إعلان

"سبوت لايت".. قوة الصحافة تكشف فضائح الكنيسة

02:06 م الجمعة 26 فبراير 2016

"سبوت لايت".. قوة الصحافة تكشف فضائح الكنيسة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- يسرا سلامة:

الصحافة تغير حياة الناس للأفضل بكشف الحقائق، هكذا كتب لها، وهذا هو دورها في الدول الديموقراطية، تكشف المعلومات وتتحقق من طبيعة المصادر، لا تسير في قافلة الدعاية، تضع تلك المكاشفات أمام المجتمع، والأهم من هذا تتعامل بمهنية مع كل "الضحايا"، ولا تبتزهم، وتسير بمنتهى الدقة وراء المعلومات، هذا ما سيكشفه فيلم "سبوت لايت"spotlight  لكل مشاهديه، بالإضافة لصورة أوضح للقوة الحقيقية للصحافة في المجتمع.

عن قصة حقيقية، يدور العمل حول وحدة تحقيقات استقصائية بصحيفة "بوسطن جلوب" بالولايات المتحدة الأمريكية، تلك الوحدة تسمى باسم الفيلم ذاته، تدور وراء القصص، ربما يتخذ مدى العمل في تلك الوحدة عدة أشهر أو أكثر من سنة، الصحيفة في بداية الفيلم تواجه برئيس تحرير جديد، له فكر مختلف يؤمن بدور التحقيقات و"النفس الطويل" في الكشف عن ما وراء القصص، في الوقت الذي كان فريق سبوت لايت يعمل على قصة أخرى، وجه رئيس التحرير الفريق إلى قصاصة أخبار  تتناول تحرش قسيس كنسي بالأطفال، لتبدأ مهمة الفريق بالبحث عن تاريخ اعتداء القساوسة على الأطفال.

من مقال رأي في أحد الجرائد، الأرشيف، ثم سجلات الكنيسة، المصادر المتعددة، وكأن الخيط قد انفرط أمام الباحثين عن الحقيقة والمتاعب أيضا، إذ كشفت التحقيقات عن رقم ضخم للقساوسة اللذين يتحرشون بالأطفال، بل وأن بعضهم يتم تعيينه بمعرفة الكنيسة، هذا كان الكشف الأكبر للفريق، بجانب ضغط ديني على الفريق، فجميعهم ينتمون للكاثوليكية اللذين ينتقدونها بتحقيقهم، بالإضافة إلى أن أكثر من نصف المشتركين بالجريدة ينتمون أيضا للكاثوليكية.

صورة رئيسية للفيلم

التحقيق الصحفي الذي ينمو من دقيقة لأخرى في العمل يتعرض لمواجهة غير متوقعة، وهى أحداث 11 سبتمبر، تظهر في الأحداث رجال الكنيسة كداعم نفسي لضحايا الحادث، مما دفع "سبوت لايت" للتوقف قليلا، وخلال العمل رفض مصدر أن يتم انتقاد السلطة الدينية في المجتمع خاصة خلال الأزمات، حيث قال أحد المصادر "هل تريدون أن يكره الناس الكنيسة، وأن يتوقف الناس عن الذهاب إليهم بأطفالهم؟"، كان ذلك ضغطًا آخر على الفريق.

لا تمر الأحداث بهدوء، بل يواجه الفريق الصغير ضغطًا آخر من بعض ضحايا التحرش، بعد التوقف عن العمل على التحقيق قليلا للتأكد من صحة المعلومات، كما واجه الفريق أزمة من داخل الصحيفة، وهى رؤية قائد الفريق الذي أداه الممثل مايكل كيتون بأن يتمهل الفريق في كشف التحقيقات، حتى يكتمل كشفهم عن الأسماء الحقيقية والكاملة من القساوسة المتورطين في قضايا التحرش بالأطفال.

بأداء تمثيلي مميز، عزف كل من الممثلين دوره، ليضيع المخرج المميز توم ماكرثي كل ممثل في حجم دوره المكتوب، دون أن تغزو شخصية على أخرى، ويسير كلُ منهم وراء أحد خيوط القصة، فمنهم من يبحث خلف الضحايا، وآخر يتحقق مع المحامين من طرف الكنيسة، وغيرهم تبحث مع القساوسة أنفسهم، وبنفس طويل لقصة "صلبة" بالأساس.

لم يبتعد عن الجانب الانساني للصحفيين، فالممثل مارك رافالو والصحفي في التحقيق أدى مشهدا مميزا عن صدمته في الكنيسة  التي كان يتمنى قضاء حياته فيها عقب الصحافة في الكبر، بعدما انكشف له كيفية اختيار القساوسة، إذ أصبح فاقدا لتلك الثقة، وكذلك كيتون قائد الفريق الذي لم يمنع ندمه من تفادي تلك القصة في صغره، عندما جاءت تلك الشكوى له حين كان صحفيا صغيرا وتجاهلها.

Spotlight

الأمر لم يكن سهلا، المصادر تعنتت في ذكر المعلومات، وكان هذا يواجه بإلحاح من الصحفيين، بالاضافة إلى البحث عن مصادر أخرى للتاكد من المعلومات، ذلك الاحساس بالصدق الذي ينمو لدى المصدر ، فيعطي للصحفي دفعة من المعلومات، يظهر جليا في مشهد لأحد ضحايا التحرش، والذي كان شابا ويعاني من أزمة نفسية يحكي الأمر لأحد الصحفيين، ثم يسمح بذكر اسمه في نهاية الحوار، كما اعتمد الصحفيين على الدقة بأسلوب متناهي، مثل سؤال أحد الصحفيين "كيف تم التحرش بك تحديدا؟"، ليذكر الضحية إن القس مارس معه الجنس الفموي، في اشارة لبحث الصحفيين عن دقة التفاصيل.

"لأسباب صحية".. كان السبب الذي يوضع في سجلات الكنيسة لإبعاد القساوسة المتورطين في قضايا التحرش، وكأنه صفة معروفة، كشفها فريق التحقيقات، وتقصى الصحفيون وراء القساوسة أنفسهم، بالاضافة إلى محامي الكنيسة الذي رفض في البداية الموافقة على أسماء القساوسة، وبعد إلحاح من قائد الفريق، أعطى للمحامي قائمة بأسماء وطلب الاشارة لمن تورط بالفعل في قضايا تحرش، ليختارهم جميعا.

لم ينساق الفريق أيضا وراء "النتائج الأولى"، وهو ما طلبه رئيس التحرير، ألا يوقع التحقيق بأسماء صغار، ولكن لكي يتم كشف أن هؤلاء القساوسة واختيارهم والتعامل معهم بعد قضايا التحرش تتم بموافقة "النظام"، الهدف الذي وضعه رئيس التحرير بكلمته "سوف نقضي على النظام"، والذي بالفعل تم الكشف عن لاحقا.

صورة جيدة، بحركات كاميرا متزنة، وبإضاءة مناسبة ليست فجة، حيث ابتعد المخرج عن الإبهار البصري وفي ذلك مساحة أفضل ليركز المشاهد مع القصة والأبطال المتعددين وحكاياتهم، السيناريو يكاد يخلو من الأخطاء الدرامية، صنعها مخرج العمل، ونص قوى شارك فيه مع السيناريست جوش سينجر  -مع مخرج العمل.

spotlight-29


مثلما كشف التحقيق الحقيقي لسبوت لايت، والذي نشر في 2002 عن كثير من الشهادات، كذلك قال مخرج الفيلم في أحد اللقاءات التلفزيونية إن شهادات وصلت لصناع العمل من ضحايا للتحرش بالقساوسة، القصة الحقيقة كذلك دفعت لاستقالة أسقف الكنيسة الكاثوليكية في بوسطن الكاردينال برنارد لُو، وبعد كشف التحقيق لاتهام 90 قسيس في بوسطن، قلت وتيرة تلك الجرائم في البلدة.

بست جوائز دفعة واحدة، يصل "سبوت لايت" لترشيحات جوائز أوسكار 2016، وهى أفضل فيلم "صورة"، أفضل ممثل مساعد مرشح لها مارك رافالو، ولنفس الفئة للممثلات مرشحة راتشيل ماك آدمز، وكذلك أفضل مونتاج، ولجائزة أفضل نص أصلي، وأفضل مونتاج سينمائي.

فيديو قد يعجبك: