مشاهد من وسط البلد: الأمن مستتب.. و"الخوف" أيضا (فيديو وصور)

10:48 م الإثنين 25 أبريل 2016

مشاهد من وسط البلد

كتب- أحمد الليثي:
تصوير: نادر نبيل
فيديو: مصطفى الشيمي

بعد نحو ساعة من صخب أحدثته مكبرات الصوت في ميدان طلعت حرب، بدأ المحتفلون بالذكرى الـ34 لعيد تحرير سيناء، ينسحبون رويدا رويدا حاملين أعلام المملكة العربية السعودية وصور الرئيس السيسي بوجوه ملأتها النشوة، كانت "فاترينة" مكتبة الشروق تختلج بعناوين الإصدارات الجديدة الممهورة إحداها بصورة لميادين الثورة في يناير 2011 وتعكس الشمس على صفحتها وجوه عساكر الأمن المركزي المصطفين بصورة ألية تأهبا لأي صدام محتمل.


على بعد خطوتين من رجال الشرطة راح الحاج محمد، المقبل على عامه السبعين يرفع كتلة حديدية ضخمة بالكاد يغلق بها الجزء الأخير من محل ملابس وحقائب السيدات "مش باين لها خير" لفظها بطريقة بائسة، معربا عن رهانه الخاسر بأن يمر اليوم دون قلق، فيما توجس شرا بسبب أصوات أبواق سيارات الشرطة التي لا تتوقف كل ربع الساعة، قبل أن يلوح بيمينه في إشارة لعدد كبير من المحال الموصدة في محيط الميدان "الكل بينفد بجلده.. الشرطة دي مش هتنفعنا، أول ما هيحصل دب الكل هيقول يا فكيك".

6 سيارات مصفحة، وسيارتين "بوكس" وعدد يجاوز الثلاثين شرطيا، وأفراد أمن بزي مدني بأعداد غير محصورة، 4 ضباط حاوطوا تمثال طلعت حرب من جهاته الأربع كأنهم قد وضعوه تحت التحفظ، بدا الأمن مستتبا، غير أن النفوس المحيطة بالمكان لم تكن كذلك؛ فقد كان الخوف خليلها، داخل فندق جراند رويال اصطف 10 شباب لم تتجاوز أعمارهم العشرين في انتظار فحص هوياتهم الشخصية، بينما وقف أحد العاملين بصيدلية العزبي يوزع نظراته قبل الميدان الخاوي فيما يستعد عدد من قوات الشرطة للتوجه صوب مسرح راديو "أنا لسة جاي بس بيقولوا في قلق هناك".


"يا كابتن رايح فين" أوقف بها رجل الشرطة –بزي مدني- شاب ريفي على الرصيف المقابل أمام "جروبي"، متجها صوب ميدان التحرير، قبل أن يصطحبه نحو بهو الفندق ليجاور رفقائه "المشتبه فيهم" في ذهول من الشاب الذي سلم بطاقته الشخصية وهو يتمتم "أنا عندي شغل" وهو لا يدري متى سينتهي هذا المصير.

في حوار جانبي كان أحد الضباط يهمس لصاحب محل أنه يكره التواجد في أيام التظاهرات، بينما يعقب شاويش يجاوره "إحنا هنا يا باشا بنصد أذى الناس.. بنقول حوش يارب، لكن عمرنا ما بنقرب من حد"، يمر بجوارهم ثلاثة مخبرين ممسكين بشاب ثلاثيني فارقت الدموية وجهه، ليتسلمه ضابط المباحث، الذي يدخل في الحوار بدوره "أنت لو قلتلي نفسك تعاقب مين.. هقولك القيادات اللي خلت البلد تبوظ من شوية العيال دي".

أعداد المخبرين في تزايد، أمام مكتبة مدبولي كان العساكر -بلباس مدني- يقفون في طابور للتمام بثلاثة صفوف متتالية دون أن ينبسوا بكلمة، في انتظار توزيعهم من قبل القائد ذو النظارة الشمسية، القابض على جهاز لا سلكي يتابع به حركة القوات في وسط المدينة، على مقربة تمرق طائرة حربية في السماء تراقب الأجواء.. على باب محل العطور بشارع طلعت حرب كان "علي" يسامر زميله ممشوق القامة العامل بمحل مجاور للأحذية "خلي بالك ياد بيمسكوا العيال الطويلة"، فيرد عليه الطرفة بأفضل من مثيلتها "متخافش أنا ماسك علبة عليها اسم المحل، عشان اللي يقولي بطاقتك يعرف إني في أكل عيشي مش متظاهر لا سمح الله".


الدخول لمحيط نقابة الصحفيين في حكم المستحيل، بينما يُسمح بالمرور بعد تأكيد بأن العبور للعمل وليس للتظاهر، 22 محتفلا من أنصار الرئيس حضروا بعد صلاة الجمعة بين عجائز وصبية "إحنا من كذا حتة، مستقبل وطن وأسفين يا ريس، ومحبي توفيق عكاشة.. وكلنا مؤيدين للسيسي يعني" ضابط متقاعد يعرف انتماءات الحضور وسط حشود أمنية تطوق المنطقة من جنباتها الأربع، بينما راح رجل خمسيني يزرع سلم النقابة مجيئا وذهابا في مشية عسكرية –مارش- وهو يقبض على علم مصر، ويتصدر صدر قميصه صورة للرئيس السيسي.

إعلان








إعلان