إعلان

"هندسة انتساب" وأب يعاند طليقته على حساب ابنه.. طرائف ومآسي تنسيق الجامعات

05:11 م الثلاثاء 17 يوليو 2018

احد الطلاب بمكاتب تنسيق الثانوية العامة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - نانيس البيلي

تصوير - علاء القصاص

"عاوز أخش هندسة انتساب".. لم ينس محمد عبد الفتاح" مشرف تنسيق الثانوية العامة، هذا الطلب الغريب الذي باغته به أحد طلاب الثانوية العام الماضي.

لم يكن هذا الموقف الطريف الوحيد الذي تعرض له الرجل خلال عمله بمكاتب تنسيق الثانوية العامة، فكثيرا ما يتعرض هو وزملاؤه لمواقف طريفة وأحيانا مأساوية، أحدها كان وصول العناد بين الأب والأم بعد الطلاق إلى تضييع مستقبل ابنهم وتدخل الأب لتحويل نجله المتفوق من هندسة إلى تجارة ليعاير زوجته.

وحكى عدد من العاملين في تنسيق الثانوية لـ"مصراوي" أبرز المواقف الطريفة والمأساوية التي تعرضوا لها خلال عملهم في السنوات الماضية والعام الماضي.
37230622_10212369378455026_5791266711458021376_n

هرمي نفسي من فوق كوبري قصر النيل

صراخ وبُكاء حار لفتاة في آواخر العشرينات مصحوب بكلمات متلعثمة "أنا هرمي نفسي من فوق كوبري قصر النيل"، ضَجت به كلية الهندسة جامعة القاهرة بعد ظهور نتيجة تنسيق المرحلة الأولى.

وأمام عدد من أساتذة الكلية وقفت الشابة تنتحب وتحكي "الخطأ الشنيع" الذي ارتكبته دون قصد بحق أخيها الحاصل على مجموع 98% علمي رياضة بعدما تولت مهمة تسجيل رغبات التنسيق له "كَتبتله هندسة زراعية في الأول افتكرت إنها زي الهندسة"، يروي "عبد الحميد حسن" مشرف بمعامل تنسيق هندسة القاهرة منذ أكثر من 15 عاما الواقعة التي حضرها ويتذكرها معظم العاملين بالكلية.

لم تكن شقيقة الطالب تعلم أن كلية الهندسة الزراعية التي كتبتها كرغبة أولى تأخذ من مجموع 70% وأنها تختلف عن كلية الهندسة التي يحلم بها أخاها وتضم أقسام "معماري ومدني واتصالات وكهرباء..."، تعاطف شديد أبداه أساتذة الكلية معها بعدما حكت لهم الوضع المآساوي وضياع حلمه بسببها "أخويا مكتئب في البيت وأنا هنتحر"، قبل أن يقوموا بمحاولات وينجحون في تحويل أوراق الطالب إلى كليتهم.

IMG-20180717-WA0013

هسجل في المرحلة الأولى وبعدين أمتحن ملحق

العام الماضي، وفي أول أيام تنسيق المرحلة الأولى، حضر طالب راسب في أحد المواد وحاصل على مجموع 82%، وداخل أحد معامل هندسة القاهرة أخذ يتجادل مع "محمد عبد الفتاح" مشرف التنسيق لتسجيل رغباته لكون مجموعه يدخل ضمن المرحلة الأولى "قولتله طيب استنى لما تمتحن ملحق وبعدين سجل في تنسيق الدور الثاني"، لم تفلح محاولات إقناعه في بادئ الأمر "قالي ماهي الكلية هتخلص، أنا عاوز ألحق مكان وبعدين همتحن ملحق"، قبل أن يستجيب أخيراً "لما قولته اطمن مش هتخلص ولو مجموعك جايبها هتلحقها".

نقله من هندسة لتجارة عنداً في طليقته

الانفصال بين الزوجين ووجود ابن لهما بالمرحلة الثانوية، من أكثر المواقف المآساوية المتكررة بالتنسيق، بحسب "عرفة محمد" مشرف التنسيق بهندسة القاهرة، فيذكر تلك السيدة التي جاءت تبكي بالكلية بعدما سجلت هي وابنها كلية الهندسة كرغبة أولى وظهرت نتيجة التنسيق وهو مقبول بها، بينما استغل طليقها معرفته بالرقم السري لابنه وقام بتحويله إلى كلية التجارة "عشان يعاند في مامته، مفيش تفاهم بينهم وبيطلع عالولد".

"إحنا كنا متعاطفين جداً معاها بس معرفناش نعملها حاجة"، يقول "عرفة" إن الأب استغل وجود فرصة واحدة لتحويل الطالب من كلية لأخرى بعد ظهور نتيجة التنسيق ومعرفته ببياناته وهي الرقم السري ورقم الجلوس وصورة بطاقته الشخصية".

الكليات بالحجز مش بالمجموع!

مع فتح باب التقديم لمرحلة التنسيق، يحضر بعض الطلاب باكراً إلى معامل التنسيق ويتسابقون للجلوس على جهاز حاسب آلي وتسجيل رغباتهم، "يقول هما قالولي كده روح بدري قبل الكلية ما تتملي، فاكر الكلية بالحجز وأسبقية التقديم مش بالمجموع"، ذلك الاعتقاد الخاطيء يصححه لهم "عبد الفتاح"، ينهمك في اقناعهم وشرح آلية القبول بالكليات "بقوله لو قدمت آخر يوم في المرحلة ومجموعك جايبها هتخشها مفيش شكلة".

IMG-20180717-WA0001

عاوز تجارة إنجليزي

الاصرار على اختيار الشعبة مع الكلية وقت ملأ الرغبات، من بين أكثر المواقف اللافتة التي يتكرر حدوثها طوال مراحل التنسيق، بحسب ما يروي عمر الغنيمي المشرف بمعامل هندسة القاهرة "مثلاً ييجي طالب يقولي عاوز أدخل تجارة إنجليزي، اكتبلي يلا في الرغبات"، يحاول "عمر" إقناعه بأن اختيار الشعبة يكون من الكلية بعد ظهور نتيجة تنسيقه "بس بتبقى دماغه مقفولة لحاجة معينة ومصر على اللي عاوزه".

تجارة إنجليزي وحقوق فرنساوي وآداب هي الكليات التي عادة يتكرر فيها إصرار الطلاب على تحديد الشعبة مع كتابة رغبات التنسيق، وقتها يشرح لهم عمر آلية التنسيق الداخلي للكلية التي تتبع خطوة ظهور نتيجة المرحلة "بفهمه إنه حسب مجموعه في اللغات الثلاثة عربي وإنجليزي وفرنساوي، ولو طابقوا الشروط الكلية هيختاروكي في الشعبة". ويؤكد: "ببقى مقدر إنه لسه صغير ومش فاهم وووالده مفهمه يختار كده، فبيرجعله".

أنا أدبي وعاوزة هندسة زراعية

أحيانًا يُصر الطالب على اختيار كلية معينة غير موجودة بشعبته بالمرحلة الثانوية، يذكر "عبد الفتاح" تلك الطالبة التي حضرت صباح أول أيام المرحلة الثانية، وتريد تسجيل كلية الهندسة الزراعية كرغبة أولى رغم كونها بالشعبة "الأدبية". حاول "عبد الفتاح يوضح لها أن تلك الكلية تقبل من شعبة العلمية فقط، ويشرح لها المتاح أمام الأدبي "تقولي عاملة حسابي أدخل زراعة، وفضلت قاعدة قدام الجهاز وبتعيط".

تعاطف الشاب الثلاثيني مع الطالبة وأخذ يتحدث مع والدها الجالس بجوارها "شرحتله كليات الأدبي المتاحة ليها، وفين وفين على فهموا"، يتعجب "عبد الفتاح" من جهل طالب الثانوي بكليات شعبته، وكيف له أن يذاكر طوال عام كامل على أمل كلية معروف أنه لن يدخلها "المفروض المدرسين يبقوا مفهمين الطلاب شعبتهم ليها كليات إيه".
IMG-20180717-WA0005

أنا واثقة في نفسي

صباح أمس، في أول أيام المرحلة الأولى من التنسيق، كان "عبد الحميد" يمر ويتابع الطلاب داخل المعمل، وقعت عينه على طالبة ملأت كل الرغبات بالمعاهد عدا أول رغبتين رغم أن المرحلة الأولى تتجاوز مجموع المعهد "اتفاجأت لأن دي كارثة".

وبعدما سألها عن سبب تصرفها أخبرته أنها متأكدة من قبولها بكلية السياسية والاقتصاد التي أدرجتها كرغبة أولى "أصل أنا مجموعي عالي وواثقة هتجيلي"، حاول الرجل الخمسيني اقناعها "قولتلها شيلي كل المعاهد أومال إحنا عاملين 60 رغبة ليه.. لو حصل حاجة هتبكي بعد كده وتبقى عايزة ترجعي لكلية مش هتعرفي".

الخوف على المستقبل

"من ضغط المذاكرة والاتباك وبيبقى جاب آخره"، هكذا يفسر "عبد الحميد" معظم المواقف اللافتة من الطلاب والتي يتخللها مراحل التنسيق، مضيفا: "فيه ناس بحس إنهم معزولين مش عارفين يستخدموا الكمبويتر والنت"، بينما يُرجع عمر ما يحدث إلى حساسية إجراء التنسيق "الخوف على المستقبل بيخلي فيه قلق"

IMG-20180717-WA0017

هندسة انتساب!

المواقف الطريفة والمأساوية تظهر في مراحل التنسيق الثلاثة على حد سواء، بحسب "عبد الفتاح"، فلا ينسى ذلك الطالب الحاصل على 51% بشعبة علمي علوم وحضر إلى معامل الكلية العام الماضي بعد فتح المرحلة الثالثة، وطلب منه أن يسجل له "هندسة انتساب": "هما قالولي فيه هندسة انتساب وعاوز أدخلها"، لم يدري "عبد الفتاح" إذا ما كان الطالب يمزح أم يتكلم بجدية، يضحك وهو يتذكر "قولتله فيه طب انتساب ينفع؟"

فيديو قد يعجبك: