ليفربول.. عندما تنتصر في معركة البقاء على قيد الحياة (تحليل)

كتب - محمد يسري مرشد:

الحياة أو الموت لا خيار آخر، النهاية تلوح في الأفق تبدو أقرب من أي وقت مضى وعليك أن تصارعها وتتكيف مع الطبيعية، تقاتل لإنقاذ نفسك والخروج من معركة البقاء على قيد الحياة منتصراً، وهذا ما فعله ليفربول الذي خاض معركة للبقاء دون الإفلاس وانتصر في النهاية.

في 2010 وقف نادي ليفربول العريق على حافة الإفلاس كان قاب قوسين أو أدني من إعلانه، والإفلاس في إنجلترا يعني الضياع، ليأتي المليارديرالأمريكي "جون دبليو هنري" وينتشل الريدز وهو على حافة الهاوية.

تراكمت الديون على ليفربول بسبب الإدارة السيئة لجورج جيليت وتوم هيكس المالكين السابقين، مجلس إدارة الريدز وافق على بيع النادي لتسديد دين مصرف "أوف سكوتلاند"، البنك الدائن صعد للحصول على قروضه البالغة قيمته 237 مليون جنيه وحكمت المحكمة البريطانية العليا بتسهيل عملية بيع النادي إلى دبليو هنري مقابل 300 مليون جنيه إسترليني رغم اعتراض جيليت وهيكس على سعر الصفقة.

إدارة الملياردير الأمريكي شهدت مراحل بين بداية مغامرة ثم بيع لاستثمار حتى تكوين فريق بالتزامن مع التخلى نهائياً عن فكرة البيع.

في البداية بدأ جون دبليو بمرحلة إعادة ليفربول في المنافسة، خسر أموالاً حتى جاء رودجرز عام 2012 وتعاقد مع لويس سواريز ودانييل ستوريدج مع صعود رحيم ستيرلنج.

وكان الفريق على أعتاب الفوز بالبريميرليج 2014، ولكن جيرارد انزلق ليبدأ مشروع أمريكي-ألماني بقدوم كلوب.

المشروع ببساطة، مدرب متميز، هوية بطل، التمسك بالنجوم والدعم اللا محدود في نقاط الضعف رؤية مشتركة جمعت الألماني والأمريكي فكانت النتيجة الفريق الأفضل في أوروبا.

"ساديو ماني، صلاح، أندي روبرتسون ، فابينيو ، فيرجيل فان دايك، أليسون بيكر"، هل تعلم أن القوة الضاربة للريدز كونها كلوب من 2016، وبدأ في الدعم مع كل موسم، براعة الإدارة تجسدت في بيع كوتينيو إلى برشلونة وتحويل قيمته لجلب فيرجيل وأليسون بنفس القيمة تقريباً، نقطة ضعف حولتها رؤية مشتركة لنقطة قوة دون المساس بالهجوم أو الاحتفاظ بالمكسب المالي.

أنفق ليفربول 350 مليون يورو على فريقه المرعب بخصم القيمة التي انتقل بها كوتينيو للبارسا، فقيمة ما دفعه الثري الأمريكي 200 مليون يورور تقريبا، أقل من قيمة تعاقد باريس سان جيرمان مع نيمار، وأقل مما دفعه برشلونة في التعاقد مع ديمبلي وكوتينيو نفسه.

الحلقة الأخرى بعد قيام الإدارة بدورها على أكمل وجه كان "كلوب" نفسه الذي أطلق على نفسه نورمال وخلال أول مؤتمر صحفي له بعد تعيينه مدرباً لليفربول، في سخرية من لقب جوزيه مورينيو "سبيشيال وان" الذي أطلقه المدرب البرتغالي على نفسه عام 2004.

كلوب تخلى عن عصبية كلوب لفلسفته التي يضعها قبل الفريق ونفسه بغض النظر عن مدة مناسبتها من عدمه، الألماني كان على النقيض يبحث عن البناء ويتنقل في بدايته مع الريدز بين 3-4-3 وبين 4-3-3، وضع مصلحة الفريق فوق الذاتية وهوس الفلسفة والاختراع، فعل السهل الممتنع وما ينبغى فعله لما يريد وصفه بالفيلسوف أو من غير كرة القدم، هو أعلنها بوضوح في بدايته ربما لأنه يعلم جيداً أن العادي في كرة القدم يستعصى على العديد من أقرانه.

ولأنه يبدو عادياً والمعادلة تحتاج شيئاً غير عادي كان في الكواليس رجل يدعى "أيان جراهام" عالم في الفيزياء النظرية وبطل ليفربول الخفى ومهلم كلوب الاستثنائي. ولكن كيف؟

فى مانشستر سيتي ستجد كرويف هو مهلم بيب جوراديولاً، ونفس الأمر في برشلونة وأياكس عشرات من المدربين يؤمنون بأفكار

أساطير تدريبية، فما الداعي ليفعل كلوب هذه الأمر الاستثنائي ويتجه لللفيزياء؟.

"أيان جراهام" طلب مقابلة كلوب، المدرب الألماني كان لا يضع تحليل البيانات فى مرتبة تسبق العمل على الأرض تحدث البروفسيور في جامعة كامبريدج مع كلوب عن معلومات تحليلية عن فريق بورسيا دورتموند فاجأت كلوب بل أذهله عندما علم أن جراهام لم يشاهد أى مباراة لفريق بورسيا، بل إن هذه المعلومات من إنتاج أن يبني خوارزمية رياضية صممها.

أصبح جراهام شريك بيب وملهمه الخفي، استخدم العالم خوارزميته لمراقبة أكثر من 100 ألف لاعب من جميع أنحاء العالم وبدأ في تقديم سيل من المعلومات حول الصفقات الجديدة، ومن يستحق المتابعة وكيف وأين يمكن توظيف الصفقات الجديدة؟ حتى فريق ليفربول أيضاً فتجد كلوب مثلاً، جوردان هندرسون يتحول إلى وسط جهة اليمين، فابينيو إلى ارتكاز قوي وقلب دفاع، ومن قبلهم إيمري كان كقلب دفاع ثالث.

الذكاء الاصطناعي مع المدرب السوى البارع في التعامل النفسي مع إدارة واعية تجيد دورها باحترافية مع نادٍ لديه ملعب أشبه بالجحيم وتاريخ عريض، وجماهير تسير معه أينما كان فلا تتنتظر إلا فريقاً لا يقهر وينتصر عن جدارة واستحقاق.