ماذا يعني الحضور القوي للنساء في جائزة ساويرس الثقافية؟

07:18 م الخميس 06 يناير 2022

الدورة الـ15 جائزة ساويرس الثقافية

كتبت-هبة خميس ورنا الجميعي:

تُعدّ جائزة ساويرس الثقافية من أبرز الجوائز المعنية بالثقافة في مصر، وعبر 16 عام أظهرت الجائزة الإنتاج الثقافي الكبير والمتنوع الذي يُقدّمه الكتاب، وقد أثبتت النساء في جميع المجالات الثقافية وجودهن القويّ وسط المنافسة الشديدة، وفي الدورة الحالية من الجائزة برز حُضور النساء؛ ففي فرع الرواية اختيرت أربعة أعمال لكاتبات، وكذلك نفس العدد في فرع القصة القصيرة، مع تواجد للمرأة أيضًا في القائمة القصيرة لأفضل سيناريو وفي فرع النقد الأدبي والسرديات الأدبية.

إعلان

وفي هذا التقرير نسأل هل لحضور القوي للنساء في الجائزة معنى؟، ونستعرض بعض الآراء من أعضاء لجان التحكيم السابقة للجائزة، وفائزات في الدورات الماضية.

يُوضّح دكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة القاهرة، كمشارك في لجان تحكيم الجائزة في ست دورات سابقة-تحديدًا في فرع الرواية-، أن الحضور النسائي في الجائزة سواء في لجان التحكيم الخاصة بالجائزة أو على مستوى المتقدمات للجائزة حضور واضح، حتى وإن لم يكن تمثيلًا دقيقًا تمامًا لحضور المبدعات في الحياة الثقافية والإبداعية الراهنة. والمُؤكد بالإضافة إلى ذلك أن هذا الحضور الإبداعي والثقافي للكاتبات والناقدات في العقود الثلاثة الأخيرة تجاوز إلى حد بعيد جدًا حضورهن في العقود الطويلة السابقة.

ويُضيف أن لجان التحكيم في الجائزة تتسم بوجه عام بقدر كبير من النزاهة والموضوعية، والأعمال التي فازت بالجائزة منذ بدايتها وحتى الدورة الأخيرة للعام الماضي، فازت لأسباب تتعلق بالقيمة الإبداعية أكثر من أي سبب آخر.

كما يُؤكد على أن الجائزة أكثر نزاهة من جوائز كثيرة تنطلق من أولويات تتعلق بالسياسة أو النوع، أما بالنسبة لنوعية الموضوعات المُقدّمة نفسها، فإن اهتمام الكاتبات بقضايا وبوضعها المغبون ليس هو العامل الحاسم في فوز العمل، ولكن الأمر يتعلق في حيثيات الفوز بالقيمة الإبداعية، وبسؤال الإضافة التي يُضيفها العمل إلى ميراثه السابق.

وبوجه عام فإن دكتور حمودة يُلاحظ أن إبداع المرأة خلال العقود الثلاثة الماضية يزداد مع الوقت بشكل عام، وفي الرواية والقصة بشكل خاص، ويُضيف أن ذلك ملحوظ ليس في مصر فقط ولكن في كثير من البلدان العربية "أصبحت هناك تجارب متبلورة ومتقدمة فنيًا تُبدعها الروائيات والقاصات بشكل واضح ومشهود".

يتفق في ذلك الرأي الكاتب والصحفي هشام أصلان، الذي كان واحدًا من أعضاء لجنة تحكيم الجائزة في الدورة السابقة، فمن خلال تجربته في التحكيم وسط لجنة تتضمن ثلاث سيدات منهن أساتذة بالجامعة وروائيات، فقد تم اختيارهن لكفائتهن فقط دون وجود معيار جندري "فكرة التحيز لكونهم سيدات مكانتش موجودة لأن معيار الجايزة الوحيد كان للكتابة نفسها، واختيارنا بناء على الكتابة الجيدة فقط بغض النظر عن نوع كاتب ذلك النص الأدبي".

وبشكل عام يرى أصلان أن المرأة موجودة في المجال الأدبي بقوة وهناك عدد هائل من الكاتبات والشاعرات المتحققات في مصر، ويرى أن دلالات ذلك جيدة "ففي كل عام تحتوي الجائزة على عدد من الكاتبات"، ويُضيف أصلان أن المرأة في مصر أصبحت قادرة على التحقق وأخذ مساحة في المجال الثقافي والفني "وده يقول إن السيدات أصبحوا أقوى مش إن المجتمع أصبح أفضل".

كذلك يرى محمد شعير، الكاتب والصحفي الذي شارك في كواحد من أعضاء لجنة التحكيم في دورات سابقة، أنه ضد التحيز حسب الجندر، فلا يعتبر السؤال عن حضور المرأة أو غيابها مهم بالأساس "المهم هو أن الجائزة تُمنح لعمل جيد لكاتب أو كاتبة"، تتفق في ذلك دكتورة سلمى مبارك، أستاذ الأدب والفنون والأدب المقارن بجامعة القاهرة، التي شاركت في التحكيم في فرع السيناريو في دورات سابقة، وتُضيف أن تصدر النساء في القوائم لا يُعدّ مؤشرًا على شيء.

منذ سنوات تعمل مؤسسة ساويرس للتنمية في العمل المجتمعي ، وبصفتها ممثلة ومتحدث باسم المؤسسة ترى "وسام رجب" أن المؤسسة لديها اهتمام خاص بقضايا المرأة والتمكين الاجتماعي والاقتصادي لها، وهذا يعد واحدًا من أهداف المؤسسة منذ نشأتها، لكن الجائزة أمر آخر، فالتعامل مع الكاتبات ليس وفقًا للنوع بل بالعمل نفسه "مفيش فكرة التمييز حسب النوع لأن ده مش عادل".

تشرح وسام خطوات بداية كل دورة جديدة، حيث يتم اختيارلجنة التحكيم، وهي فقط المختصة باختيار الأعمال الفائزة دون وجود أي اعتبارات جندرية.

وبشكل عام فقد لاحظت وسام أن تواجد النساء في الجائزة أصبح مُتزايدًا خلال السنوات الأخيرة، كذلك داخل منح ساويرس التعليمية لاحظة ارتفاع عدد الفتيات لدرجة تصل 90% من مُجمل المنح، ومن وجهة نظرها ترى المتحدث باسم مؤسسة ساويرس أن ذلك يرجع للمجهود الكبير التي تبذله السيدات، مما يجعلهن يتحققن في كل المجالات، وليس الثقافية فقط.

في العام الماضي فازت الكاتبة "جيلان الشمسي" بالمركز الأول للجائزة عن مجموعتها القصصية "كأن تنقصه الحكاية"، وتلاحظ أنه لا يمكن إنكار تواجد الكاتبات في قوائم الجوائز مع زيادة أعداد الكاتبات نفسهن، وترى أن ذلك مؤشر إيجابي "وراها محاولات صادقة من الكاتبات نفسهم لإثبات نفسهن وكتابتهن، لكن أنا مازلت شايفة إن المجتمع بيحاول تحجيم الكتابة دي بأنه يحصرها في مصطلح الكتابة النسوية".

وهو ما ترفضه جيلان، فهي لا ترى أن هناك قانون يُلزم المرأة بالكتابة فقط عن قضاياها ومشاكلها كامرأة لأن ذلك يشبه فرض ذائقة معينة على القاريء، وتوضّح جيلان أن المرأة التي تكتب تبذل الكثير من الجهد بسبب مسئولياتها المتعددة "ضغوط الشغل مع المسؤولية عن بيت وأحيانًا أطفال، ده بيخلينا معندناش وقت للكتابة وبنفضل في صراع علشان نسرق وقت قليل نكتب فيه"، وتُدلل جيلان على ذلك بما فعلته الشاعرة الأمريكية "سيلفيا بلاث"، التي قدمت على منحة لكتابة روايتها كي تتمكن فقط من توفير جليسة لأطفالها لتتمكن من إيجاد الوقت للكتابة.

أما نهلة كرم، والفائزة بجائزة ساويرس عام 2019، لثاني أفضل عمل روائي عن رواية "المقاعد الخلفية" مناصفة مع الكاتب محمد عبد الله، ترى أنه من الطبيعي حضور النساء في قوائم الجائزة، كونهن مُتواجدات بقوة على الساحة الثقافية، كذلك تعتبر أن تقييم الأعمال يتم على أساس جودة العمل وليس النوع.

إعلان