إعلان

"خناقة رابعة ابتدائي".. كيف اصطدم واقع التلاميذ والأهالي بتحديثات المنهج؟

06:41 م الأربعاء 17 نوفمبر 2021

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد زكريا:

منذ بداية العام الدراسي الحالي، تواظب والدة محمود هشام على مصاحبته في الطريق من المنزل إلى الحافلة التي تقله إلى المدرسة، المسافة ليست طويلة، مجرد شارع قصير، ترى نهايته من شرفة منزلها، لكنها لا تآمن لسير طفلها وحده، ليس انعداما ثقة في الأمن، لكن لحمل شنطته المدرسية، الثقيلة على ظهر طالب الصف الرابع الابتدائي.

مع بداية العام الدراسي وفي أكتوبر الماضي تفجرت أزمة حول مواد الصف الرابع الابتدائي، ما بين طلاب وأولياء أمور ومدرسون يعتبرونها ثقيلة كما وكيفا، فيما يجد فيها وزير التربية والتعليم والتعليم الفني نقطة في انطلاقة نحو تطوير التعليم في مصر.

والدة محمود مع تطوير التعليم، تقول إنها تتمنى لولدها أفضل السبل، لكن بين رغبتها تلك وواقعها تجد فجوة.

تعتقد والدة طالب الصف الرابع الابتدائي، من متابعة أمر دراسته، واختبار استيعابه دوريا، أن مناهج المواد ثقيلة على عقل طفلها، تخص بالذكر منهم العلوم والرياضيات، ما يجعل مساعدتها له أصعب.

داخل مدرسة عثمان بن عفان التجريبية بالحي التاسع في مدينة العبور، كان سيد النجار منهمكا في شرح مادة العلوم لطلابه.

ورغم مرور ما يقرب من نصف الفصل الدراسي الأول، لم ينجز النجار غير شرح 8 دروس فقط من أصل 48، هو عدد دروس مادة العلوم في نظام التعليم الجديد، بعدما كانت 8 دروس فقط في النظام القديم.

في العام 2016، أقرت الدولة نظاما جديدا للتعليم، سمي: "التعليم الجديد 2.0"، تم بناء إطار عام له في العام 2017، وتم البدء فيه بالعام 2018، حيث يُطبق النظام الجديد على كل المراحل التعليمية، من kg1 وحتى التعليم ما قبل الجامعي.

حتى اللحظة، يُطبق النظام على ما يزيد على 8 مليون طالب، من صفوف رياض الأطفال وحتى الصف الرابع الابتدائي.

ويقول وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، طارق شوقي، إن النظام الجديد يقوم على الفهم لا الحفظ، على البحث والإطلاع لا المناهج الجامدة.

لا أحد يختلف على أن تطوير التعليم في مصر ضرورة ملحة. فوفقا لمؤشرات جودة التعليم لعام ٢٠٢١، الصادرة عن الأمم المتحدة، تحتل مصر المرتبة 139 عالميا من بين 140 دولة. لكن تكمن المشكلة في شكل هذا التطوير وآليات تطبيقه.

مدرس العلوم يقول إنه مع التطوير، لكنه يختلف مع التطبيق العملي الحالي، ويضيف لـ"مصراوي": "لم تدربني الوزارة على النظام الجديد. ولا أعرف ما الذي يجب علي فعله، بعدما اقتربنا من نهاية نصف العام الدراسي، وفي رقبتي 40 درسا كاملة، من المستحيل شرح هذا الكم في الشهر ونصف الشهر المتبقيين".

يؤيد أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة دمياط ورئيس قطاع التعليم السابق رضا مسعد، رأي مدرس العلوم، ويقول إن هناك مشكلة تتمثل في "عدم تدريب المعلمين بشكل مباشر على طرق شرح المناهج الجديدة".

ويشرح أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة دمياط فلسفة نظام التعليم الجديد: "النظام الجديد عبارة عن مصفوفة متكاملة، تنفذ من كي جي 1 حتى الصف الثالث الثانوي بشكل تدريجي ومتتابع، والصف الرابع الإبتدائي جزء من تلك المصفوفة، يكمل ما قبله ويبني على ما بعده".

يصف أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة دمياط، منهج الصف الرابع الابتدائي، في حديث لـ"مصراوي"، بـ"الممتاز"، لأنه "لا يحوي معلومات مباشرة" بل يقوم على "الفهم والاكتشاف والأنشطة الطلابية".

يرى أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة دمياط، أن الأزمة تعود إلى "عدم وضوح تلك الرؤية بالنسبة لأولياء الأمور، وعدم تعودهم والطلاب على النظام المستجد، والخوف مما هو جديد". ويعتقد أن الأزمة يلزمها "الوقت فقط" لحلها.

لكن أستاذ العلوم، وهو والد لطالبة بالصف الرابع الابتدائي، يرى أن الحل في "إعادة النظر في المناهج، وإلا ستضطر الوزارة إلى تكرار ما اضطرت إليه العام الماضي باعتبار كل الطلاب ناجحين بغض النظر عن الامتحانات، وهو ما يضر الطلاب ولا يفيدهم".

يبدو أن الأزمة مستمرة حتى نهاية الفصل الدراسي الأول، وربما تمتد بعده، لذا اقترحت نائبة البرلمان عن محافظة أسيوط صفاء جابر، عقد جلسات "حوار مجتمعي للوصول إلى صيغة تفاهمية لإنهاء الجدل المثار حول منهج الصف الرابع الابتدائي"، بعدما وصلتها "العديد من الشكاوى من طلاب وأولياء أمور".

وحتى تتخذ تلك المقترحات مسارا عمليا، قررت الطالبة بيسان مصطفى، طالبة الصف الرابع الابتدائي، ألا تقف عند حدود هذا الجدل، إذ ترى أن المنهج كبيرا وثقيلا، لكنها تتعامل معه باستمتاع قدر الإمكان.

وترى والدتها أن طفلتها تفكر وتناقش وتسأل، ما يجعل الأمر أسهل قليلا.

فيديو قد يعجبك: