرار الاعتصام أمراً مرفوضاً، فإن تأجيل إنهائه يمثل عبئاً ضاغطا على أجهزة الدولة، كما أنه يمكن أن يطال من هيبتها، فيما يفتح تأجيل فض الاعتصام الباب واسعا أمام سيل من الإشاعات والتكهنات تمتلئ بها شاشات الفضائيات وصفحات الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي.

إلا أن حسابات المكسب والخسارة يبدو أنها تجبر الحكومة على إتباع سياسة النفس الطويل حتى لا يحدث اصطدام مع جماعة الإخوان، وذلك لأن تقديرات القادة الأمنيين تؤكد أنه في حالة حدوث اقتحام سواء لاعتصام ''رابعة'' أو ''النهضة'' فسوف تسيل الكثير من الدماء، وهو ما يجب أن يتم التعامل معه بمنتهى الحذر، خاصة في ظل تأكيدات الحكومة على حرمة دماء المصريين.

ومع رفض الإخوان الكامل لكل المبادرات المطروحة بما في ذلك مبادرة الأزهر التي رفضوها شكلاً وموضوعاً، تستمر المخاوف من تبعات إنهاء الاعتصام رادعا قويا لا يمكن تجاهله، رغم وجود أصوات تتعالى بضرورة استعمال القبضة الحديدية.

وليس ثمة شك في أن الحديث عن فض اعتصام بالقوة يشبه الحديث عن عملية جراحية، ولكن عند الحديث عن الحالة المصرية، والظروف المحيطة باعتصام المؤيدين للرئيس السابق محمد مرسى، فإننا نتحدث عن عملية في المخ لا تحتمل أي خطأ.

إعلان

إعلان

إعلان