إعلان

في عهد ترامب.. هل تحل الصين محل روسيا كعدو تقليدي لأمريكا؟

03:11 م الجمعة 20 يناير 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد عمارة:

قبل أيام من توليه منصبه، وعد الرئيس الأمريكي الجديد "دونالد ترامب"، بالعمل سويا مع الغريمين التقليديين لبلاده، "روسيا والصين"، إلا أن الخبراء يتوقعون حدوث تصادما اقتصاديا بين واشنطن وبكين، بعدما أعلن "ترامب" عن خطة "إصلاح العقد الاجتماعي مع الشعب الأمريكي" عبر استعادة الوظائف التصنيعية للولايات المتحدة، ما يهدد مصالح بكين الاقتصادية. 

وفي مذكراتها التي كتبتها عقب الخروج من إدارة أوباما، وحملت اسم "خيارات صعبة"، اعتبرت هيلاري كلينتون، أن ملف الصين يمثل أهم تحدي قادم للولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما جعلها تخصص فصلا كاملا في كتابها للحديث عن الصين، ويبدو أن هذا التحدي سيكون الأخطر خلال إدارة "ترامب".

يقول محمد جمعة، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن "ترامب" يرى أن من مهامه إصلاح العقد الاجتماعي مع الشعب الأمريكي عبر عبر زيادة الضرائب المفروضة على الواردات من دول أخرى، خاصة الصين، واستعادة الوظائف التصنيعية للولايات المتحدة، خصوصا بعد توجه كثير من الشركات وأصحاب العلامات التجارية الأمريكية المشهورة للتصنيع في بلدان جنوب شرق آسيا والصين تحديدا بهدف الاستفادة من العمالة الرخيصة.

وأضاف: خبراء الاقتصاد يقولون أنه كان من الممكن تحقيق هذا قبل عشرين عاما، لا في عالم اليوم المعولم، ويمكن أن يؤدي رفع الضرائب على الصادرات اليوم، إلى ارتفاع أسعار الأغذية التي لم تعد تُصنَع محليا إلى مستويات قياسية وإرباك سلاسل التصنيع والتدفق التجاري العالمية.

وأكمل الباحث: مع هذا، يجب القول أن الصين تعتمد بكثافة على الصادرات أكثر من الولايات المتحدة، ولا يمكنها تحمل تعريض خطوط إمدادها لمواجهة رئيسية مع أقوى قوة بحرية على مستوى العالم، وبالضرورة، يمنح هذا واشنطن اليد العليا في صراعها التجاري مع بكين.

وقال "جمعة" إن النقطة الثانية التي قد تؤدي لزيادة الصراع تتمثل في إعراب "ترامب" عن رغبته في التراجع عن سياسة واشنطن تجاه تايوان، والتي تمثلت في سحبها قبل أكثر من 40 عاما اعترافها بدولة تايوان، واعتمادها سياسة "صين واحدة"، مقابل توطيد العلاقات مع بكين.

وفي افتتاحية نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" في السادس من ديسمبر الماضي بعنوان "ترامب فشل في أول اختبار للسياسة الخارجية"، انتقدت الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بسبب ما أدت إليه محادثته الهاتفية مع الرئيس التايواني "تساي إغناتيوس" من "فوضى عارمة" على حد قوله، وتعد هذه المرة الأولى منذ سحبت واشنطن اعترافها بتايوان التي يحادث فيها رئيس أمريكي نظيره التايواني.

في المقابل، يرى الدكتور محمد فراج أبو النور، الخبير بالشأن الروسي، أن القلق الأمريكي الشديد من توسع نفوذ الصين عسكريا واقتصاديا في منطقة جنوب شرق آسيا وزحفها على الجزر المتنازع عليها مع الفلبين وفيتنام وغيرها، يجعل الولايات المتحدة تنظر لبكين بأنها أهم منافس، خاصة أن الناتج المحلي الصين سجل 11 تريليون دولار فيما سجل الأمريكي 18 تريليون دولار، وهو ما يؤشر لصعود القوة الصينية.

روسيا.. تصالح المصالح ينهي العداء التقليدي

يرى محمد جمعة، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه مثلما ينظر ترامب في مسألة العلاقات الأمريكية – الصينية، ويعتبر أن السياسة المستمرة منذ أيام الحرب الباردة باتت تتطلب المراجعة، ينوي ترامب تحديث علاقة واشنطن مع موسكو.

ويقول الباحث في الأهرام: "من وجهة نظر ترامب، لا تحارب الولايات المتحدة في معركة وجودية مع روسيا، وبالتالي فلا حاجة لالتزامات أمنية جماعية ( تتشارك فيها واشنطن مع حلفائها) مثلما كان الأمر أيام الحرب الباردة، فموسكو لم تعد منشغلة بتكوين إمبراطورية تحكمها إيديولوجية على النقيض من الرأسمالية الغربية. بالأحرى، تركز موسكو على مهمة أساسية هي تشكيل هوية قومية، وعزل الدولة وتخومها وتحصينها ضد التدخل الغربي، تحسبا لاضطرابات داخلية أكبر قادمة.

يقول كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق: "قضية الهوية الروسية حيوية للغاية، لأن روسيا فقدت 300 عام من تاريخها، بسبب انهيار الشيوعية." إذا ما كانت روسيا تحاول بناء دولة عبر توسيع نطاق أراضيها، مترامية الأطراف بالفعل، فإن القومية الروسية هي المنوطة بجمع هذه الأشتات معا تحت راية واحدة. وبالتالي، يحاول بوتن الدفاع عن الأراضي المحيطة ببلده، وإجبار الغرب على الاعتراف بنطاق نفوذه واحترامه".

ويرى "جمعة" أنه بموجب هذه الرؤية الأقل حذرا تجاه النوايا الروسية، ترى إدارة ترامب أن هناك فرصة لتطوير تفاهم جديد مع موسكو، بموجبه يتم تهدئة ما تبقى من مشكلات خاصة بشبه جزيرة القرم، وربما الاعتراف بالنفوذ الروسي على شرق أوكرانيا، ويمكن أيضا النظر في المسألة السورية، وإن كانت سوريا تعد قضية هامشية بالنسبة لكلتاهما، واشنطن وموسكو. كذلك بالنظر إلى مسألة العقوبات، واحتياج روسيا بقوة إلى استثمارات، قد يخفف ترامب من الإجراءات لتحريك الحوار حول التفاهم، من دون التضحية بالتواجد العسكري الأمريكي على جبهة أوروبا الشرقية.

وقال "جمعة"، إنه في حال تعيين تيللرسون وزيرا للخارجية، بعد تصديق مجلس الشيوخ على تعيينه، سيعتمد ترامب على معرفته بشخصيات داخل الكرملين، وخبرته الطويلة مع روسيا في المجال التجاري، وأيضا إدراكه طبيعة الخصومات الداخلية بين نخب روسية حاكمة، لإحداث تقدم على صعيد المفاوضات.

وتابع: "بالنسبة لروسيا، فإنها لا تعتقد أن تغيير الشخصيات في البيت الأبيض سيقلب السياسة الأمريكية رأسا على عقب، لذا ستكون الولايات المتحدة مجبرة على اختبار التحركات الروسية في أوروبا، مثلما ستعزز موسكو من أوراق نفوذها عبر ساحات عديدة، من الأمن السيبري مرورا بالسيطرة على التسلح إلى حروب الوكالة في الشرق الأوسط.

بدوره، رأى الدكتور محمد فراج أبو النور، الخبير بالشأن الروسي، أن حديث ترامب عن أن حلف الناتو لا يمثل قيمة لأمريكا، فارغ من مضمونه وأن المقصود به ابتزاز الاتحاد الأوروبي بشأن المزيد من تمويل الحلف، مضيفا: "ترامب لديه خشونة لفظية في القضايا الاستراتيجية، لأنه يفتقر للدبلوماسية، وتعامله مع روسيا سيكون مختلف عن الصين".

وتابع: "أوباما حاول حصار روسيا والوصول لحدودها وتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في شرق أوروبا، ونشر الدرع الصاروخية الأمريكية وهو ما يعني شل قدرة روسيا في السلاح النووي". وأكد فراج أن وجهة نظر ترامب ترتبط بسؤال جوهري وهو: ما هي الضرورة للمضي في استفزاز روسيا لهذا الحد؟ وتوقع الخبير في الشأن الروسي أن يمضي "ترامب" في طريق أقرب للتهدئة، مثلما يقول فرانسوا فيون، المرشح اليميني للانتخابات الرئاسية الفرنسية.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج