"مصر زي الأرابيسك".. كيف يرى الـ"الفلكلور" حفل الأمم الأفريقية؟

كتبت-رنا الجميعي:

لم يتعد حفل كأس الأمم الأفريقية ثلث الساعة، لكنه أبهر الجميع، وكان جليًا كم التفاصيل المعني بها في كل فقرة من فقرات الافتتاح.

اعتمد الحفل بالأساس على عنصر الإضاءة، حيث جاءت تصميمات كوادي النيل وظل طائر العقاب كجزء من عبقرية الإضاءة، وتقول دكتورة نهلة إمام، أستاذ الفلكلور في المعهد العالي للفنون الشعبية، إن التقنيات جاءت على أعلى مستوى "كنا بنتفرج على تصميمات في الغرب واليابان شغل إضاءة وكان مبهر وفعلًا اتعمل زيه في مصر بالشكل اللي شفناه"، وتُفسّر دكتورة نهلة الاعتماد على الإضاءة لأن لها تأثيرا في النفس وخلقت جوا أسطوريا.

وكمتخصصة في التراث تؤكد أن الجانب التاريخي المُستخدم في الحفل كان محققًا، حيث تقول "الحفل بيوصل إن رسالتنا الأولى للعالم هي تميز مصر الحقيقي في العمق التاريخي"، فقد جاءت أولى فقرات الحفل مُعبرة عن الحضارة الفرعونية من خلال دخلة الجيش المصري القديم، وطائر العقاب ووجه أحد الفراعنة.

وهذا ما تؤكده أيضًا دكتورة سامية قدري، أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس، سعدت كثيرًا بمرأى وادي النيل الذي يحتضن الأهرامات "لأن احنا بلد عريقة ومتنوعة ثقافيًا".

وقد صرّح محمد فضل، مدير اللجنة المنظمة لكأس أمم أفريقيا 2019، بأن حفل الافتتاح شاهده مليار ونصف المليار شخص حول العالم، وقد وصفت صحف عالمية مثل الجارديان وهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الحفل أنه كان مُبهرًا.

تم تمثيل الحضارة الإسلامية عبر استعراض راقصي التنورة، ورغم أن التنورة ليست تراث مصري أصيل كما تذكر نهلة، لكنها تستدرك قائلة "لكن أول مرة يتم استخدامها بالشكل الحلو ده، اتعودنا نشوف راقص تنورة أو اتنين لكن مش العدد الضخم ده، مع استخدام الإضاءة برضو".

كما أن لاستخدام التنورة تأويل آخر في رأي دكتورة سامية، حيث تقول إن الراقص هو الإنسان المثقل بالهموم "ومجرد ما بيرقص بيتحرر من كل القيود"، لذا فإن استخدام التنورة هنا رمز للتحرر من المشكلات التي تواجه مصر.

التنوع الثقافي من أهم ما أكد عليه الحفل في رأي نهلة، ففقرات الافتتاح لم تقتصر على الإشارة إلى الحضارة الفرعونية والإسلامية، بل ختم الحفل بفقرة استعراضية ترمز لأفريقيا، وعلاقتنا بها، عبر مُجسم الهرم الأكبر ظهرت خريطة قارة أفريقيا، ثم رموز كل الدولة من المشاركين بكأس الأمم "طول عمرها مصر لم تقطع علاقتنا بأفريقيا، وفي الفقرة دي هي بتأكد على علاقتنا بيها"، في نهاية الفقرة استخدمت الإضاءة لتمثيل شكل الملعب، تأكيدًا على أن كرة القدم جزء من هوية الشعوب.

استخدام الملابس أيضًا كان ضمن ما استرعى انتباه نهلة، بالذات أزياء الشباب المُشاركين في أغنية "متجمعين"، ورغم أن ارتداء الراقصين للملابس الحديثة شابهه بعض الانتقاد على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن على العكس من ذلك كان رأي دكتورة نهلة "المنفذين للحفل راعوا إن احنا مش منفصلين عن العالم، صحيح بنلبس مودرن لكن لا ينفي إن عندنا أصول".

في النهاية ترى دكتورة سامية الافتتاح كما هي مصر في الحقيقة "زي قطعة الأرابيسك"، فهي تحب استخدام ذلك المثال كما عبّر عنه مؤلف الدراما أسامة أنور عكاشة في مسلسله "أرابيسك"، حيث تقول "بميل إن عكاشة يقصد بكلمة أرابيسك مصر، لأن مصر فعلا كدا، عبارة عن أجزاء متبعثرة بتتجمع وبتدي صورة كاملة".