إعلان

"الحبس الانفرادي".. تجريم بقوة القانون وانتهاكات داخل السجون (تقرير)

06:47 م الأربعاء 08 يونيو 2016

ارشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت ـ هاجر حسني:

في 2011 اعتبرت الأمم المتحدة الحبس الانفرادي لمدة طويلة "تعذيبا يجرمه القانون" وركزت المنظمة في تقرير لها على وضع المساجين بأمريكا كونها من أكثر الدول التي تمارس مثل هذا الانتهاك لمدة طويلة مع السجناء وقال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب خوان منديز في بيان صحفي "حتى إذا تم تطبيق الحبس الانفرادي لفترات قصيرة من الزمن، فإنه غالبا ما يسبب المعاناة النفسية والجسدية أو الإذلال، ويرقى إلى حد المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو العقاب"، مضيفا "وإذا تزايد مستوى الألم أو المعاناة، قد يرقى الحبس الانفرادي إلى حد التعذيب".

ومن خلال هاشتاج "لا للحبس الانفرادي" دون نشطاء عن أحوال المحبوسين انفراديا في السجون حيث يقضي السجين 22 ساعة بمفرده ممنوع من التعامل مع الأشخاص ويكون من حقه ساعتين فقط للتريض ويكون أيضا بمفرده، فيعاني كلا من أحمد دومة من الحبس الانفرادي منذ 3 سنوات، يوسف شعبان سنة وشهر، عمرو علي 9 شهور انفرادي، وآخرهم مالك عدلي منذ ما يقرب من شهر تقريبا.

مالك عدلي:

تقول أسماء علي، زوجة المحامي الحقوقي مالك عدلي، إن المشكلة الحقيقية ليست في الحبس الانفرادي ولكن في الحقوق المنقوصة والتي لا يحصل عليها السجين "أي مسجون بيبقى من حقه ساعتين تريض في اليوم ويدخله جرايد وسرير ينام عليه"، ولأن الحبس الانفرادي لابد أن يكون على أساس مخالفة السجين لنظام السجن، فوجود عدلي بالانفرادي غير مبرر "هو من أول يوم سجن وهو في الانفرادي، وكل مرة بروح ومعايا لائحة السجون وبسأل القائمين على السجن فين حقوق مالك من سرير وتريض، يقولولي معلش بس دي أوامر من جهات عُليا".

لم تلاحظ أسماء على زوجها تأثيرات نفسية كبيرة ولكن كأي شخص في مثل هذه الظروف بدأت تظهر عليه بعض التأثيرات البدنية "مالك شخص قوي وهو متأثر بدنيا لأنه كمان مريض ضغط، ومؤخرا بدأ يطلب مني حاجات زي الرُكبة ودي بتدل إن عنده تيبس في المفاصل، كمان الضغط بيعلى عليه لأن المكان ضيق"، تقول أسماء أن كل ما تطلبه هو تطبيق لائحة السجون دون تعنت "احنا مفيش باب مخبطناش عليه، قدمنا شكاوى في كل حته المجلس القومي لحقوق الإنسان، وأصدقاء كتير لمالك قدموا شكاوى".

أحمد دومة:

"لسه خارجة من زيارة لأحمد، للأسف في تعمد تكدير ليه" كتبتها نورهان حفظي، زوجة الناشط السياسي أحمد دومة، على صفحتها الشخصية على فيسبوك عقب زيارة لزوجها، يقيم دومة في الحبس الانفرادي منذ 3 سنوات تقريبا حيث يقضي 22 ساعة بمفرده داخل الزنزانة وليس من حقه سوىساعتين للتريض "من فترة لما بدأ يزهق، بدأ يقدم طلبات لزيادة ساعات التريض لـ 4 ساعات بدل 2 زي ما اللائحة ما بتنص في حالات الحبس الانفرادي، وكان الرد في الأول ماشي هنشوف حاضر".

المنع من رؤية النور لعدد ساعات أكبر لم يكن وحده المشكلة ولكن المنع من مخالطة الناس أيضا "أحمد ممنوع يصلي في مسجد العنبر علشان ميشوفش ناس، وممنوع من التريض مع الناس بيتريض لوحده، وممنوع من الزيارة والجرايد غير القومية، يعني ممنوع من أي تواصل مع الدنيا، حتى الكتب بعد ما كان بقالهم شوية بيسمحوا بيها بقالهم أسبوع مانعين لأن الكتب بتتفحص علشان فيها كتب سياسية".

وتتابع "أحمد كان مُصر ييدخل في إضراب عن الطعام لأن الحياة مع استمرار الحبس بالشكل ده بقت مستحيلة وكان مفترض داخل الإضراب من بكره، بس نصحته بلاش علشان معدته اللي هي أصلا بايظة"، ورغم ذلك تقول حفظي إن ما يقال لها هو إن دومة مرفه ولديه أشياء لا يملكها غيره.

فقد الإحساس بالزمن:

تُعدد منى حامد، استشارية الطب النفسي بمركز النديم تأثير الحبس الانفرادي على الأشخاص، فتقول إن غياب المؤثرات الحسية والسمعية والبصرية عن شخص لفترة طويلة يؤثر على عقله وبالتالي يفتقد التركيز والإحساس بالزمن والمكان، وخلال الفترات الطويلة يؤدي إلى حدوث هلاوس، نتيجة افتقاد التواصل مع البشر ولمس الأشياء.

وتضيف أن بالأساليب الجديدة في الحبس الانفرادي من ضيق المكان وعدم صحيته والمنع من استخدام دورات المياه الخارجية، يؤدي لنقص الأكسجين وانتشار البكتيريا والعدوى، ونفسيا يعد الحبس الانفرادي من أقصى أنواع التعذيب، متابعة أن هذه الأعراض ربما تحدث وربما لا تحدث، وأحيانا تكون متفاوتة، وعقب خروج الشخص من الحبس الانفرادي تظهر عليه علامات خلل في الذاكرة والتركيز وطريقة التفكير، وكذلك أعراض ذهانية وخلل في درجة الوعي، وهو ما يسبق مرحلة الغيبوبة.

وعن مدة علاج آثار الحبس الانفرادي بعد الخروج، تُشير استشارية الطب النفسي إلى أن الأشخاص تختلف في درجة تأثرها بالحبس الانفرادي من حيث السن وقوةه الشخصية وخبراته في الدنيا وبالتالي فالعلاج يختلف من شخص لآخر.

مخالفة للقوانين:

وعن مدى اتفاق الحبس الانفرادي مع القوانين، يقول جورج إسحق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن الحبس الانفرادي للمحبوس احتياطيا غير وارد، وقانون تنظيم السجون في المادة 14 منه أنه يجوز للمحبوسين احتياطيا الإقامة في أماكن منفصلة مؤسسة عن غيرهم من المسجونين مقابل مبلغ لا يقل عن 15 جنيها يوميا، وفي حدود ما يقرره مساعد الوزير لمصلحة السجون ووفقا للائحة الداخلية.

وأضاف أن معنى ذلك أنه لا يجوز أن يقيم السجين في غرفة لا يوجد بها مرتبة أو مياه أو مروحة، لانه بذلك يتنافي مع هذه المادة ويخالف بذلك القانون، ومن حق محامي السجين أن يتقدم بشكوى بأن هناك مخالفات تتم بحق موكله، متابعا أن المادة 44 بند 3 من القانون تنص على أنه "لا يجوز أن يزيد الحبس الانفرادي عن 15 يوماً".

ويرى محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أن الحبس الانفرادي ذُكر في قانون تنظيم السجون وخاصة المادة 44 على أنه عقوبة يجوز لمأمور السجن توقيعها على المسجون في حالات معينة كنوع من أنواع التأديب وجاءت في إطار عدد من عقوبات أخرى من الممكن أن يوقعها المأمور على السجناء وتنص على "يجوز لمأمور السجن توقيع العقوبات الآتية، الإنذار، الحرمان من بعض الامتيازات المقررة للمسجون، الحبس الانفرادي لمدة لا تزيد عن أسبوع.

وأضاف زارع أن هذا النص في وجهة نظره معيب لأنه يجعل من مأمور السجن قاضي يوقع العقوبة على مسجون دون محاكمة ودون الدفاع عن نفسه، وبالتالي فهي غير دستورية لأن الدستور ينص على أن كل من يقبض عليه لابد أن يعامل بما يحفظ كرامته ولا يجوز إيذائه بدنيا أو معنويا وهو ما لا يحدث في الحبس الانفرادي.

وتابع أن ما يحدث مع بعض المحتجزين الآن على ذمة القضايا بيخالف القانون المصري نفسه، والكل يعلم مدى تأثير الحبس الانفرادي على الشخص فمن الممكن أن يجعله يمر بمرحلة اكتئاب ومشكلات نفسية، وعضوية كذلك نتيجة عدم تعرضه للشمس والاختلاط بالناس، لافتا إلى أن ذلك جريمة ترتكب في حق السجناء وطالما أن المحتجز مازال يحاكم لا يجوز الانتقاص من حقوقه الخاصة بالتريض والعلاج والطعام والزيارة حتى ولو كان محتجز انفراديا.

فيديو قد يعجبك: