إعلان

"مكتبة منتصف الليل".. كيف يؤرقنا الندم على الفرص الضائعة؟

12:51 م الخميس 09 سبتمبر 2021

كتبت- هبة خميس:

"لو عاد بك الزمن، هل ستغير ماضيك وتمحو أخطائك؟".

بجملة اعتدنا سماعها يفتتح الكاتب البريطاني "مات هيج" كتابه ليحاول معنا أن نجيب عن ذلك السؤال الذي لطالما شغلنا، من منا لا يوجه لنفسه اللوم على ضياع فرصة من بين يديه في الماضي ليؤرق عيشه في الحاضر؟ .
في قالب روائي يحاول معنا "مات هيج" كاتب الصحة النفسية الأشهر في بريطانيا و صاحب كتب: "أسباب للبقاء حياً" و "ملاحظات حول كوكب متوتر" التي تعتبر من كتب التنمية الذاتية الأعلى مبيعاً حول العالم، الإجابة على ذلك السؤال من خلال بطلته "نورا سبيد" .

في مراهقتها شعرت "سبيد" بأن الحياة أمامها تفتح لها زراعيها، فكرت في كل الاحتمالات الممكنة مع أمينة مكتبة مدرستها "السيدة إلم". في ذلك الوقت كانت "سبيد" تستعد لتصبح سباحة أوليمبية، عازفة موسيقى وعالمة في القطب الجنوبي.

تنتقل الأحداث للوقت الحاضر حيث "سبيد" فقدت كل تلك الاحتمالات في الحياة فتعيش وحدها بعد رحيل والديها و هجر أخاها الوحيد لها، حصلت "سبيد" على شهادة جامعية في الفلسفة لكنها تعمل بائعة في متجر للآلات الموسيقية في مدينتها الصغيرة "بدفورد".

تعيش "سبيد" حياة مليئة بالندم على كل الفرص التي تركتها، فتندم سبيد على قرارها بالتوقف عن السباحة مما كسر قلب والدها ومات، تندم على تخليها عن الفرقة الموسيقية مع أخوها فنبذها، تندم على عدم دراسة القطب الجنوبي وعدم السفر لاستراليا مع صديقتها المقربة وعدم الزواج من حب حياتها.

في ظل تلك السلسلة من الندم الذي لا ينتهي تقرر "سبيد" إنهاء حياتها عقب وفاة قطها الأليف وطردها من متجر الآلات الموسيقية.

"بين الحياة و الموت هنالك مكتبة، وفي تلك المكتبة، تمتد الرفوف بلا نهاية. كل كتاب يمنح فرصة لاستكشاف ما يمكن أن يحدث لو أنك تبينت خيارات أخرى. إن سنحت لك الفرصة للعودة إلى الوراء و محو ندمك ،هل كنت لتغير شيئاً؟ ".

في تلك اللحظة تنفتح مكتبة منتصف الليل أمام "سبيد"، المكتبة لا نهائية و تعمل بها أمينة مكتبة الطفولة السيدة "إلم" التي كانت ترشدها حتى مراهقتها لتحكي لها عن مكتبة منتصف الليل والاحتمالات التي أمامها.

تمسك "سبيد" بكتاب الندم الضخم لتعرف كم ندمت على الفرص في حياتها وتستخدم الكتاب وكتب المدرسة للتسلل لحيواتها المختلفة، في كل موقف هناك حياة تعيشها "سبيد" أخرى وباستخدامها للكتاب تستطيع القفز بين تلك الحيوات المختلفة لتقرر أي حياة ستحب أن تعيشها؟.

في البداية اختارت "سبيد" الإجابة على سؤالها الذي تندم بشأنه طوال الوقت و هو "ماذا لو لم أتوقف عن السباحة و لم أخيب ظن أبي بي؟".

تذهب "سبيد" لحياة تكتشف فيها أنها سباحة أولمبية شهيرة وغنية لها العديد من الكتب ومازال أباها يعيش حياته، لكن مع كل احتمال تعيشه تكتشف أن الفرص التي اعتبرتها ضائعة سلبت منها شيئاً، في بعض الحيوات تموت أمها مبكراً وفي حيوات أخرى لا تجد الراحة في أي شيء، وفي بعض الحيوات كانت أم وزوجة محبة لكنها افتقدت الشغف والدافع.

من خلال تلك القفزات بين الحيوات تتبدى ل"سبيد" الحقيقة الكاملة حول الندم وحياتها التي اختارت مغادرتها طواعية وكيف أضاعت الكثير في الأسى بشأن ما فاتها.

من خلال الرواية يعلمها "هيغ" الكثير بشأن الندم والفرص الضائعة كي نصبح أكثر مرونة في تقبل خساراتنا والتكيف مع الحياة التي نظن أنها لم تكن أفضل اختياراتنا.

فيديو قد يعجبك: