إعلان

كيف يري عمال "القومية للأسمنت" تعويضات إنهاء الخدمة بعد التصفية؟

03:55 م الخميس 14 مارس 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمود عبدالرحمن:

لم يتخيل الشاب الثلاثيني أحمد إبراهيم، الذي قضى 10 سنوات يعمل فني كهرباء بالشركة القومية للأسمنت، بأنه سيحصل على تعويض 200 ألف جنيه مقابل إنهاء عمله فجأة بالشركة الحكومية دون أن يكون له معاش ينفق منه على أطفاله الثلاثة وزوجته، في الوقت الذي سيحصل عامل آخر زميله على ضعف المبلغ بجانب معاش شهري يستند عليه، الأمر الذي أحدث حالة من الجدل بين مؤيد ومعارض لهذه التسوية؛ التي تخص 2000 عامل شملهم القرار.

نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة قطاع الأعمال، تفاصيل التعويضات المالية لعمال الشركة القومية للأسمنت، وفقا لاتفاقية التسوية التي تم توقيعها في حضور هشام توفيق ومحمد سعفان وزيري قطاع الأعمال والقوى العاملة، حيث ألزمت الاتفاقية الشركة بصرف مكافأة إضافية بواقع شهرين من الأجر الشامل لآخر شهر قبل صدور قرار التصفية، لمن لم تتجاوز مدة خدمته عشر سنوات، وثلاثة أشهر لمن تجاوزت مدة خدمتهم عشر سنوات، إضافة إلى مكافأة نهاية الخدمة وفقًا للائحة الشركة والتي تصرف بواقع شهر من الأجر الأساسي عن كل سنة من سنوات الخدمة بحد أقصى 75 ألف جنيه، على ألا يقل الحد الأدنى للمكافآت والمستحقات المالية المشار إليهما عن 200 ألف جنيه.

1

منذ ثلاثة أشهر، كان أحمد متجهًا إلى عمله كعادة كل صباح، ليتفاجأ بمنعه من دخول الشركة من قبل أفراد الأمن، للاستغناء عن خدماته، حالة من الذهول أصابت الشاب "يعني إيه فجأة يقولولنا شكراً مش عاوزينكم علشان الشركة بتخسر؟!".

وما ضاعف الحزن في نفسه هو معرفته بمبلغ التعويض الذي سيحصل عليه، مقارنة بالعامل الذي تخطى عمره الـ50 عامًا "أنا شاب عندي أسرة لازم أصرف عليها، وفلوس التعويض قليلة!"، ليصبح ما كان يتردد منذ 3 شهور حقيقة مؤكدة اليوم.

2

القومية للأسمنت، شركة حكومية، يتجاوز عمرها نصف القرن، يرجع سبب تصفيتها إلى الخسائر المتتالية التي حققتها على مدار السنوات الخمس الأخيرة، حيث وصلت خسائر الشركة العام الماضي إلى مليار و392 مليون جنيه، في الوقت الذي تصل فيه أجور العاملين إلى 355 مليون جنيه، وفقا تقارير لجنة التصفية.

فيما يبدي سيد صبحي، عامل بالأمن الميداني بالشركة، قبوله بمبلغ التعويض الذي حددته الشركة، لكنه يشترط لذلك إما أن يتم تحويله للعمل بإحدى الشركات الأخرى بديلاً عن وظيفته التي فقدها، أو أن يكون له معاش شهري كغيره من العاملين فوق 55 عامًا؛ يزفر بغضب ويقول إن طريقة تقسيم التعويضات غير عادلة؛ لأن أعضاء مجلس الإدارة هما اللي هياخدوا المبالغ الكبيرة لصالحهم عشان أغلبهم فوق سن الـ55 عامًا".

3

في أكتوبر العام الماضي؛ قررت الجمعية العامة غير العادية حل وتصفية الشركة، التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، كأحد الاقتراحات الخمسة التي أعدتها وزارة قطاع الأعمال العام في سبتمبر2018، بينما الـ4 خيارات الأخرى حددتها الخطة الوزارية في التحديث ودخول شريك فنى أو إجراء عمرات لخطوط الإنتاج أو إغلاق جزئي أو الإغلاق الكامل، بينما أوصت دراسة المركز الاستشاري بكلية الهندسة جامعة القاهرة، بعدم جدوى إعادة تشغيل الشركة القومية للأسمنت.

على بعد أمتار من البوابة الرئيسية للشركة، جلس أحمد علي محاسب تكاليف بالشركة، لم يزل الشاب الثلاثيني مستمراً بعمله حتى الآن؛ لكنه سيغادر قريبًا مثل باقي زملائه كما علم من إدارة الشركة، بنبرة حزينة يقول الشاب - الذي عمل بالشركة الحكومية أكثر من 9 سنوات - إنه لا يملك رفاهية البقاء يومًا واحداً دون عمل "وفي نفس الوقت التعويض ميكفيش أفتح مشروع".

4

منذ أسبوعين اقترحت الشركة على بعض العاملين الذين تم استبعادهم، العمل بقطاع الأمن بعقد لمدة سنة، وذلك بعد التوقيع على استمارة التنازل عن عملهم في الشركة، حتى يتم التصفية النهائية، وقتها لم يجد أحمد إبراهيم بديلاً آخر كمصدر رزق لأسرته؛ لذا وافق مضطرًا "علشان أعرف أأكل ولادي"، فيما يرى أن اقتراح العمل بالأمن حجة من الشركة لإجبار العمال على التنازل عن وظائفهم السابقة.

على العكس يرى محمد فؤاد، موظف بشبكة المياه بالشركة، أن مبلغ التعويض يعد مناسبًا بالنظر إلى موقف الشركة المادي، موضحًا أن العمال المعارضين للقرار يقارنون أنفسهم بعمال شركات الأسمنت الأخرى، التي يصل راتب العامل فيها أضعاف عامل الشركة القومية؛ لأنها تابعة لمستثمر أجنبي، بينما ترتبط الشركة الحكومية بميزانية محددة توزعها تعويضًا لعمالها "والمفروض يراعوا مصلحة البلد".

"كل ما أروح شركة يقولولي سنك كبير، أخدونا لحم ورمونا عضم" يطلقها "مصطفى علي" بغضب، مشيراً إلى أنه طالب نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بتوفير وظيفة أخرى للعمال المستبعدين بإحدى الشركات التابعة للشركة القابضة، لكنه لم يتلقَ أي رد.

54421014_2313932108853309_7932068717490339840_n (1)

طوال 10 سنوات؛ ظل أحمد كامل، عامل بورشة الكهرباء يُخصم من راتبه الشهري قيمة التأمينات، طوال تلك المدة يحلم الرجل الأربعيني بالحصول عليها في نهاية مدة خدمته؛ لكن القرار المفاجئ أطاح بأحلامه "مشوني وقالولي ملكش تأمين عندنا"، يتمنى الأب لطفلين أن يحصل على تعويضات أسوة بعمال الشركات الأخرى، والذين حصلوا على تعويض مادي أكبر مقابل مدة خدمتهم.

منذ حوالي أسبوع؛ اجتمع العاملون الشباب بالشركة، الذين يبلغ عددهم 580 عاملًا، تتراوح أعمارهم بين 30 و40 عامًا، برئيس الشركة القابضة اعتراضًا على مبلغ التعويض الذي تم تحديده لهم، مقترحين تصورًا جديدًا لتقسيم التعويض على إجمالي عدد العاملين، يقول إبراهيم إن ذلك التصور وافق عليه 7 من أعضاء النقابة، من إجمالي 11عضوًا؛ فيما اعترض عدد آخر ممن تخطوا الـ55 عامًا.

فيديو قد يعجبك: