إعلان

لاكتشاف العالم بأيديهم.. "حكاوي" يقدم تجربة مسرحية لأطفال التوحد

10:23 م الأحد 07 نوفمبر 2021

مهرجان حكاوي لفنون الطفل

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:

بينما يتوافد الأطفال رفقة أسرهم أو في رحلة مدرسية لحضور عروض المسرح المقدمة في مهرجان حكاوي لفنون الطفل، كانت ثمة تجربة خاصة؛ عرض بلا جمهور ولا أضواء تصوير، فقط يدخل إليه ثلاثة صغار. عمل القائمون على "حكاوي" لتقديم فن يخاطب أصحاب اضطرابات "طيف التوحد".

حسب منظمة الصحة العالمية، طيف التوحد هو اضطرابات في الدماغ تؤدي إلى صعوبة التواصل الاجتماعي وتكرار تخزين الاهتمامات والأنشطة، ووفق وزارة التضامن، في مصر هناك ما يقرب من 800 ألف مصابًا بالتوحد.

عام 2017، شاهد فريق مركز أفكا للفنون -المؤسس قبل 11 عامًا- عرضًا مسرحيًا يُقدم في اسكتلندا يسمى "storm أو العاصفة". كانت المرة الأولى التي يعرف مصطفى محمد، المدير التنفيذي لـ"أفكا" أن هناك فنًا يستهدف الأطفال المصابين بالتوحد "عجبنا الموضوع وقررنا يكون العرض ضمن برنامج مهرجان حكاوي". في مارس 2019، حضرت الفرقة الإنجليزية إلى مصر لتقديم التجربة، وعزم القائمون على المهرجان للاستمرار، لكن مع تفشي فيروس كورونا تغيرت الخطط.

ينظم مركز أفكا للفنون مهرجان فني دولي للطفل "حكاوي" منذ عام 2011، على أن يجمع كل عام عروضًا دولية ومحلية مخصصة للأطفال من جميع أنحاء العالم بهدف تعليم وترفيه الأطفال المصريين وعائلتهم من خلال الفنون والثفاقة.

مع التأكد من إمكانية إقامة المهرجان هذا العام، عمل القائمون على التحضير للعروض، معتمدين على تشجيع الفنانين المحليين إما بتقديم أعمال خاصة بهم، أو تدريبهم لنقل تجربة دولية، وبالفعل بالتعاون مع الفرقة الإنجليزية، أقيمت ورشة إلكترونية لفريق عمل أفكا، حضرها مصطفى، ثم أُطلقت دعوة للفنانين المصريين وأخصائيين التوحد للمشاركة في صناعة عرض مسرحي.

لبى العديد الدعوة كما يقول المدير التنفيذي لـ"أفكا"، لكن تم اختيار 6 أشخاص فقط لتبدأ رحلة إنتاج تجربة مسرحية لأطفال التوحد.

على مدار 5 أشهر، عكف فريق عمل التجربة المسرحية على التعلم "كان بيحضر التدريب 3 متخصصين في التوحد واحدة منهم بتشتغل في مستشفى العباسية"، وفي شهر سبتمبر المنصرف توقف التدريب، وأصبحوا أمام مرحلة الاختبار.

ما كان أفضل من عيادة التدخل المبكر للتوحد في مستشفى العباسية لتقديم العرض بها، وحينما تأكدوا أنه ليس هناك ما يتعارض مع حالة الأطفال، انضم "تجربة المسرح لأطفال طيف التوحد" إلى برنامج مهرجان حكاوي لفنون الطفل هذا العام، والذي أقيم في الفترة من 2 إلى 6 نوفمبر الجاري.

داخل مقر الجامعة الأمريكية، في إحدى قاعات العرض، يتواجد ثلاثة فنانين من بينهم مصطفى، قبل البدء يستعدون بتجهيز المكان، يوزعون في الأرجاء كرات بلاستيكية، علب كرتون، أكواب ورقية، زجاجات بلاستيكية وغيرها من أدوات يمكن تشكيلها واللعب بها، ثم يتفقون على الأدوار التي يقومون بها "مثلاً اعمل رجل فضاء فألف رجلي وايدي بورق فويل فضي وامسك رول كرتون" كما يقول مصطفى.

مع دخول الصغار، يبدأ الفنانون في التمثيل، لكن ليس كأي عرض تفاعلي، يترك المشاركون الخيار للطفل إما بالتفاعل "في اللي بيقلدنا أو يبقى حابب يعمل زينا"، أو الجلوس صامتًا. في مسرح التوحد لا مكان للضغط أو دفع الأطفال لشيء ولو كان بهدف المرح.

يوضح مصطفى السبب في حضور ثلاثة أطفال فقط "عشان الولاد اللي عندهم توحد حالة خاصة. العدد القليل هيكون فرصة للطفل يقعد ويبقى مريح ويستكشف"، وهو الهدف من التجربة؛ أن تخلق مساحة آمنة للصغير الذي غالبًا ما يكون لديه تحفظ شديد من الغرباء، يتركون له الفرصة دون حكم "محدش يقول له صح أو غلط. ما تصرخش عشان في ناس حوالينا"، بل يقضي نحو 45 دقيقة لاكتشاف محيطه بيده وبالطريقة التي يرتضيها.

قُدمت "تجربة مسرح أطفال طيف التوحد" ثلاث مرات في مهرجان حكاوي، حرص القائمون على تحديد مسمى ما يقدموه "هو مش عرض مسرحي زي بقية العروض فيها سيناريو وحوار لكن محاولة لتقديم فن مختلف ومتوجه للطفل اللي عنده توحد"، كما يقول مصطفى، أحد الفنانين الثلاثة المقدمين للتجربة.

حضر التجربة أطفال ما بين عمر 3 إلى 10 أعوام، منهم مَن علمت أسرهم بالعرض عبر الإنترنت، وأخرون صغار مستشفى العباسية ممن شهدوا التحضير له. وكما أنها حالة استثنائية، جاء رد الفعل كذلك "اللي جم حضروا 3 مرات. أول مرة الطفل بيتعرف على المكان، تاني مرة بيتفاعل وفي المرة الأخيرة خلاص بيدخل على طول".

لا ينسى مصطفى أحد الأطفال عمره 10 أعوام، لم يكف عن الصراخ حينما حضر للمرة الأولى، وفي الثالثة ارتسمت على وجهه ابتسامة وظل ينظر لمقدمي العرض رغم أن حالته "مش بيبص في عيون الناس" كما عرفوا من أسرته. كان ذلك أفضل رد فعل حصل عليه الشاب ورفاقه طيلة أيام عرض التجربة.

لمسرح طيف التوحد قواعد تمسك بها القائمون على التجربة "ممنوع التصوير مراعاة لخصوصية الولاد.. ما ننتظرش نتيجة يعني مش شرط يتفاعلوا معانا. وأننا نسمع بدون حكم"، كذلك تدرب المشاركون في التجربة حتى أصبح سلوك فيهم كما يقول مصطفى.

رغم حساسية التجربة، لكن مصطفى يمتن للمشاركة فيها، مازال يتذكر عبارة أحد المتخصصين أثناء التدريب "لما تقابل طفل عنده توحد ده معناه أنك قابلت واحد مش كل الأطفال"، علم المدير التنفيذي لـ"أفكا" أن "مفيش كتالوج لأطفال التوحد"، لذا حرص في كل عرض أن يتعلم المزيد عن الصغار، فيما يأمل أن يواصلوا تطوير التجربة حتى تصبح عرضًا مسرحيًا متكاملاً يمكن تقديمه في أوقات مختلفة وليس فقط المهرجان.

فيديو قد يعجبك: