إعلان

"كنا نتحرك بين الجثث".. تفاصيل 7 ساعات قضاها طبيب مع مصابي انفجار بيروت

10:27 م الخميس 06 أغسطس 2020

مستشفى أوتيل ديو-لبنان

كتبت-دعاء الفولي:

كان الطبيب إيهاب إبراهيم يُقطب جرح مريض فيما تُلح عليه سيدة بيأس، تسأله عن زوجها الذي قضى نحبه في انفجار بيروت، ظل يؤكد لها وفاته، لكنها لم تصدق، تمالك إبراهيم نفسه بالكاد، طلب من زميله إنهاء ما بدأ، ترك مستشفى أوتيل ديو لدقائق "كنت محتاج أتنفس.. مشاعري تغلبت علي.. كان الموقف فوق طاقتنا".

لم يمر طبيب العناية الفائقة والأمراض الصدرية بحدث مأساوي كأول أمس، قبل الانفجار بوقت قليل وصل منزله، ثم سمع دوي مرتفع، لم يعلم مدى سوء الأمر "لكن توقعت إنه فيه حالات هتيجي عنا لأن المستشفى بالأشرفية وهي منطقة قريبة كتير من المرفأ"، وصل إبراهيم المكان خلال دقائق "وخلال دقايق أخرى وصلت لنا مئات الإصابات.. درجة إنه ما بقينا قادرين نصنف احتياجات المصابين".

ص 1

لم يتضرر مستشفى إبراهيم بشكل كامل، ظلت الطوارئ مُتاحة لاستقبال الناس، فيما تم فتح العيادات الخارجية والغُرف الإدارية لاستيعاب أكبر عدد من المرضى، خلال ساعة كانت الغُرف ممتلئة عن آخرها "حتى إنه صرنا نعالج الناس بالدهاليز تبع المستشفى"، غير أن الأسوأ بدأ حينما لم يكن ممكنا التعامل مع جثث الموتى "لأنه البرادات مزدحمة وما فيه عنا رفاهية نقل حدا".

في طريقه للمستشفى، لم يكن يعرف إبراهيم طبيعة الانفجار "سمعت غنه صار قصف على المطار"، وقتها تذكر أن ابنيه في منزل جدهما بالجنوب "اتصلت على أهلي وطلبت منهم ينزلوا على بيروت"، بينما كانت زوجته التي تعمل بالتمريض في طريق عودتها للمنزل حين حدث الانفجار "وقتها اتصلت فيها ورجعت على المشفى لنعالج الجرحى".

من السادسة والنصف مساءً، بدأت ملحمة من علاج المصابين، كل من استطاع تقديم المساعدة فعل "حتى طُلاب الطب إجو عنا وسألونا شو ممكن يعملوا"، يحكي عن ذلك الطبيب المناوب، الذي لم يجد مكانا ليعالج فيه الناس بالداخل "ضلّه واقف خارج المشفى يستقبل الحالات ويعالجها بالشارع طالما يستطيع".

ص 2

كانت الإصابات متنوعة ومُخيفة، يتذكر إبراهيم سيدة مُسن، أتت مُتوفية "جسدها خارجيا كان سليم"، ولكن نزف الدم من أنفها وفمها "عرّفنا إنه الانفجار سبب نزيف بالدماغ"، عاين إبراهيم حالات أخرى شبيهة للسيدة "شخص مثلا متوفي ونكتشف فيما بعد إنه حدث تهتك بالرئة"، كان الطبيب يحاول التقاط أنفاسه أحيانا "لأنه مو قادر استوعب إنه لهالدرجة كان انفجار كبير وضخم".

حوالي الواحدة صباحا، هدأت الحركة قليلا "لكن ضل فيه حالات تيجي من مستشفيات أخرى والصليب الأحمر"، ترك إبراهيم المستشفى وذهب لأخرى، ليطمئن على ابنة صديق له، قبل أن يعود لمنزله، حاملا بداخله حُزنا وعجزا ومشاعر سيئة لم يختبرها من قبل، لم يهون عليه سوى رؤية وجه طفليه وبقية أسرته.

ص 3

عايش إبراهيم أحداثا ثقيلة ببلده "بين اغتيال شخصيات عامة وانفجارات"، حتى أنه يتذكر أذيال الحرب الأهلية اللبنانية عام 1996 وما خلفته من دمار، غير أن تلك المرة تظل مختلفة، لا يُقارن الهول فيها بأي تفاصيل أخرى "حتى انا كطبيب مُدرب أفزعني المشهد وأغضبني.. متذكرش إنه بحياتي كنت حانق على الوضع بلبنان متل الوقت الحالي"، لم يذق إبراهيم وزوجته النوم تقريبا منذ يوم الحادث، يشرح لابنه صاحب التسع سنوات المشهد بهدوء، فيما يُخبئ التفاصيل عن ابنته ذات الأربعة أعوام، كل ما تعرفه الصغيرة أن شيئا سيئا حدث ولن يمكنها مغادرة المنزل "بيكفي الصدمة ياللي بنمر بيها نحنا الكبار".

فيديو قد يعجبك: