إعلان

بالفيديو.. "نسمان" يكسر حصار غزة بـ"الكوميديا"

07:26 م الثلاثاء 08 مارس 2016

كسر حصار غزة بـ"الكوميديا"

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- إشراق أحمد:

يجلس بين أبناءه الثلاثة، أمام موقد أشعله للتدفئة، أخذ يتحدث إليهم، عن الأوضاع في غزة، يخبرهم أن يتحلقوا حول النار "هذا يا بابا الوابور.. هذا ونيسنا يا روحي من بعد الانتخابات وأحنا عابطينه عبط"، ثم يمسك بطبلة مستكملا حديثه بالغناء، منهيا الكلمات على طريقة "اللمبي" –الشخصية المصرية الممثل لها الفنان محمد سعد- موجها رسالة إلى حكومة القطاع المحاصر "صار لكم 10 سنين بالحكم.. كلكم خلصتوا خلاص.. خلصتوا علينا.. جددوا الشرعية"، مختتما بدعاء "اللهم حنن كفوف الأمن الداخلي على صداغي".. مقطع ضمن العديد من الفيديوهات، التي باتت نافذة الفنان الفلسطيني علي نسمان، للتعبير عن أوضاع الفلسطينيين كافة، وأهل غزة خاصة.

حبه للتمثيل، والواقع المؤلم في الوطن المُحتل، وما تتكبد غزة جراء حصار وقصف مباغت، وفي ظل تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية وانشغال غالبية الدول العربية بأحوالها.. كلها أمور دفعت الشاب ذو الثلاثين ربيعا، للبحث عن وسيلة، يطلق بها موهبته المحاصرة حال موطنه، ويكون من خلاها صوت لأهله بالقطاع، علها تصل للمعنيين، فكانت البداية عام 2014، بعد أن فاضت يداه من إيجاد شخص يدعم الأمر ماديا.

صورة1

كاميرا هاتف محمول، ومسند لها، هي كل أدوات "نسمان"، ليبدأ في تصوير إحدى مقاطع، تحمل رسالة خلال دقائق، إلى السلطة الممثلة في حركة حماس، يخبرهم عن البطالة، ارتفاع الأسعار، الفقر الذي ينهش بكبد القطاع، أو يوجهها إلى حركة فتح، يذكرهم بتاريخهم، وضرورة الوحدة من أجل الوطن، وتارة أخرى يخرج مجسدا مشهدا متضامنا مع الأسرى، والشهداء.

بين السخرية، والجدية، يظهر "نسمان" بالمقاطع، التي خصص لها صفحته على فيسبوك ويوتيوب، يرى في الكوميديا طريقة يمكن أن تهون على أهل موطنه، لكنه يدرك عدم صالحيتها لجميع القضايا "لا يمكن استخدامها مع قضية الأسير والشهيد احتراما لأهمية القضية"، لذا اقتصرها على النقد السياسي الداخلي "لتكون مستصاغة وأكثر لطفا وتصل بشكل أسرع"، وفي هذا عائد عليه كذلك، إذ يبرز موهبته في كافة الألوان التمثيلية.

عازفا على الطبلة، يسخر من ارتفاع أسعار الإسمنت بصحبة عدد من عمال البناء، ويتعافى في فيديو "مخدرات غزة" حين يذكر له الطبيب كذبا أن أزمة الكهرباء انتهت، لكن حين الحديث عن الأسرى حال الصحفي محمد القيق، الذي أمضى مؤخرا في سجون الاحتلال نحو 3 أشهر، نجح بالوصول إلى اتفاق لإنهاء اعتقاله الإداري في مايو القادم بعد إضراب عن الطعام لـ94 يوم، يعبر "نسمان" عن تضامنه، بالظهور خلف قضبان، فيما كُتب على سترة وراءه "صحافة"، مجسدا مشهد للأسير، والنفس اللوامة بالسوء، وكل السائلين عن مواصلته المقاومة، فينفعل مَن بالسجن قائلا "قضيتي الأرض".

لا يختلف وضع "نسمان" عن أي مواطن بغزة، ذاق ويلات الاحتلال، من نزوح الاجداد عن بلدتهم "حمامة" بالضفة الغربية عام 1948 إلى غزة، فباتت بالنسبة له مجرد اسم، بعد الحصار المفروض على القطاع، وعانى فقدان الأهل في سبيل المقاومة، إذ استشهد أخيه بالانتفاضة الثانية عام 2002 في حصار كنيسة المهد ببيت لحم أثناء اجتياح الاحتلال للضفة الغربية، ولا تزال ذكرى الحرب تؤرق مضجعه "إن سكتت الصواريخ والقنابل فلا زال الحصار يزداد سوءا والفقر يرتفع والبطالة تتفشى والاحباط هو الشعور العام لدى أبناء غزة المقهورة".

48 ألف شخص يتابعون المقاطع المصورة لـ"نسمان" عبر فيسبوك، لكنه يعتبر الأكثر نجاحا هو فيديو "حفل الرقم 6"، والذي ظهر به الفنان الفلسطيني، بصحبه عدد من شباب غزة، ساخرين من الأوضاع بالقطاع، التي تضمن كثير منها هذا الرقم، بدءً من وصول سعر جرة الغاز إلى 60 شيكل، وتوفر الكهرباء فقط لـ6 ساعات باليوم.

على طريقة "اللمبي" وجه "نسمان" إحدى رسائله المصورة إلى الرئيس الفلسطيني عباس أبو مازن، ، يقول إن تلك الشخصية مشهورة عربيا وفلسطينيا، لذا رغب أن تكون رسالته بهذا اللون، لتنتشر بشكل كبير، وأيضا تقديم شكل مختلف، في تقليد الشخصيات الذي يتقنه، ولا يقتصر على ما هو معروف منها، بل يختلق أيضا شخصيات أخرى، حال "مرزوق" تلك الشخصية البسيطة، المضحكة التي عبر من خلالها عن بعض المشاكل الاجتماعية التي يمكن أن تحدث في غزة، وبكل مكان

يجد "نسمان" دعما جيدا كلما نشر إحدى المقاطع المصورة، التي يعتمد أغلبها على مجهوده الفردي، في ظل سعيه لتشكيل فريق عمل لإنتاج أفلام قصيرة بجودة أكبر،  وتزيده ردود الفعل  تالإيجابية حماسا للمواصلة، متحديا الصعوبات ليس فقط في ضعف الإمكانيات لكن انقطاع الكهرباء، التي يقول إنها "أم الأزمات" التي يواجها، إلى جانب الخوف من الملاحقة الأمنية، لذا تخرج الفيديوهات من قلب المعاناة، معبرة بصدق وابتسامة عما يلاقيه أهل غزة، حاملة أمنية خاصة للفنان الفلسطيني على مستوى بلده المحتلة وعربيا "أن نتقبل الآخر ونحترمه ولا نفكر في نفيه أو تصفيته وأن ننتقد نقدا بناءً بأدب".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان