اللعبة الشعبية بالصعيد.. لماذا يلجأ "ملوك التحطيب" لإقامة مدرسة بقنا؟

06:51 م الإثنين 23 نوفمبر 2020

لعبة التحطيب في صعيد مصر

كتب- محمد مهدي:

الصورة الرئيسية- حسام دياب:

على ضفاف النيل بقرية البحري قمولا بقنا، وقف عشرات الأطفال والشباب يرتدون الجلباب الصعيدي، في انتظار دورهم لتعلم فن "التحطيب" إحدى أشهر اللعبات الشعبية بوجه قبلي، بدا الحماس على الوجوه، بينما يقف أمامهم رجل ستيني لديه خبرة عالية في اللعبة "عشان يعلمهم خطوات اللعبة وطريقة التعامل مع العصا ويفيدهم من تجربه على مدار سنين" يذكرها حمدي كامل، مدير جمعية التنمية والبيئية، المسؤول عن أول مدرسة للتحطيب بالصعيد.

وتشتهر لعبة "التحطيب" في الوجه القبلي منذ عقود طويلة، لها قواعد ثابتة ومواعيد مُحددة على مدار العام، معظمها في الموالد الدينية أو المناسبات الكبرى أو الاحتفالات لدى العائلات الكبيرة، حيث يتوافد المئات من عشاق هذا الفن من مختلف المحافظات إلى المنطقة التي تستضيف المنافسة للبدء في ممارسة لعبتهم المفضلة.

ولا تزال لعبة "التحطيب" تتربع على رأس الرياضات الشعبية التي يحافظ عليها أهالي الوجه القبلي، يحرص على ممارستها الشباب والكبار، ويتعلمها الصغار بالمشاهدة والمتابعة والأسئلة، وفقا لحماد أبوعقل، لاعب "تحطيب" ينطلق خلف اللعبة في أي مكان "بيجلنا دعاوي عشان نحضر المناسبة، ومنقدرش نتأخر، دي متعة بالنسبالنا، ولعبة اتنين على المحبة بينا وأهالينا" يعتقد الرجل الأربعيني أنهم توارثوها عن القدماء المصريين، يقولها بفخر.

لماذا تُقام إذًا مدرسة بقنا رغم شهرة اللعبة بالوجه القبلي؟

يُجيب "كامل" المسؤول عن التجربة "المدرسة جزء من مبادرة عملناها في الجميعة؛ لاكتشاف المواهب من بلدنا في كل المجالات، زي القصة والشعر والمسرح وغيرها من الأنشطة" كان لديهم رغبة في إضافة نشاط رياضي "جاتلنا فكرة التحطيب، خاصة إننا عايزين نحافظ على اللعبة دي ونعلمها للأجيال الجاية ونستفيد من الناس الكبيرة اللي عندهم أسرار التحطيب".

لدى الجمعية عدد من المتطوعين، انتشروا في ربوع القرية والمناطق المجاورة "ابتدوا يزوروا الناس في البيوت ويعرفوهم على الفكرة"، كما توجهوا إلى اللاعبين الكبار في "التحطيب"؛ لتقديم عرض بنقل خبراتهم إلى الأجيال القادمة "والناس مشكورة تحمسوا للتعاون وإنهم يبذلوا أي مجهود للمدرسة"، بعد أيام من إذاعة الخبر حول التجربة انتظر "كامل" وإدارة الجمعية ردود الفعل حولها.

توافد العشرات من أبناء القرية للالتحاق بمدرسة التحطيب في مفاجأة لم يكن يتوقعها "كامل" وفريقه: "قلنا هنجمع بالكتير عشرة من الشباب في الأول، لكن العدد وصل لحد دلوقتي لـ40 واحد" يقوم على تنفيذ التجربة "محمد تكروني" باهتمام بالغ، يضع خطة لكيفية إتمام المشروع على أكمل وجه "له دور كبير هو والأسماء المشهورة في اللعبة زي (سيد حلمي) وغيره من الناس المعروفة في اللعبة".

منذ اللحظة الأولى وضعت المدرسة قواعد صارمة وأساسية من أجل الالتحاق بها "الزي الرسمي هو الجلابية، وإحنا وفرنا العصيان اللي بيتدربوا بيها"، حصلت المدرسة على عدد من العصي من خشب الخيرزان يتبادلها الأطفال والشباب: "واختارنا مكانًا يطل على النيل ليتعلموا فيه"، حيث يقع على بُعد مئات قليلة من الأمتار عن مقر الجمعية بقرية البحري قمولا.

أشهر ما يتعلمه الوافد الجديد على لعبة "التحطيب" هو طبيعة الإمساك بالعصا، وقواعد احترام الخصم، وكيفية الفوز بدون إيذاء الغير وأقصر الطرق للانتصار والتركيز التام رغم الزحام الشديد من حول المتنافسين: "وإنها لعبة ترفيهية، وكل الناس بتطلع مبسوطة في الآخر"، وجد القائمون على المدرسة تجاوبًا سريعًا من الطلاب الذين حرصوا على حضور كافة التدريبات.

ينوي "كامل" وأعضاء الجمعية التوسع في تلك الخطوة، خاصة بعد وصول عشرات الطلبات لهم من أجل الانضمام إلى المدرسة: "بعد أسبوعين بس جالنا اتصالات كتيرة وناس متحمسة إنها تقدم وتبقى معانا"، وهو ما يراه "كامل" نجاحًا للتجربة، ودليلًا على قيمة وأهمية اللعبة في صعيد مصر.

إعلان