إعلان

بين التجارة في الأسهم والفاكهة.. بلومبرج ترصد آثار التعويم على المصريين

03:02 م الخميس 23 مارس 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - مصطفى عيد:

اعتبر تقرير لوكالة بلومبرج أن تحرير سعر صرف الجنيه في الثالث من نوفمبر الماضي ساهم في تسهيل الاستثمار في الأوراق المالية، ولكنه ألقى بأعباء ثقيلة على عاتق المواطن العادي.

وقالت الوكالة في التقرير الذي نشرته على موقعها الإلكتروني اليوم: "منذ أن خفضت مصر عملتها، أصبحت الحياة في القاهرة أكثر يسرًا لو كنت تبيع الأسهم من أجل العيش. ولكنها أصبحت أكثر صعوبة إذا كنت تبيع الفاكهة".

وقال مصطفى نجاتي رئيس المبيعات المؤسسية لدى "أرقام كابيتال" للوكالة، إنه كان يشعر بالقلق من أن "هذه المهنة كانت تموت". فالمستثمرون خرجوا من مصر بعد انتفاضة عام 2011، وساعدت الرقابة الصارمة على سعر الصرف في بقاءهم بعيدًا، ولكن منذ 4 أشهر قرر البنك المركزي تعويم الجنيه.

وأضاف نجاتي "الآن أنا على صلة بكل أنواع العملاء.. من المدهش أن الأشياء التي تغيرت".

 بائع فاكهة: "معتاد على ارتفاع الأسعار. ولكن ما يحدث الآن هو جنون"

وعلى مرأى من نافذة مكتب "نجاتي" من الجانب الآخر لنهر النيل بمنطقة إمبابة ذات الطبيعة العمالية، ترصد بلومبرج أحوال جميل حسن صاحب الكشك الذي تغيرت حياته أيضا ولكن على نحو سيء، بعد أن فقد الجنيه نصف قيمته وارتفع التضخم إلى 30%.

وقال حسن: "لم يعد الناس يشترون 3 أو 5 كيلو من الفاكهة، ولكنهم يحصلون فقط على ما يكفيهم في اليوم". وأضاف: "أنا معتاد على ارتفاع الأسعار. ولكن ما يحدث الآن هو جنون".

وأشارت الوكالة إلى أنه من الصعوبة أن يهتم أي من المصريين، الذين يبلغ عددهم حوالي 92 مليون شخص، بأسعار الأسهم، ولكن اهتمام أغلبهم ينصب على أسعار الغذاء، لافتة إلى أن الثورة الشعبية أطاحت برئيسين في 6 سنوات، وبالتالي فإن برنامج الإصلاح المرتكز على التعويم يحمل مخاطرة سياسية كبيرة.

وتساءلت بلومبرج عن مدى قدرة المواطنين على الاستمرار في تحمل ضغوط الأسعار الحالية معلقة أن "الحكومة تقول إن البرنامج أفضل دواء للاقتصاد المريض، ولكن هل سيظل الشعب صابرًا حتى ينهض (الاقتصاد)؟".

لكن الوكالة وصفت أحوال الشارع المصري بأنها "هادئة على الأغلب، والبرلمان سهل الانقياد"، مشيرة إلى تناقض هذا الوضع مع ما حدث مع الرئيس الأسبق أنور السادات عندما قام بخفض دعم الغذاء في عام 1977 وأجبرته انتفاضة شعبية على العودة في قراره بعد يومين فقط.

وعلى الرغم من الاضطرابات المستمرة لسنوات بعد تنحي حسني مبارك في 2011، تجنبت الحكومات المتتالية الاقتراض من صندوق النقد الدولي، لأنها كانت قلقة من إلزامها باتخاذ تدابير لا تحظى بالشعبية، ولكن هذا الصمود انتهي مع توقيع مصر اتفاقية بقيمة 12 مليار دولار مع الصندوق في نوفمبر الماضي بعد أسبوع من تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود اللذين كانا ضمن الشروط المسبقة، وفقًا للوكالة.

وقال الزميل الزائر بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ياسر الشيمي، إن الإنهاك والقمع اللذين أصابا المصريين هما السبب في حفاظهم على هدوءهم حتى الآن.

وأضاف أن الشعب تحمل سنوات من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية بينما كانت الحكومة تضيق الخناق على العمل السياسي، معتبرًا أن ما يحدث ليس صيغة للتغيير الدائم ولكنه شبهه بإناء محكم الإغلاق ربما تخفف الحكومة الضغط على غطاءه قبل الانفجار.

أما المستثمرون الأجانب فقد استغلوا الجنيه الضعيف للاستثمار في الأسهم والديون المصرية وعادوا للتدفق ثانية إلى القاهرة يقابلون المسؤولين والمصرفيين المحليين، بحسب بلومبرج.

وقال نائب وزير المالية أحمد كجوك في مؤتمر "حوار مع الحكومة" منذ أمس الأول، إن رصيد استثمارات الأجانب في أذون وسندات الخزانة وصلت إلى نحو 4 مليارات دولار منذ التعويم مقابل 900 مليون دولار قبلها.

ورغم ما توقعه اقتصاديون بأن تعويم الجنيه ودعم الصندوق سوف يساهمان في الحال في رفع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة الوظائف والصادرات، إلا أن نجاتي، سمسار الأسهم، قال إن سوق الأوراق المالية مازالت أيضًا في طور الاختبار، مضيفًا أن لديه عملاء يفكرون حاليًا في ضخ مبالغ أكبر، ولكنهم قلقون بشأن السياسات في نفس الوقت.

وتابع: "القلق الرئيسي لدى المستثمرين هو خطر حدوث اضطرابات اجتماعية"، محذرًا من أن هذه المخاطر قد تطيح بكل ما يحدث.

وألمحت الوكالة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان يشير إلى هذا القلق في خطاباته، ففي ديسمبر طالب المواطنين بالانتظار 6 أشهر وبعدها ستبدو الأوضاع أفضل بكثير، كما وعد المصريين في يناير بأنهم لن يُتركوا رهينة للسوق الحر، وأن الجنيه سيتعافى إلى قيمته العادلة خلال فترة الستة أشهر، ولكن الصعود الذي حققته العملة المحلية في فبراير لم يستمر وعادت قريبة من مستوياتها المنخفضة الماضية.

وفي رأي بلومبرج فإن الحكومة المصرية تبدو على استعداد للتراجع عن قراراتها في حالة الشعور ببوادر غضب شعبي، مشيرة إلى استجابتها للاحتجاجات التي قامت ضد تعديل نظام " الكارت الذهبي" في توزيع الخبز المدعم.

كما أشارت في تقريرها إلى استمرار الدعم الشعبي من بعض القطاعات الاجتماعية للسيسي على الرغم من الضغوط الحالية، حيث تنقل عن بائع الفاكهة حديثه مع إحدى زبائنه، والتي سألها عن رأيها في الرئيس بعد أن أبلغها بالأسعار المرتفعة لمنتجاته فقالت "أه هو الأسعار غالية ولكن السيسي لسه حبيبي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان