إعلان

"كورونا" لن يوقف المرح.. كيف يمر "يوم اليتيم" على الأطفال بعد منع الاحتفالات؟

02:09 م الجمعة 03 أبريل 2020

أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- شروق غنيم:

قبل أيام اجتمعت ميرفت القاضي، مؤسسة دار آلاء الرحمن للأطفال الأيتام، تخبرهم أن أول جمعة من أبريل 2020 ستكون مختلفة عن الأعوام الماضية؛ فالفناء الذي يكتظ بالاحتفالات والزائرين سيضحى خاليًا، لا فقرات ضاحكة للأراجوز أو العرائس ولا نزهة خارجية كحال 449 دار رعاية أيتام في شتى محافظات مصر بعدما مُنعِت التجمعات وفُرضت سلسلة من الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). أومأ الـ12 طفلًا متفهمين الأوضاع الجارية لكن صاحبة المكان الذي تأسس قبل خمسة أعوام أبت أن يمر اليوم دون إدخال البهجة على نفوس الصغار، فكان لها خطة بديلة.

قبل 17 عامًا بدأت فكرة الاحتفال بيوم اليتيم في أول جمعة في شهر أبريل، تمتلأ دور الرعاية بالزائرين، هدايا للأطفال وفقرات ترفيهية، غير أن هذا العام يحّل دون أي ملامح من تلك، بعدما قررت وزارة التضامن الاجتماعي أنه لن يتم تنظيم احتفالات هذا العام بيوم اليتيم الذي يأتي اليوم الجمعة 4 أبريل، في أي دار من دور الرعاية حفاظًا على سلامة الأطفال.
"بكرة مش هيعدي إلا والولاد مبسوطين"، أسرت القاضي تلك الأمنية في نفسها وفي صباح اليوم الجمعة ذهبت إلى الدار المستقرة في منطقة حدائق الأهرام، تمتلئ حماسة لأنها ستقضي اليوم مع الصغار كما اعتادوا، ربما لن يكون بنفس زخم الأعوام الماضية، لكنه لن ينقص بهجة عما سبق "جبت لهم هدايا وقضينا اليوم سوا".

طيلة الأيام الماضية لم يهدأ بال مي مصطفى، مديرة جمعية أنا متطوع أنا إنسان، فمنذ عشرة سنوات وبدأت رحلتها مع الاحتفال بيوم اليتيم؛ تنظم يومًا مختلفًا للأطفال في 16 قرية في مركز أجا بالدقهلية. في حافلات كبيرة يتحرك الأطفال برفقة مندوب من كل قرية نحو مغامرتهم السنوية، حوالي ألفي طفلًا يتجمعون في ساحة مُغلقة، ينبض المكان بحماس الأطفال، ضجيج ألعابهم حتى ينكسر ذلك مع أولى فقرات اليوم، يهدأ الأطفال منصتين لـ"السيرك"، ضمن برنامج ترفيهي يضم "فقرة ساحر، وأراجوز وكمان رسم على الوشوش".

منذ يناير الماضي وترتب مديرة الجمعية لذلك اليوم، لكن مع بداية مارس الجاري علمت أنه صعب تنظيم احتفالات "أهم حاجة بالنسبة لنا صحة الأطفال"، لذا سرعان ما غيرت مسار خطتها لليوم "ظبطت الهدايا بتاعتهم وكل مندوب من القرية هيبقى مسئول عن توزيعها للأطفال لحد عندهم مع إنه ياخد إجراءاته الصحية".

أخذ مندوب كل قرية يطرق أبواب الأطفال، وكذلك دار الرعاية الوحيدة بمركز أجا والتي تضم 16 طفلًا، يحمل حقائب الهدايا ووعود بأن ما إن تنتهي الأزمة وسيعود الاحتفال كما كان، تنهمر المكالمات على هاتف مديرة الجمعية "كل الأطفال زعلانين عشان بيستنوا اليوم ده من السنة، بس أنا قولتلهم إني هفرحهم بالهدية، وأول بس ما الغمة تنزاح والظروف تتغير ليهم عندي حفلة كبيرة مش شرط في شهر 4".

مع صباح اليوم الجمعة، استيقظ أطفال جمعية نواة الخير بينما ينتظر كل واحد منهم ملابس جديدة كما اعتادوا كل عام في مثل هذا اليوم "عايزين نفرحهم يصحوا يلاقوا هداياهم زي ما هي، كمان هنعملهم كل الأكل اللي بيحبوه". تحكي عبير الخياط رئيس مجلس إدارة الجمعية، فيما أعدت مفاجأة كبرى للأطفال العشرة بداخل المكان "جبت لهم بلاي ستيشن لإن اللي كان عندهم باظ".

التزمت الخياط بالإجراءات الوقائية للأطفال، لا أحد يدخل الدار "فيها 10 أطفال و5 عاملين مُقيمين عشان نضمن محدش يدخل ولا يخرج غريب عليهم"، طوال الشهر الماضي فرضت العُزلة الذاتية على الصغار "صحتهم عندنا بالدنيا"، فيما علمتهم طرق الوقاية الصحيحة "لكن ده مش معناه إننا منتبسطش بيومنا".
منذ انتشار "كوفيد-19" وثمة تفاصيل كثيرة تغيرت بداخل دار آلاء الرحمن، منذ اللحظة الأولى واهتمت ميرفت القاضي بإعلام الأطفال عما يحدث، صار التعلم عن بُعد، فيما حرصت على أن يُصبح العاملين مقيمين معهم "محدش يدخل باب الدار"، علّمت الصغار طريقة جديدة للترحيب "مبيسلموش بالإيد، بيطبطبوا على صدرهم كإن ده السلام"، فيما غيرت من طريقة التعامل معها "كنت زمان أما أدخل الولاد يتلموا حواليا يحضنوني"، لكن وضع الفيروس المستجد حاجزًا بينها والصغار "بقولهم محدش يقرب لي لحد ما أعقّم نفسي".
لم يمضِ اليوم دون أن ترسم القاضي البسمة على وجوه الأطفال، بحماس شاركتهم أنشطتهم من رسم وتلوين إلى مشاهدة التلفاز وكذلك سماع بعض الأغاني، يتلهّف الأطفال لاكتشاف ما تخبئه لهم الهدايا، فيما كانت مديرة المكان تخفي عنهم مفاجأة أخرى "جبنا التورتة واحتفلنا وقضينا اليوم كله ضحك"، فيما أخبرت الأطفال أنها لن تقضي اليوم بأكمله معهم كما مضى، وعدتهم بإقامة احتفالية كبرى ما إن تمر تلك الأزمة بسلام "والساعة خمسة همشي عشان ألحق أروّح قبل الحظر".

فيديو قد يعجبك: