إعلان

الطريق إلى المعبر.. أيام الهروب من حرب السودان

06:21 م الجمعة 05 مايو 2023

الفرار من السودان - معبر أرقين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

- مارينا ميلاد:

بين حائطين- أحدهما للسودان والآخر لمصر- تجلس "هناء" داخل حافلة سياحية واقفة في طابور حافلات. أسندت رأسها إلى النافذة المجاورة، وراحت تطل من زجاج مُتسخ على أشخاص يسيرون وسط الصحراء حاملين حقائبهم، وآخرين يتنافسون على شراء مياه، ومن ناحية أخرى نساء يقضين حاجتهن في الخلاء محاولة الاحتماء في ظلام الليل.

لا تصدق "هناء" أن كل ذلك حقيقي، تشعر وكأنه كابوس. فالزمن توقف عندها في لحظة، تلك اللحظة التي كانت تركض فيها لتلحق بعملها، ثم صارت تركض لتهرب من الرصاص، حتى وجدت نفسها مجبرة أن تسلك هذا الطريق الشاق. خلفها حرب دائرة وأسرة مُحاصرة، وأمامها بلد كانت تخطط لتحقق حلمها فيه، والآن تتجه إليه كلاجئة.

"هناء" هي واحدة من نحو 100 ألف شخص فروا من السودان منذ اندلاع القتال بين القوات المتناحرة في 15 أبريل الماضي، حسبما أعلنت الأمم المتحدة.. تسرد قصتها واقعًا للهروب الكبير الذي يجري بالسودان الآن. لقد قضت خمسة أيام في هذا الطريق، وتبقى القليل منه لتمر من "المعبر".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحد 23 إبريل،

9 صباحًا

درجة الحرارة جاوزت الثلاثين بالعاصمة السودانية "الخرطوم". في هذا الجو العاصف، انتظرت هناء أبو بكير (24 سنة) مع 6 أفراد من عائلتها وصول الحافلة التي ستأخذهم إلى مصر عبر "معبر أرقين". لم يمض وقت طويل حتى توقفت أمامهم حافلة رمادية ضخمة، وخرج منها رجل ليحصل على 500 دولار من كل فرد قبل المغادرة.

كان ذلك الاتفاق الأفضل الذي توصلت إليه "هناء" بعد بحثها في سيل المنشورات على مجموعات "فيسبوك"، والتي تعلن عن رحلات الهروب من خلال المعابر الحدودية مع مصر وإثيوبيا. وقد قفزت أسعار هؤلاء مع مرور الوقت واشتداد القتال. فسعر بطاقة الحافلة من السودان إلى مصر الذي كان يصل في الأيام الطبيعية إلى 20 ألف جنيه سوداني (33 دولارًا)، تراوح الآن بين 300 و1000 دولار.

لملمت "هناء" ومن معها كل ما يملكونه من مال لدفع الأجرة إلى السائق، فمدخراتهم أصبحت مجمدة بالبنوك بعد توقف عمل ماكينات السحب بالعاصمة.

صعدوا إلى الحافلة، لكنها بقيت في مكانها حتى امتلأت مقاعدها الـ48. وعند الحادية عشرة صباحًا، تحركت ببطء ناحية "موقف حافلات قندهار" غرب مدينة أم درمان، والذي يبتعد عنهم نحو ساعة.

حبست "هناء" أنفاسها خوفًا من الطريق، وقبضت يديها على حقيبتها الصغيرة التي لا تملك سواها. كانت تحمل بها قطعًا بسيطة من الملابس و"لاب توب" وتذكرة طيران بتاريخ فائت إلى مدينة بورتسودان، حيث يسكن والداها وأشقاؤها.

لمعت عيناها بالدموع، وهي تحدثهم عبر الهاتف قبل أن تنقطع الشبكة، فتقول: "لا أعلم إن كنت سأراهم مجددًا أم لا!".

5

قبل تسعة أيام من هذا الوقت، قطعت "هناء" تلك التذكرة لمدينة بوتسودان مقابل 150 دولارا لتزور أسرتها التي لم تراها منذ شهرين. فهي تسكن مع خالتها بالخرطوم بحكم عملها في إحدى الشركات هناك كمصورة.

تتقاضى "هناء" التي درست المحاسبة، راتبًا مجزيًا تساعد به أسرتها وتنفق على شقيقاتيها الأصغر. فاشترت لهم بعض أغراض العيد، وكانت متحمسة لقضاء الإجازة معهم، قبل أن يأتي يوم السبت (15 إبريل) الذي قلب حياة "هناء" والسودان كلها.

في صباح ذلك السبت، خرجت "هناء" من بيتها مسرعة، وعلى ظهرها حقيبة بها احتياجاتها اليومية وملابس تكفي يوما واحدا، لأنها خططت للمبيت عن صديقتها في هذه الليلة.. فجأة، سمعت أصوات الرصاص تأتي من كل جانب دون تتوقف. فركضت عائدة إلى بيتها، لكن الأصوات ازدادت لدرجة مخيفة لم تعد معها قادرة على الوصول إلى البيت.

اختبأت في منزل أسرة أحد أصدقائها لأربعة أيام، قبل أن تنتهز فرصة هدوء قصيرة وتنتقل إلى بيت ابن عمها القريب. تقول "هناء" بنبرة تنم عن حسرة: "طوال أسبوع، لا كهرباء ولا ماء ولا نوم. فقط صوت قصف ورصاص، حتى إن مضاد طائرات وقع فوق بيتنا".

لاحقًا، علمت "هناء" أن قتالًا اندلع بين قوات الدعم السريع شبه العسكرية، وقوات الجيش النظامية، نتيجة صراع على السلطة بين اللاعبين الأقوى على المسرح السوداني منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019، وهما: عبد الفتاح البرهان (قائد القوات المسلحة والرئيس الفعلي)، ومحمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي" (نائبه وقائد قوات الدعم السريع).

تلك القوات اعترضت حافلتها 11 مرة خلال طريقها إلى المعبر. فثمة 5 ارتكازات لقوات الدعم السريع في مناطق بحري وشرق النيل، ثم 6 كمائن للجيش في أم درمان، كما تروي "هناء"، التي وصفت مشهدهم المتشابه لبعضه: "يدخلون الباص ويسألون هل أنتم أسرة ولا أفراد؟، ثم يتناقشون مع السائق، لا أعرف ماذا يقولون له!، وبعدها نمر".

مواقع الاشتباكات في الخرطوم

الأحد 23 إبريل،

2 ظهرًا

ترنّحت الحافلة وتمايلت في منعطفات. ثم تباطأت حركتها عند اقترابها من موقف قندهار في أم درمان. هنا تصطف عشرات الحافلات المماثلة والذاهبة إلى المعبر أيضًا، ومعها يعلو الصخب والأصوات المتداخلة التي تتفاوض على السعر والأحقية في الركوب. وسط ذلك، انتظرت حافلة "هناء" نحو نصف ساعة.

اغتنمت "هناء" فرصة وجود شبكة لتراسل والدتها. كان ملخص رسائلهما طمأنة كل طرف الأخر. فأخبرتها والدتها بأن الوضع في بورتسودان لايزال أهدأ من الخرطوم، لكنها لا تأمن الأيام المقبلة.

عَجز الطرفان عن اللقاء. كلاهما يخشى الطريق بين الخرطوم وبورتسودان، والذي يستغرق نحو 15 ساعة بالحافلة، وهو طريق غير مضمون آمانه حتى في أيام الهدنة، إذ لم تلتزم قوات الطرفين بالهدنات السابقة.

مضت الحافلة في مسارها بإيقاع أسرع. نظرت "هناء" من النافذة من زاوية مختلفة هذه المره.. كانت البيوت البنيه الداكنة والشوارع التي يقطعها النيل تجري أمامها مثل صور متعاقبة في فيلم تم تسريعه. فتقول آنذاك: "لم أفكر ابدًا في ترك السودان ولا أسرتي.. لكن هم من ألحوا عليّ.. فلا خيار أخر أمامي".

10

11

الأحد 23 إبريل،

6 مساء

وصلت "هناء" مدينة دنقلا، ولم تعترضهم أي تمركزات في هذا الطريق. ربما "دنقلا" المحطة الأهم في رحلتهم، فهي الاستراحة الأخيرة. وقد تكون آخر مكان به حمامات وكافتيريا لشراء مياه وطعام بكمية من المفترض أن تكفيهم لمدة غير معلومة.

اشترت "هناء" ومن حولها احتياجاتهم. كما صلوا صلاة المغرب هناك، ثم انطلقوا صوب المعبر.

في ذلك الطريق المظلم، استدارت "هناء" بين الحين والأخر لتتحدث مع رفقاء رحلتها، الذين يتململون في مقاعدهم، ويتحدثون عما حدث بالسودان وبهم: بداية من ارتفاع أسعار الوقود والخبز، ثم تظاهرات رفض استيلاء الجيش على الحكم، يليها السيول والفيضانات، وآخرها المعارك الواقعة هذه الأيام.

يتحول حديثهم بعد ذلك نحو الوضع الذي ينتظرهم في مصر. فيقول أقاربهم السودانيون الذين يعيشون هناك، إن الدعم الذي تقدمه المفوضية العليا للاجئين، لا يزيد على 450 جنيها شهريا للفرد (15 دولارًا) في بلد مزدحم يعاني من البطالة وارتفاع الأسعار والتضخم.

الإثنين 24 إبريل،

1 ونصف صباحًا

غلب "هناء" النوم واستيقظت على ضوضاء، تشير إلى وصولهم منطقة الدخول للمعبر في الجانب السوداني. كان أمامهم 8 حافلات فقط وورائهم نحو 50 حافلة. لكن عقارب الساعة بدت لها ساكنة لا تتحرك. لقد ظلوا على هذا الحال طويلا حتى أصبح خلفهم 200 حافلة.

ترى "هناء" أشخاصًا يحملون حقائبهم ويسيرون في الصحراء في محاولات بائسة لدخول المعبر، لكنها لم تفلح. فتملك الجميع الإحباط، حيث لا حمامات ولا طعام ولا دواء للمسنين، حتى إن الـ8 زجاجات مياه التي اشترتهم عائلة "هناء" من "دنقلا" نفذوا.

تقول "هناء": "كنا نتقاسم بقايا الطعام، واحاول ألا أكل أو أشرب قدر المستطاع لعدم وجود حمام!". فيما، لا تدرك سببًا لكل ذلك سوى ما يصل إلى مسامعهم: "الزحام ومشكلات الرجال والشباب المطلوب منهم تأشيرات".

فالتأشيرات هي أمر غير مطلوب لعبور النساء من المعبر المصري، في حين أنها ضرورية للرجال من سن 16 إلى 50 عامًا. وفي هذه الحالة، عليهم الذهاب إلى القنصلية المصرية في وادي حلفا، والتي تبعد عن معبر أرقين مسافة 8 ساعات.

3

واجه ابنا السيدة السودانية سلمى محمد هذه المشكلة، فالابنان البالغ أعمارهما (30 و28 سنة) عالقان في وادي حلفا قرابة الأسبوع (حتى كتابة هذه السطور)، في انتظار الحصول على جوازات سفرهما من القنصلية المصرية. وبالنسبة لهما، لم يكن الدافع الهروب من الأحداث فحسب، إنما ما هو أكبر من ذلك.

فقبل شهرين، جاء والداهما إلى مصر لعلاج الأب من مرض السرطان، فتقدم الشابان بطلب للحصول على تأشيرة، وحين اندلعت تلك المعارك بشكل مفاجئ، تعطل كل شيء حتى توفى والدهما ودُفن في مصر.

تقول الأم بصوت يقطعه البكاء: "من المسؤول عن كل ما يجري لنا؟!.. زوجي يُدفن في بلد غريب، وأبنائي لم يروا أبيهم قبل وفاته ولم يدفنوه أو يأخذوا عزاءه!".

عاشت "سلمى" سبعة عقود من تاريخ السودان المعقد والشائك.. ولدت بعدما نالت بلدها استقلالها من الاحتلال الإنجليزي، لكنها كبرت في ظل انقلابات عسكرية وانتفاضات شعبية رجرجت كرسي الحكم أكثر من مرة، حتى استقر عليه عمر البشير لثلاثة عقود. عقود شهدت صراع إقليم دارفور وانفصال الشمال والجنوب، وصولا إلى التظاهرات التي أطاحت بحكمه.

وحين تتذكر كل ذلك، تكمل حديثها قائلة: "رأينا كل شئ في السودان، لكن لم نرَ هذا الدمار من قبل".

6

الثلاثاء، 25 إبريل،

11 مساء

بعد يومين كاملين، دخلت حافلة "هناء" المعبر السوداني لتنهي إجراءتها، وبقوا ليوم أخر في ظل خدمات معدومة.

كادت "هناء" أن تسقط مغشيا عليها من الإنهاك وقلة الطعام والمياه. فتحكي كم أن الوضع مأساوي بالنسبة لكبار السن الموجودين معها في الحافلة. فهؤلاء يحتاجون إلى إسعاف، ولا يسمح لهم مكانهم الحالي بالعودة إلى السودان ولا التقدم نحو مصر.

في تلك الأثناء، أضاءت أنوار حافلة قادمة من جانبهم، وأنزلت مياه إلى الكافتيريا بالمعبر.. اضطرت "هناء" وعائلتها إلى الشراء منها بأسعار مرتفعة جدًا. فتشير إلى أن الحقيبة التي تحمل 6 زجاجات مياه تباع بـ5 آلاف جنيه سوداني.

وما إن فرغوا من مسألة المياه، حتى وجدوا أشخاصًا يعرضون تغيير عملة بفارق كبير عن السعر الرسمي. إذ حصلوا على الجنيه المصري مقابل 29 ألف جنيه سوداني، وهو في الأوقات العادية لا يتجاوز الـ19 ألف، وفقا لـ"هناء"، التي تقول : "قالوا لنا لا يمكنكم الذهاب بالعملة السودانية إلى مصر. لن يأخذوها، فلا أحد سيذهب إلى السودان ثانية".

اجتازت الحافلة الجانب السوداني للمعبر، ووقفت في منطقة الحياد، تلك المسافة الضيقة الفاصلة بين حائط مصري وآخر سوداني، والتي تحتمل نحو 6 حافلات على الأكثر.

هناك، تمكن الهلال الأحمر المصري من مساعدة الحالات المرضية واخذهم بالأسعاف إلى داخل مصر، كما وفر بعض الاحتياجات للقادمين، وفقا لما تحكيه "هناء".

لكنها قضت بها 6 ساعات أخرى، لم تعد معها تطيق الوضع.. صار يبدو عليها كل علامات التعب والإرهاق، وانهارت تمامًا، فتقول: "في لحظة، لم استطع رؤية المشاهد الموجودة حولي، شعرت أنه لابد من دخول مصر بأي طريقة".

2

الخميس، 27 إبريل،

8 مساء

أخيرًا، اندفعت الحافلة إلى المعبر المصري، واستغرقت الإجراءات 5 ساعات أخرى.. تنفست "هناء" الصعداء بعد عبورهم لكن بوجه خالٍ من أي تعبير. بعدها، تركوا الحافلة التي قضوا فيها 5 أيام وقطعوا بها مسافة 1500 كم، ليستقلوا أخرى تابعة للسائق لكن بلوحات مصرية.

تحركوا عند الثانية صباح اليوم التالي باتجاه القاهرة، حيث شقة صديق ابن عمها، الذي عرض استضافتهم. وأول ما فكرت فيه "هناء" هو طمأنة أسرتها في بورتسودان. لكنها لم تعثر على مكان لبيع خطوط مصرية، فاستعانت بهاتف شخص آخر لتبلغهم بوصولهم.

في تلك اللحظة، باتت "هناء" وعائلتها ضمن 16 ألف نازح قدموا إلى مصر عبر الحدود بعد الأحداث الأخيرة، وفقا لما أعلنته وزارة الخارجية المصرية يوم وصولهم.

1

في الحادية عشرة مساء الجمعة، مددت "هناء" جسدها على الفراش لأول مرة منذ 6 أيام. فتحت الإنترنت على هاتفها، فقفز أمامها خبر وفاة عمها قبل يومين، وهو ما لم تكن تعرفه لعدم وجود شبكة في المعبر. لم تسمح لها شدة تعبها بالحزن أو التفكير في شيء. كانت مستنفذة تمامًا.

في الأيام التالية، لحقت عمة "هناء" وابنتها بهم، ليسكن بالشقة نفسها 9 أفراد؛ تدور مناقشتهم طوال الوقت حول ما عليهم فعله، وتأجير شقة أخرى، كما يجمعون ما تبقى معهم من المال. بينما، انزوت "هناء" في أحد أركان البيت. لازالت مصدومة وقلقة على أسرتها هناك وتقول إن "أي صوت يحدث بالشارع يمكن أن يفزعها".

تزدحم رأسها بالأفكار المبعثرة: "إذا استقرت الأمور سأعود، لكن يبدو أن الأمر يسير نحو الأسوأ.. فكيف سأجتمع بأسرتي مجددا؟. هل سأجد فرصة عمل؟ هل يمكن أن ادرس السينما؟، لكن كيف يحدث ذلك بدون الكاميرا ولا الشهادات!؟".

فتحت "اللاب توب" الخاص بها، وهو الشىء الذي خرجت به من بين كل أغراضها، قلبت في الصور التي التقطتها وبينها صور المظاهرات المطالبة بانتقال السلطة للمدنيين.. تذكرت كيف كانت تجري وتخبئ كاميراتها، ثم تعود لتأخذها. فتقول: "ليس سهلا على فتاة سودانية حمل الكاميرا بالشارع!".

وإن حاربت "هناء" طوال حياتها القصيرة، فسيكون لأجل هدفين، الأول شراء تلك الكاميرا، وهو ما حققته العام الماضي بـ580 دولار، والثاني هو إدخار المال اللازم للتقديم لمعهد السينما في مصر، لأن - كما تقول – "هو مجال فقير بالسودان، فلم يكن هناك سينمات تعمل خلال عهد البشير المهيمن عليه الإسلاميين" .

لكن الحرب التي أنجبت للسودان أكثر من 500 قتيل وآلاف المصابين، وللدول المجاورة أمواجًا من النازحين، حالت بين "هناء" وحلمها وكاميرتها الموجودة في بيت خالتها الآن، مثلما أبعدتها عن أسرتها. وجعلت زيارتها إلى مصر مغايرة تمامًا لما رسمته في خيالها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- الصور الواردة بالقصة توثق محطات الرحلة - تصوير هناء أبو بكير.

اقرأ أيضًا:

العيد في "المسافة صفر" بالسودان.. سكان الخرطوم بين الموت والجوع

فيديو قد يعجبك: