إعلان

حديث ومعنى (12): "لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ"

11:16 ص الثلاثاء 05 مايو 2020

مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب ـ محمد قادوس:

يقدم مركز الأزهر العالمي للرصد والافتاء الالكتروني (خاص مصراوي) تفسيرا ميسرا لبعض الأحاديث النبوية الصحيحة والتي تتعلق بالصيام وشهر رمضان المبارك.

ورد عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ» (متفق عليه، وهذا لفظ مسلم).

وجاء في تفسير مختصي المركز لمعنى الحديث النبوي الشريف أن الله تعالى- أوجب على المسلمين عبادةَ شهر من كل عام، وهي صوم رمضان، وذلك بالامتناع عن الطعام والشراب والشهوة من طلوع الشمس وحتى غروب الشمس؛ وبذلك يربط الإسلام بين العبد وربه بالعبادات الواجبة في أوقات مختلفة من أزمنة عمره، وحين ترتبط العبادة بالزمن فإن لها بداية ونهاية محددة قَدَّرَها الشارع الحكيم، ومما هو معلوم ومشاهد أن الزمن في هذه الدنيا يرتبط بحركة الشمس والقمر والنجوم في أفلاكها، فقد خلقها الله خلقًا محكمًا في نظام دقيق، لا يَخْتَلُّ، ولا يتذبذبُ، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (*) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ} [يونس: 5، 6]، وقال عز شأنه: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء: 12].

وحين يعلم العبدُ البدايةَ والنهايةَ فإنه يستخدم من الوسائل ما يُعَرِّفُهُ بهذه البدايات والنهايات، ومن ثَمَّ فقد استخدم الناس المزاول قديمًا لتحديد أوقات الصلوات المكتوبات، واستخدموا الساعات لتحديد الوقت ليلًا ونهارًا، ولا يزال العلم الحديث يستكشف وسائل مختلفة ومتطورة لتحديد الزمن تحديدًا دقيقًا، واستخدمت الآلات الحديثة للحساب بحيث تحسب في لحظة ما كان يحسبه الإنسان في أيام أو سنوات، وما اكتشاف «الفيمتو ثانية» على يد العالم المصري الفذ أحمد زويل رحمه الله منا ببعيد؛ إذ هو صورة من هذه صور هذه المكتشفات الدقيقة والبديعة.

وشهر رمضان شرع الله صومه، ولكي يصومه المسلمون صيامًا صحيحًا على الوجه الذي أمر الله به لا بد من تحديد بدايته ونهايته؛ وذلك بالقطع يتطلب وسيلة من الوسائل التي يتمكن منها المسلم مكانًا وزمانًا، قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، فحين كانت أمة الإسلام في الجيل الأول أمة أميّة لا تقرأ ولا تكتب ولا تحسب في مجموع أفرادها، وليس لها دراية بدراسة منازل القمر، ولا معرفة أو خبرة بعلم الفلك ربطت هذه العبادة بالمستطاع لآحادها؛ وذلك برؤية هلال الشهر، فصدر التشريع الإلهي على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» (صحيح البخاري)، وفي رواية له أيضًا: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ»، الشهر – بالحساب العربي - هكذا – وأشار صلى الله عليه وسلم بأصابع كفيه – وهكذا - مشيرًا بها مرة أخرى، تلك عشرون -وهكذا، وفي الثالثة أخفى إبهامه لتصير تسعًا، هذه إشارة لشهر، وإشارة أخرى لشهر آخر، يصفق بأصابع يديه العشر ثلاث مرات، فالشهر تسع وعشرون ليلة أحيانًا، وثلاثون ليلة في أحايين أخرى.

وعلى هذا التوجيه الكريم صام المسلمون بحكم قاضيهم بدخول الشهر إذا شهد عنده من يكتفي بشهادته أنه رأى الهلال، وبحكمه بانتهاء الشهر إذا شهد عنده بأن قد رؤي هلال الشهر الآخر.

وبعد أن تقدمت أمة الإسلام «أمة «اقرأ» علوم القراءة والكتابة والحساب، وتخصص الأفذاذ من أبنائها في علم الفلك، وحركات الكواكب والأجرام، وعلم الفضاء تحركت الأسئلة الجادة، وصار التجديد فريضة شرعية وضرورة حياتية، فاستنفرت عقول العلماء تستفسر عن مقصود الشرع بالرؤية، وهل هي وسيلة لعبادة؟ أو مقصودة بالعبادة؟

هل تظل الأمة الإسلامية – برغم التقدم العلمي والنهوض التكنولوجي - معتمدة على روية الهلال كوسيلة العلم الوحيدة بدخول الشهر أو انتهائه؟ أو تعتمد على هذه الوسيلة وعلى غيرها من وسائل العلم الحديثة التي وصلت إلى درجة القطع، وبلغت منزلة من منازل اليقين، باعتبار الوسيلة القديمة - كثيرًا - ما يعتورها النقص ويمازجها الخلل؟

وفي عصرنا هذا تجد من يتمسك بالقديم، ويعتز به، ويتهم كل وسيلة جديدة بالقصور والعوز والعور، ويتشكك في كفاءتها وقدرتها، ويتوجس منها خيفة، فيرى أنه يجب الاعتماد على الرؤية البصرية فحسب، ولا يلتفت إلى الحسابات الفلكية التي لها علماؤها المتخصصون، وربانها المتدربون، كما نجد من يسارع إلى الجديد، ويدعو إلى التطور والتخلص من الجمود، ولكل وجهة هو موليها، فالفريق الأول دافعه ديني مبني على حرصه على سلامة العبادة، وهو يتمسك بالنصوص، والفريق الثاني ينفذ إلى حكمة التشريع، وإلى روح العبادة ومقاصدها، وكلهم مجتهد مثاب، وإن كنا نميل إلى العمل بالطريقتين جمعًا بين الحسنيين.

واختلف العلماء في مسألة رؤية أهل بلد للهلال هل يلزم الصوم بقية البلاد إلى عدة آراء: الأول: إذا رأوا هلال رمضان في بلد لزم الصوم أهل كل بلد يوافق الرؤيا في المطلع أو يسبقه، دون البلاد التي تتأخر عنه في المطلع، وإنما لزم من سبقه لأن خفاءه عنهم كان بعارض حتمًا. الثاني: إذا رؤي هلال رمضان في بلد لزم الصوم أهل إقليم بلد الرؤية، دون غيرهم.

الثالث: إذا رؤي هلال رمضان في بلد لزم الصوم أهل البلاد التي تقع منها دون مسافة القصر. الرابع: إذا رؤي هلال رمضان في بلد لا يلزم الصوم غير أهل بلد الرؤية. الخامس: إذا رؤي هلال رمضان في بلد من بلاد المسلمين لزم الصوم جميع المسلمين في الأرض؛ لأن فرض الصوم في رمضان لا يختلف باختلاف البلاد، وقد ثبت رمضان.

وإن كان هذه الآراء لا تخلو من التخفيف والتيسير على المكلفين، بل تدل على مرونة الشريعة الإسلامية، وصلاحيتها لكل زمان ومكان إلا إننا نميل إلى الرأي الأخير جمعًا للشمل، ووحدة للصف، وعملًا على توحيد الكلمة.

ما يُستفاد من الحديث:

1-عناية النبي صلى الله عليه وسلم بأمته، وشفقته عليهم.

2- عناية الإسلام بعبادات المكلفين، وطاعاتهم وقرباتهم.

3- احترام الهلال شرعًا، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: «اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام .. هلال رشد وخير».

3- ربط مواقيت العبادات بالرؤية تيسير في أداء التكاليف الشرعية.

4- اللام في قوله: «صوموا لرؤيته» للتأقيت، لا للتعليل.

جاوب واكسب مع فوازير مصراوي , للمشاركة أضغط هنا سارع بخروج زكاة الفطر _ زكاتك هتوصل للمستحقين مصراوي هيساعدك أضغط هنا

فيديو قد يعجبك: