إعلان

"جولدتسيهر".. والطعن في الإسلام والتشويش على الشباب

الشيخ أحمد تركي

"جولدتسيهر".. والطعن في الإسلام والتشويش على الشباب

الشيخ أحمد تركي
07:38 م الأربعاء 01 يوليو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تلقيت في الأيام الماضية عدة أسئلة من بعض الشباب ضحية التشويش السائد على صفحات السوشيال ميديا وبعض وسائل الإعلام... ومحور هذه الأسئلة:

كيف نتأكد أن القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة التي بين أيدينا لم يتم تحريفها خلال أكثر من 1400 سنة؟! وإذا كان الرسول بشرًا كما ذكر القرآن؟، كيف نفرق بين الوحي الذي نزل عليه وأعماله البشرية؟

فقلت لهم:

بسم الله الرحمن الرحيم:

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إلى أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا(11)، سورة الكهف.

هذه الآية تعلمنا أن هناك شخصيتين للرسول صلى الله عليه وسلم وهما:

1- شخصية الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم "بشر مثلكم" يأكل ويشرب ويتزوج ويتألم ويمرض ويتداوى ويطبق خبرات وتجارب الناس في الحياة وفي الحروب إلخ... إلى آخره. إنها مساحة قال عنها الحبيب صلى الله عليه وسلم: "أنتم أعلم بشؤون دنياكم" مساحة التطور الحضاري ومجالات الزراعة والصناعة وكل مجالات العلم... وهذه المساحة معروفة ومؤصلة عند صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وعند الراسخين في العلم إلى يوم القيامة..

هذه هي مساحة الحياة الكبرى التي يعيشها الإنسان، ويقرها الإسلام ما دام التطور الحضاري صالحًا ومصلحًا ونافعًا... قال تعالى: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" أي طلب منكم عمارتها..

وعلى هذا. عندما يمرض المريض نفسيًا. لا يسأل عالمًا أزهريًا إنما يسأل طبيبًا نفسيًا...

وعندما يحتاج الإنسان إلى خبير في مجال لا يسأل عالم الدين، إنما يلجأ إلى عالم هذا المجال..

"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".

ومن أقحم الدين في هذه المساحة أفسد على الناس دينهم ودنياهم!! بل وأساء إلى الدين!

2- شخصية الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم "يوحي إلىّ" التي علّمت الناس القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد... والتي علّمت الناس الحكمة، وهي تشمل: "أقواله -صلى الله عليه وسلم- وأعماله كرسول وتقريراته.... "ويعلمهم الكتاب والحكمة"، "من يطع الرسول فقد أطاع الله"، ولقد افتري على الإسلام صنفان من الناس، وهم من شوشوا العقول وسمموها..

الصنف الأول: من تطرف بالإسلام فحمّل الإسلام مسؤولية العفونة التي في عقله وإدراكه، فأجرم بدعوى تطبيق الإسلام، ولقد حذرنا صلى الله عليه وسلم من هؤلاء بقوله:

"يخرجُ فيكُم قومٌ تحقِرونَ صلاتَكُم مع صلاتهِم وصيامكُم مع صيامهِم وأعمالكُم مع أعمالهِم، يقرؤونَ القرآنَ لا يجاوز حناجرهُم، يمرقونَ من الدينِ كما يمرقُ السّهْمُ من الرميّةِ "

وبعض هذا الصنف ادعي معاداة الإسلام للحياة وللناس وأخذ يحارب باسمه مستخدمًا لنصوصه حتى ظن الكثير من الناس في الغرب والشرق أن هذا هو نموذج الإسلام!!.

الصنف الثاني: من تطرف ضد الإسلام

ومن أشد المستشرقين شراسة في الهجوم على الإسلام خلال تاريخه.

"جولدتسيهر" وهو مستشرق يهودي مجري ولد عام 1850. وتوفي عام 1921م، حيث حاول في كتبه الكثيرة التي ألفها وانتشرت في كل مكان نسف نسبة الإسلام (القران والسنة) إلى الرسول صلى الله عليه وسلم!!!

تلقى تعليمه في جامعة بودابست وجامعة برلين وجامعة لايدن بهولندا بدعم وزير الثقافة المجري وأصبح جامعيًا في بودابست عام 1872وفي العام التالي تحت رعاية الحكومة المجرية، بدأ رحلة عبر سوريا وفلسطين ومصر، واستغل الفرصة لحضور محاضرات المشايخ المسلمين في جامع الأزهر في القاهرة!!!

كان المستشرق اليهودي "جولدتسيهر" الذي يعده المستشرقون أعمق العارفين بالحديث النبوي. أْلف الكتب وكتب المقالات

بهدف الطعن في الإسلام وليس بهدف البحث العلمي!!؛ لأن هجومه الشرس على الإسلام كان يفتقد أبجديات البحث العلمي الصحيح! بدليل أن المستشرقين المتأخرين عنه تحرروا من متابعته وناقشوه في بعض ما قال ورأوا في أْحكامه على السنة جورًا وظلمًا.

ورد بعضهم -وهو ليس بمسلم- عليه وعلى تجاوزاته!

ففي كتابه "العقيدة والشريعة في الإسلام" والذي ترجمه د.عبدالحليم النجار. انتقد فكرة (التواتر). التي على أساسها نجزم بصحة وصول القرآن إلينا، وكذلك بعض نصوص السنة بدون تحريف!

والتواتر: هو أعلى درجات الصحة والثبوت عند المسلمين، حيث يروي الخبر جماعة عن جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب! بشروط التواتر المعلومة

وهو علمٌ انفرد به المسلمون دون غيرهم للحفاظ على القرآن والسنة الصحيحة من التحريف على مستوى اللفظ، وعلى مستوى المعنى..

والتواتر في اللغة معناه التتابع، أي جاء الشيء على أثر شيءٍ سبقه، أو جاء على عقبه وترًا وترًا أي فردًا فردًا. قال تعالى: "ثم أرسلنا رسلنا تترا". متتابعين..

يعني لم يحدث انقطاع في السند يؤدي إلى الشك!

وشروط التواتر هي:

أن يكون عدد رواة الحديث كثير بحيث يستحيل تواطؤهم على الكذب.

أن يروي هذا الجمع الكثير عن جمع مثله من أول السند إلى منتهاه.

مصاحبة خبرهم إفادة العلم لسامعه، ومعنى العلم درجته وطريقة الحصول عليه، فإمّا أن يكون العلم قد حصل بمجرد السماع بدون بحثٍ أو نظر، أو أن يكون حصل ببحثٍ وتحرٍ ونظر ويسمي العلم النظري.

أن تكون روايتهم عن حس، ومعني أن يكون محسوسًا أي يدرك من خلال إحدى الحواس كالسمع أو البصر.

هذا وقد وصلنا القرآن الكريم بتواتر على مستوى اللفظ والمعني! وهذه أعلى درجات التواتر!

فالقرآن الذي بين أيدينا الآن هو هو القرآن الذي نزل به جبريل عليه السلام من رب العزة إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، بلفظه على مستوى الحرف والكلمة والحركة والآية والسورة وترتيب السور... إلخ.

وقد تلقفه جماعة من الصحابة يستحيل تواطؤهم على الكذب، فأخذه عنهم جماعة أكبر يستحيل تواطؤهم على الكذب... إلخ. بسند متصل لم ولن ينقطع إلى يوم القيامة بإذن الله...

وهذا هو التواتر...

وبهذا التواتر أيضًا وصلت إلينا سنة النبي صلى الله عليه وسلم المتواترة، مثل إقامة الصلاة وكيفيتها، ومثل شعائر الحج وكيفيته...

والسنة التي لا تتوفر فيها شروط التواتر. تسمي سنة الآحاد!

وقد قام العشرات من علماء المسلمين بالرد على كل هذه الافتراءات بالحجة والبيان والتفنيد العلمي...

وأحب أن أطمئنكم يا شباب...

أن علم السند هو من العلوم المتسقة تمامًا مع العلم الحديث، فهناك طريقان لإثبات الحقائق:

1- البحث العلمي الحديث المتمثل في الدراسات والبيانات ولغة الأرقام "الاستدلال الاستقرائي" Inductive reasonin، وهو يستخدم للوصول إلى الاكتشافات العلمية والنظريات في العلوم science

2- التواتر، وهو منهج يستخدم؛ لتوثيق الحقائق التاريخية، وبه وصل إلينا الإسلام دون تحريف!

وعندما عجزوا عن تحريف الإسلام! زوروا معناه وتفسيره على نحو مسيء...

ونحن لهم بالمرصاد حتى نبين الحقيقة واضحة جلية تطبيقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُو لُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ"

أرجوكم يا شباب اسألوني عن أي علامة استفهام تشوش إدراككم على المستوي الديني!

فهذه رسالتي...

والله المستعان.

#إن_الله_معنا

#الشيخ_أحمد_تركى

إعلان

إعلان

إعلان