إعلان

"العيد مش كحك وجناين".. أُسر تذهب للمتحف المصري "فسحة وعلام"

10:15 م الخميس 06 يونيو 2019

كتبت - إشراق أحمد:
أراد حسين غرياني أن تحظى ابنتاه برحلة لا تُنسى كما حدث معه قبل أكثر من 30 عامًا في زيارته الأولى للمتحف المصري، لذلك انتهز إجازة عيد الفطر واصطحبهما ليتشاركوا معًا مشاهدة الآثار.

ما زال المتحف قبلة الراغبين في "فسحة" مختلفة في العيد؛ تخرج حسين في كلية الفنون التطبيقية، عمل بالتصميم الهندسي، كان المتحف "ملجأ" له كما يصف، يتردد عليه كثيرًا للرسم، لكن هذه المرة مع ابنتيه إيناس وعاليا جاءت مميزة "قلت أجيبهم يتعرفوا على الآثار زي ما والدي عمل معايا زمان".

لا تغادر الأب الأربعيني التفاصيل منذ شتاء 1986 إلى الآن "لسه فاكر الجاكت اللبني اللي كنت لابسه وصاحب بابا اللي جيت معاهم ولسه الصورة اللي أخدتها محتفظ بيها" يقول حسين مبتسمًا بينما تطالبه عاليا، 8 أعوام، بالتقاط صورة لهما مع إحدى القطع الآثرية المعروضة.

1

كأنما سائحين؛ هيأ حسين الأجواء لصغيرتيه، سكنوا منذ الأمس فندقًا في وسط البلد، ومع ظهيرة ثاني أيام عيد الفطر، بدأت جولتهم مع زيارة المتحف، كان الأب المرشد السياحي، خلاف ما حدث معه صغيرًا "كنت بجري وألعب مكنتش مهتم بالشرح وفاهم اللي حواليا".

تسأل إيناس ذات التسعة أعوام مشيرة إلى رسم رجل صغير يمسك برأس آخر كبير على تابوت "هو ليه ماسك دماغه كده؟"، يجيبها الوالد "ده الراجل اللي حنط المومياء اللي كانت في التابوت". تواصل الفتياتان الأسئلة مع المضي نحو الأرجاء ولا ينقطع الأب عن الرد، فيما يتشاركون معًا التأمل والتجول بين صغار آخرين وفدوا مع آبائهم إلى المتحف.

2

برداء عيد أبيض اللون يتداخل مع الأزرق والزهري البهيج، أمسكت منة بيد والدتها بينما يسيران بين الآثار، لم ينقطع عن الصغيرة الحماس منذ ليلة أمس لعلمها بتحقيق رغبتها في الذهاب إلى المتحف. "عايزة أشوف توت عنخ أمون" قالتها منة لولديها. تهوى ذات التسع أعوام مشاهدة الأفلام الوثائقية وفي إحداها عرفت عن الملك المصري في الأسرة الـ18، ومن وقتها وتلح على أمها للقدوم.

"هي اللي صحتنا مفزوعين من النوم النهاردة عشان منتأخرش" تقول زينب تيسير، والدة منة عن قدومهم خصيصا من طنطا مستقلين القطار لأجل قضاء اليوم في التعرف على الآثار.

ذاقت زينب ذلك الاهتمام من قبل، كانت في عمر ابنتها حينما عرفت خطاها طريقها إلى المتحف بعدما اصطحبها والدها "هو اللي عرفني الأماكن الأثرية. كان بيجيبنا في الإجازات عشان كده مترددتش أجيبها".

3

بين طابقي المتحف يسير صغار الرواد بين ذويهم، ينطلق بعضهم بين الأروقة، يلمسون هذا التمثال، يدسون رؤوسهم في ذاك الفراغ، يلتصقون بالزجاج يلتمسون رؤية ما داخل الصندوق الخشبي من معروضات، تُلتقط لهم الصور التذكارية، فيما لا يمضي مسعد صلاح نحو ركن إلا وتتبع عيناه 10 أطفالاً، يناديهم بين الحين والآخر ليجمعهم، فهو مشرفهم في الرحلة القادمة من صفط اللبن، جنوب الجيزة.

منذ تولى صلاح إدارة النادي الشبابي قبل ثمانية أشهر، ويعمل مع الإدارة على إقامة الرحلات المجانية للصغار، قبل أيام أعلن عن زيارة المتحف، فانضم الأطفال العشرة، أكبرهم محمد في الصف الأول الثانوي وآية في المرحلة الإعدادية". تلك المرة الأولى لهم جميعا داخل المتحف.

4

"مبقاش في مدارس تعمل رحلات زي أيامنا للمتحف والآثار" يقول صلاح مبررًا انتهاز إجازة العيد في الترتيب للرحلة. يحمل المشرف والصغار السعادة ذاتها بينما تطوف معهم مرشدة في المتحف تشرح لهم عن مئات القطع الآثرية التي يضمها المكان.

ساعتان تجول فيها أبناء صفط اللبن داخل المتحف، تقول آية إنها ممتنة للقدوم "كنت هقعد في البيت لو مجيتش"، بينما يبتسم محمد قائلا "كنت هخرج مع صحابي كان ممكن أروح السينما" لكنه يعرب عن سعادته بالمجئ ورؤية أشياء جديدة "عرفت حاجات كتير عن الملوك والفراعنة وحضارة مصر"، فيما تتحمس حبيبة بالصف الخامس الإبتدائي وهي تختلف عن رفاقها الذين انجذبوا للمومياوات بينما تقول "حبيت الحلى بتاعة الفراعنة أوي".

5

أن يعرف الصغار شيئًا جديدًا هو ما يطمح إليه الكبار الوافدين إلى المتحف، حتى ولو كانت هذه الزيارة الأولى لهم أيضا مثل أحمد فتحي. قرر الأب العشريني أن يأتي لمشاهدة ما يهوى ويضع أبناءه في الأجواء التي تمنى لو حظي بها وهو في مثل عمرهم "أنا شغال في تجارة الفاكهة والخضار لكن بحب الآثار والتاريخ جدا ومكنش في فرصة أجي قبل كده". يسكن أحمد في المنصورة، ومع قدومه إلى القاهرة لزيارة أقارب زوجته رحاب، أعلمها برغبته في اصطحابها وابنيه عُدي وقُصي لرؤية التاريخ الفرعوني.

6

لا يتجاوز عمر أكبرأبناء أحمد ورحاب 5 أعوام، يدرك الوالدان "أنهم لسه صغيرين على فهم الحاجات دي". تنفلت أيدي الصغيرين مرات ويقفان إلى والديهما مرة، فيجذبانهما بالحديث عن أن هذه آثار تعود لمئات السنين وكم هي جميلة، ينقلان لهما حالة الانبهار التي انتابتهما "حاجات أول مرة أشوفها" تقول رحاب، فيما يخبرها ابنها عدي "صوريني مع الأسد يا ماما"، تبتسم الأم فهي تعرف رغبته في الذهاب إلى حديقة الحيوانات وليس المتحف، لكن يراهن الأبوان على أن اعتياد صغيرهما مثل هذه الأماكن سيجنياه في المستقبل.

7

فيديو قد يعجبك: