إعلان

آمنة نصير: الانتحار نوع من التمرد.. وكلما زاد التشدد زاد الإلحاد (حوار)

12:27 م الأربعاء 01 يناير 2020

الدكتورة آمنة نصير

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – آمال سامي:

أكدت الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر الشريف، وعضو مجلس النواب، أن أهم ما يميز 2019 بالنسبة لها هو النشاط البرلماني والانتهاء من عدة قوانين مهمة، وعلقت على فكرة قانون تنظيم الفتاوى العامة، الذي اقترحه البرلمان في هذا العام، والذي يحصر الإفتاء على المختصين فقط، قائلة إن هذا أمر مفروغ منه ولا يحتاج قانونًا.

وقالت آمنة نصير، في حوار خاص لـ مصراوي، إنها لا تطلق على آرائها لفظ فتوى بل تقول إنها آراء في قضايا إنسانية فهذا هو مجال تخصصها كأستاذ فلسفة ولابد أن يلتزم الجميع بذلك فلا يفتي أحد في شيء خارج مجال تخصصه.. فناقشها مصراوي في عدة قضايا مجتمعية وأخلاقية منها زيادة معدلات العنف، وارتفاع نسبة الطلاق، وشيوع الانتحار والأفكار الإلحادية بين الشباب، وفي السطور التالية تفاصيل الحوار:

ما رأيك في زيادة معدلات العنف في المجتمع ووصل حتى للأسرة؟

أشعر بمرارة شديدة على هذا العنف الذي أصبح مباحًا في الأسرة وفي الشارع وفي العائلة وبين الناس، رغم أن الشعب المصري شعب طيب وودود ولم يكن العنف من سماته، ولكن منذ ثورة 25 يناير كأن الناس لا يفصلون بين ثورة قامت وحقق ما أرادت، وما بين سلوك المجتمع الذي يجب أن يبقى في تاريخ المجتمع المصري الودود الطيب اللين، الذي يميل في كل منحنيات حياته إلى ما هو يبني لا يهدم.

فما أسباب زيادة معدلات الطلاق؟

من الأمور التي تؤلمني أكثر ارتفاع نسب الطلاق، وسبب ذلك أن لدينا شابا وشابة نشآ في هذا العصر، عصر الفضائيات والإلكترونيات، عصر التمرد، للأسف تدرك البنت ذلك وتمارسه سواء بحكمة أو بدون حكمة، لكن الولد مازال ينتظر من زوجته التي في بيته الست آمينة رحمة الله عليها، وهنا يحدث الصدام ما بين فتاة وزوجة معاصرة بكل مستجدات العصر النفسية والاجتماعية والأخلاقية وما بين الصورة القديمة التي في ذهن الشاب الزوج للست أمينة المطيعة الطيعة الودودة التي لا تغضب لشيء وتهاب وتخشى من كل شيء.

فهناك أبعاد نفسية كثيرة جدا للبنت والولد في هذا العصر، فلم ينتقل الولد لثقافة العصر، ولم تعد الفتاة تدرك أهمية وقيمة بناء الأسرة وديمومة الحياة الزوجية حماية لها ولزوجها ولأطفالها، للأسف غابت هذه الثقافة كثيرًا عن ابنة اليوم، وهذا الإختلاف الجذري بينهما أوجد حالة خلل في بناء البيت، فلا البنت تريد الطاعة لهذا الزوج ولا الزوج يريد بنت اليوم، ومن هنا يصطدم الزوجان بهذه المستجدات دون أن يتهيئا لها، سواء في تربيتهم في بيوت والديهم أو في تربية المجتمع أو في الخطاب الثقافي تهيأة البنت والولد للزواج.

ما تفسيرك لظاهرة الإنتحار بين الشباب، حيث شهدت 2019 حالات انتحار كثيرة؟

هذه روح التمرد، فالشاب المنتحر شاب يائس متمرد قانط من رحمة الله، ولا يدري إنه إن كان يمر بتجربة عصيبة في حياته فإن مصيرها أن تحل، وابتعادا لشباب عن الأم والأب سبب أساسي في ذلك، فلم تعد الأم محتوية، ولم يعد الأب متفرغ لتربية الأبناء التربية القويمة الصابرة التي تحتوي مشاكل الشباب من الجنسين، فيشعر الشاب المنتحر بأنه أنفرد بمشكلته دون أن يجد من يحتويه أو من يذلل له ما هو يائس منه، أو أنه وجد غربة في البيت لا تستوعبه، أو تعرض لمشكلة ولم يجد من يستوعبه ويأخذ بيده، فكل هذه الأسباب النفسية والاجتماعية تدفع الشباب للإنتحار سواء البنت أو الولد.

كانت فتوى أن المنتحر ليس كافرًا أحد الفتاوى التي أثارت الجدل على السوشيال ميديا في هذا العام..فاعتبرها البعض تشجيعًا على الإنتحار..فما رأيك في ذلك؟

المنتحر ليس كافرًا فهو مات على دينه، لكنه جاحد قنوط، والحق سبحانه وتعالى لا يحب العبد القنوط بل يحب عبده الذي يعشم فيه، فهناك حديث يقول: إن الله يحب أن يعشم عبده فيه، فالله العلي العظيم يحب عشم عبده البسيط الذي لا يساوي جرة، فالانتحار سببه غياب الإيمان العميق للمنتحر، وحين تأتيه لحظة اليأس لا يجد من يبصره على الطريق القويم.

فكرة أن المنتحر ليس كافرًا تشجع على الانتحار، خاطئة، فلا نريد تفسير العوام، فمن أمراض هذا العصر التي أشعر منها بضيق خانق هي أن كل إنسان يظن نفسه علامة، فلدينا دائما ردود وسفسطة في كل شيء، وهذا ما أعتبره من الأمراض الصعبة لهذا العصر.

هل ترين في الفترة الأخيرة أن الأفكار الإلحادية انتشرت بين الشباب؟ وهل هناك فارق بين الملحد ومن لديه "أفكار إلحادية"؟

"إذا زاد التشدد زاد الإلحاد" وهذه قاعدة كقواعد المنطق، و لهذا سبب عقيدي، فالله سبحانه وتعالى يقول: ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، فالتشدد يجعل النفس التقية ضعيفة أمام النفس الفاجرة فيحدث ما يحدث من تخبط وعدم إيمان بما يليق بالحق سبحانه وتعالى وباسمنا كمسلمين سلمنا لله وحده، فيحدث قنوط أو خروج من دائرة الإيمان إلى دائرة الإنحراف إلى دائرة الإلحاد، فالإلحاد إنحراف عقدي،حيث ينحرف الإنسان عن جادة الطريق فيصير ملحدًا أي انه لا يستكين لأوامر الحق سبحانه وتعالى ونواهيه في هذا الدين، فيحدث حالة من التمرد، وهذا يجره إلى الإلحاد والشك والابتعاد عن اليقين سبحانه وتعالى.

هناك شباب ينشرون آراءهم وشكوكهم على السوشيال ميديا، توفيت فتاة مؤخرًا اعتبرها الناس ملحدة لما كانت تنشره، وصلى عليها أهلها ودفنت مع المسلمين ودعا اصدقاؤها بالرحمة والمغفرة فما حكم ذلك شرعًا؟

لابد أن ندعو لها بالرحمة والمغفرة وأن يعفو الله عن ضعفها وقوة نفسها الفاجرة على المؤمنة، فالإلحاد درجات من أدرانا إلى أي درجة وصل بها تفكيرها؟ والشك الذي يفتح بابه الإلحاد، لابد أن نفتح أمامه نافذة الأمل في رحمة الله وأن نقدم على الله، فالله يحب توبة التائب، فلم نغلق أمامه باب الرحمة، فإذا توفت ندعو لها بالرحمة، فالأفكار التي ينشرها الشباب عن الإلحاد هي نوع من التمرد والعناد، فإذا وجد الشباب من يشدهم ويعيدهم مرة أخرى إلى الدين لعادوا، هم فقط يحتاجون إلى أحد يفتح أمامهم باب الأمل في عفو الله وغفرانه، فالله نفسه يقول أنه يحب توبة التائب وعودته إليه، فلماذا لا نقرب هذا العبد القنوط إلى ربه بدلا من الحكم عليه وكأننا ننتظر ذلك حتى نشمت فيه، وإعادة نشر ما ينشره هؤلاء كارثة اسمها "التشيير" فلماذا أشهر بهم بدلا من أن آخذهم إلى طريق النجاة؟ فكأننا نقول لهم نحن نثبتكم على إلحادكم أياكم أن تغيروه، فنحن نعاقب على هذا.

بعد وفاة تلك الفتاة نشرت لها صورة كانت فيها تنظر إلى نيران، فنشرها البعض وقالوا أن هذه الصورة كأنها نبوءة مصيرها بعد وفاتها..فما رأيك في ذلك؟

هذه تفسيرات تسمى سفسطة خاطئة، فنحن أصبحنا متألهين نريد أن تصبح دائما يدنا العليا فوق خلق الله نبكتهم كما نشاء وننقدهم كما نريد ونتتطاول عليهم بما يحلوا لنا، فأصبحت هذه عادة، فنحن نعاني من الغلظة والتطاول وسوء الأدب في التعامل مع الآخرين وفي التعبير عما نريد.

في بداية عام 2020 ماذا تحب أن تقول آمنة نصير للمصريين؟

أطالب الناس بأن يعودوا إلى جمال هذا الدين العظيم وأن يعودوا إلى طبيعة الشعب المصري العظيم الودودة التي تدفع دائما بالكلام الجميل وأن نخرج مما أصابنا من هذه الأمراض اللسانية والأخلاقية وهذا النوع من انفلات أدائنا حتى لا يبغضنا الله سبحانه وتعالى، فالله يحب عبده المطيع حلو اللسان جميل التحية، فالكلمة الطيبة صدقة وتبسمك في وجه أخيك صدقة، فأين هي الكلمة الطيبة والوجه الهاش الباش؟ أتمنى أن نعود إلى ما كان عليه آباؤنا وأجدادنا رحمة الله عليهم حتى نستحق الرحمة من الله.

موضوعات متعلقة..

- أحمد كريمة يتحدث لمصراوي عن الإلحاد والسحر وما يتمناه في 2020 (حوار)

- الشيخ محمود الهواري: مواقع التواصل الاجتماعي أحد أسباب الإلحاد.. وفلسفة الملحدين باطلة (حوار)

- أم تشكو: ابني أعلن "الإلحاد" فماذا أفعل؟.. تعرف على نصيحة أمين الفتوى

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان