إفطار ودماء على القضبان... مصراوي يرصد وقائع حادث قطار طوخ

كتب-شروق غنيم وعبدالله عويس ودعاء الفولي:

تصوير-شروق غنيم:

كانت الساعة جاوزت الثانية ونصف عصر اليوم، جلس جمال عزمي أمام محطة قطار طوخ المتوجه للقاهرة. دقائق ويتبدل الحال. انقلبت أربع عربات من القطار، فيما لم يجد الرجل الخمسيني شيئا يفعله سوى الصراخ مناديا أهل قرية الحصن القريبة ليساعدوا المصابين.

وأعلنت الهيئة القومية لسكك حديد مصر، اليوم الأحد، أنه أثناء مرور قطار 949/ 3209 سياحي، المتجه من القاهرة إلى المنصورة، وفي تمام الساعة 13:54 سقطت 4 عربات من القطار عند مدخل محطة سندنهور، كما أعلنت وزارة الصحة والسكان، مصرع 11 شخصا وإصابة 98 آخرين في الحادث.

لم يدر عزمي ما يفعل "لقيت نفسي بجري على مسجد القرية عشان أنادي في الميكروفون"، لكنه وقبل الوصول وجد أهالي المكان يهرولون تجاه الحادث "كل واحد بقى بيعمل اللي يقدر عليه"، بعضهم اتجه ليحمل المصابين، بينما قرر آخرون إحضار الطعام، وبينهم وقف عزمي حائرا "اتصلنا بالاسعاف وجت بس مش قادر أنسى مشاهد الموت اللي شفتها".

يقطن عزمي على بُعد دقائق من مكان الحادث "أول مرة نقابل حاجة بالصعوبة دي"، لم تقو قدمه على حمله فجلس أرضا أمام العربات المنقلبة "مش قادر من اللي شفته أقوم أروح".

بصينية تحتوي على أطباق بطاطس وأرز، تجوب هنية طه، صاحبة الخمسة وأربعين عامًا في محيط مكان الحادث، تسأل بصوت واهن "حد لسة مفطرش يا أولاد؟".

من منزلها في كفر الحصة جاءت السيدة الأربعينية سيرًا على الأقدام قرابة ربع ساعة تحمل الصينية على رأسها، "رجعت من الشغل وحضرت الأكل مخصوص عشان أقوّت أهل الحادثة، هيفطروا إزاي؟".

اعتاد علاء الدين إبراهيم توزيع الطعام على المارة في منطقة طوخ، خلال شهر رمضان الكريم "بنحضر وجبات وعصاير نوزعها على الناس".

وما إن سمع ومن معه عن الحادث حتى هرولوا تجاه المكان بحثًا عن الأسر والعاملين "احنا هنا من الساعة اتنين ونص حاولنا نساعد اللي موجودين ووقت الفطار جينا بالأكل".

الشمس مالت إلى الغروب، ومازالت أقدام الذين يساعدون في الحادث تتحرك فوق القضبان، حيث ينادي أحدهم "حد هنا مفطرش؟"، بينما يسعى آخر لسؤال الجالسين بالقرب من القطار المنقلب، "محتاجين حاجة هنا؟"، مازال الونش الضخم يحاول رفع العربات، فيما لا تتوقف المعونات عن المجيء.