بعد وفاة طفلة صعقًا بالكهرباء.. "أحمد" يحمي أعمدة الإنارة بمواسير بلاستيكية والتنفيذ مجاناً

كتب - عبدالله عويس:

كان مقطع الفيديو قاسياً بشكل لم يتحمله، لحظة انتشال طفلة صعقت بالكهرباء عقب مرورها إلى جانب عامود إنارة، تملكه الرعب من تكرار ما حدث مع آخرين، فلجأ إلى حيلة هي أقصى ما يستطيع، وما يملك كذلك، فقام بتغطية أحد الأعمدة قرب منزله بماسورة بلاستيكية، خشية تعرض أحد الأطفال لها، وأخبر جيرانه أنه سيقوم بتركيب الأعمدة لهم مجاناً.

في العام الماضي تابع أحمد عبد العليم خبر وفاة شب صعقاً بالكهرباء بعد هطول الأمطار، قرر في تلك اللحظة البحث عن فكرة يحمي بها الناس من الأعمدة في الأيام الممطرة، لكن هطول أمطار الثلاثاء الماضي كانت مبكرة بحسب الرجل ذو الـ37 عاما، وحين أمطرت حصدت معها أرواح الكثيرين على رأسهم طفلة مدينة العاشر من رمضان: «طبعا المشهد كان مؤلم جدًا وصعب نفسيا علي، وعندي 3 عيال مقدرش أشوف حد منهم بيحصل فيه كده» يحكي أحمد، والذي اشترى ماسورة بلاستيكية بسُمك كبير، كان سعر المتر الواحد لها 75 جنيهاً، فاشترى مترين، وقام بفتحها بواسطة منشار قبل تركيبها حول العامود القريب من منزله، وربطها بإحكام حوله، على أمل أن يكون ذلك بفائدة.

حيلة خريج دبلوم التجارة، والذي يعمل في عدد من الأنشطة التجارية ببنها، قد لا تكون الوحيدة، في صباح الخميس وجد صورًا لآخرين قاموا بلف أجولة حول أعمدة، وآخرون لجأوا إلى شرائط لاصقة، وهي أمور بحسبه ضعيفة ستؤثر فيها الشمس: «بس الماسورة تقيلة وماسكة نفسها ومش هتفك ببساطة، والفكرة إن لو العامود مكهرب محدش يلمسه من الأطفال بشكل مباشر». يعتقد الرجل أن فكرته صائبة وأن لها جدوى، رغم تشكيك البعض فيها، وثنائهم على مجهوده في نفس الوقت: «العامود بيبقى مرتفع عن الأرض فوق قاعدة خرسانية وأنا لما بلف حواليه الماسورة محدش هيلمسه بشكل مباشر فلو متكهرب أو في ماس محدش هيتأثر».

العامود الذي صنع له الشاب ذلك الغطاء البلاستيكي يقع على بعد خطوات من منزله، أمام بيت أحد جيرانه، وحين نشر الصور على صفحته نقلتها عشرات الصحف، واتصل به الكثيرون رغبة منهم في تنفيذها أمام منازلهم، ومنذ ذلك التوقيت وهاتفه لا يتوقف عن الرنين، ووعد الجميع بتنفيذ الأمر لهم مجاناً، شريطة أن يشتروا هم المواد الأساسية: «يعني هما 150 جنيه لكل عامود، لو كل واحد قصاده عامود عملها مش هيتكرر ده تاني ومنشوفش أطفال بتموت».