إعلان

جمال زهران: البرلمان جزء من "الديكور العام".. والداخلية ارتكبت خطأ لا يغتفر (حوار)

12:18 م الأربعاء 18 مايو 2016

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد قاسم:

تصوير- علياء عزت:

يمر المشهد السياسي المصري بعديد من القضايا ألقت بظلالها على المجتمع المصري التي أثارت تساؤلات الرأي العام، فكان وراء تلك القضايا تحليلات سياسية تكشف مدى تعامل السلطتين التنفيذية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتشريعية ويقودها مجلس النواب كرقيب على الأولى مع تلك القضايا التي شغلت الرأي العام.

التقى مصراوي الدكتور جمال زهران، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بورسعيد، والنائب البرلماني السابق، وتحدث معه عن أزمة نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية، والسياسية الأمنية التي تدار بها البلاد، والأحكام الأخيرة التي تعرض لها متظاهري 25 أبريل، ومدى فاعلية البرلمان في الشارع السياسي، بالإضافة إلى الحديث الموجز عن مجمل سياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي اقترب على عامين على تنصيبه رئيسا.

وإلى نصّ الحوار 

- كيف تقرأ المشهد السياسي الآن خاصة بعد حبس عدد من متظاهري 25 أبريل الأيام الماضية؟

هذه الأحكام قاسية وظالمة تؤدي إلى مزيد داخل المجتمع والاستقطاب، وأن مرددوها سيء على المجتمع والمواطنين وتزيد الشارع المصري ارتباكا، فأن يُسجن شباب عبروا عن رأيهم بطريقة سلمية ويتم القبض عليهم بحجة أنهم خالفوا قانون التظاهر، ثم يساقوا إلى المحاكمة ليحصلوا على هذه الأحكام القاسية، دليل على أن حصاد الثورتين 25 يناير، 30 يونيو يتلخص "الشباب في السجن والحرامية من نظام مبارك طلقاء بعد تبرئتهم".

- هل ترى أنه قد حان الوقت لتعديل قانون التظاهر ؟

طالبت مع القوى السياسية قبل إصداره في عهد الرئيس الانتقالي عدلي منصور، بتطبيق قانون الإرهاب قبل قانون التظاهر لمواجهة الإخوان المستهدفين الأوائل في لقانون التظاهر، لمنع خلط تظاهرات جماعة الإخوان وأنصارها المتأسلمين، مع المواطنين والقوى السياسية المؤيدة لإجراءات ثورة 30 يونيو لكن السلطة لم تستمع لنا.

وكان الاقتراح أيضا حال تطبيق قانون التظاهر، أن يقوم راغبي التظاهر بإخطار السلطات بالتظاهر، دون انتظار الموافقة أو الرفض مثلما خرج القانون بشكله الحالي. وأن تسمح الشرطة للمؤيدين بالتظاهر دون إخطار، ومظاهرات المعارضين يتم فضها والقبض على قائميها وحبسهم بأحكام قاسية، وبالتالي يكون المشهد هنا "ازدواجي" من جانب السلطة، ومحاباة من السلطة لطرف ضد طرف وهذه هو "الكارثة".

- ما رأيك في أداء السيسي بعد ان قرب على عامين في رأس السلطة التنفيذية ؟

الرئيس السيسي جاء بإرادة شعبية، ومع تفجر القضايا الخلافية فالشعبية تقل مثل قضية جزيرتي تيران وصنافير والجدل الذي صاحبها، لكن أول عامين من حكمه لم نلمس حلول للعدالة الاجتماعية، فيما تتضمن الحق في الوظائف والعيش الكريم، وبالتالي المتابعون المشروعات الانتاجية المتوقفة، لا يوجد برنامج أو رؤية سياسية قدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي وبالتالي الكثير يتسآل.

النظام الحالي يُعيد انتاج نظام مبارك من جديد بالتعاون مع شبكة من الفاسدين من رجال الأعمال عن طريق تصالحه معهم وتعيينهم في مناصب قيادية مما أدى لعودة نشاطها مثل ذي قبل أيام حكم مبارك ومن ورائها إعلامها الخاص حيث يملك كثير من رجال الأعمال الفاسدين ورموز مبارك قنوات خاصة تعمل لصالحهم، وهذا تخريب عمدي في البلد.

وبالنظر إلى الرئيس السيسي، فإنه منذ تنصيبه وقد قطع عهد على نفسه في بداية حكمه بإصلاح العدالة الاجتماعية والاقتصاد خلال عامين لكن هذا لم يتحقق. وقبل تنصيبه رئيسا كان يقول "مصر قد الدنيا"، ولكن بعد عامين من حكمه أصبحت "شبه دولة" فمنّ الذي أوصلها إلى شبه دولة إذن.

وماذا عن مشروعات قناة السويس والفرافرة وبدر؟

أرى أن الإنجازات التي تحققت في مشروعات مثل قناة السويس مرتبطة بالحالة الاقتصادية العامة، ومصر تمر حاليا بحالة اقتصادية سيئة، وبالتالي مفيش إنجاز حقيقي يضاف إلى رصيد الحكومة، وكذلك ربط المال بالسياسة مثل اتفاقيات الشراكة مع السعودية التي انتهت بالتنازل عن الجزيرتين المصريتين في الأساس. وعدم الحسم في القضايا السياسية والاجتماعية يقود البلد إلى حالة التدهور العام وهو ما تشهده مصر حاليا.

- كيف ترى ارتفاع سعر الدولار وإدارة البنك المركزي للأزمة؟

سياسات مسئولي البنك المركزي فاشلة جدا وتؤزم الوضع الاقتصادي، بدليل أن القيادات الحالية للبنك المركزي هي ذات الوجوه التي قادت البنك أيام نظام مبارك، وتخلو عن بنك الإسكندرية بأسعار بخسة وحاولوا بيع بنك القاهرة، وتلجأ لجوئها للإقتراض المستمر من البنك الدولي

- جاء شريف إسماعيل خلفا لمحلب، فهل ثمة تحسن لاحظته ؟ وما أوجه القصور؟

الحكومة يقودها وزراء عفا عليهم الزمن غالبيتهم كانوا رموزا في النظام الذي أطاحت به ثورة 25 يناير، أمثال أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية، وجلال السعيد وزير النقل، وخالد عبد العزيز وزير الشباب وغيرهم، فلا يوجد كوادر عملية مشهود لها وأين الشباب بالوزارات غالبية الوزراء تخطو الخمسون عاما.

الحكومة لم تقدم حلولا لمشاكل كثيرة تمر بها البلاد، فالإقتصاد سيء للغاية، ومجال التعليم مشاكله تزداد دون حسم. وطالما الأمور تسير بمثل هذا الشكل فلن تتقدم البلاد خطوة دون عمل دراسة شفافة للقضايا في المجتمع والعمل على حلها بجدول زمني حاسم.

- ما تقييمك لأداء مجلس النواب حتى الآن؟

البرلمان ضعيف لأنه تم انتخابه بطريقة خاطئة وقوانين خاطئة، وجاء ارضاءً للسلطة والأمن وبالتالي لا يرجى منه خيرا.

البرلمان تم تشكيله لإضفاء الشرعية على النظام، وجزء من "الديكور العام"، و70 % أو 80 % من رؤساء لجانه من رجال مبارك من رجال الأعمال والفاسدين أيام نظام مبارك وقت أن كنت عضوا في البرلمان ، أمثال علي مصيلحي ومحمد فرج عامر، محمد أنور السادات هل هؤلاء منّ نادت ثورتي 25 يناير و30 يونيو ليأتوا نوابا عن الشعب؟!

"المدخلات تؤدي إلى المخرجات" مبدأ سياسي معروف طالما أتي البرلمان بطريقة خاطئة فإنه لن يقوم بدوره التشريعي والرقابي الصحيح، بدليل تعامله مع إعطاء الثقة للحكومة التي بدا للجميع أنها أخذت الثقة استقواءً على البرلمان.

- البعض يعتبر مجلس النواب بلا أنياب وأن هناك ثمة توافق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بقيادة "دعم"؟

الدستور يشتطرد تفرغ النواب للعمل لخدمة الشعب والسلطة التشريعية، وأعضاء مجلس النواب غالبيتهم أصحاب مصالح وشركات وقنوات تليفزيونية وبالتالي لا ينشغلون سوى بخدمة مصالحهم الخاصة وكسب معارك سياسية ولا يعيرون اهتماما لدورهم الأساسي من حيث التشريع للقوانين التي تخدم المواطنين والرقابة على السلطة التنفيذية. هل أسامة هيكل أو مرتضى منصور أو مصطفى بكري أو حساسين أو محمد فرج عامر متفرغون للعمل البرلماني؟!

القانون يمنع على نواب البرلمان الجمع بين وظيفتين، ولا بد أن تتخلى عن كل الالتزامات الخارجية، فكيف تدار البلد بهذا الشكل وكيف يراقب البرلمان الحكومة وغالبية نوابه مرتبطون بمصالح شخصية مع الحكومة. 

- البعض يرى أن المعارضة غائبة في الحياة السياسية الآن، فما تفسيرك ؟

البرلمان كاشف عن حجم المعارضة في البلد، فالبرلمان تشكل بطريقة المال السياسي ورموز مبارك يتصدرون المشهد والمأسلمين أيضا تسللوا إلى البرلمان، وبالتالي كيف تأتي المعارضة؟ بدليل أن أكبر إئتلاف نوابي في البرلمان يقوده "دعم مصر" يسير بنفس سياسات الحزب الوطني في دعم السلطة في كل شيء، وبالتالي لا توجد معارضة حقيقة في مصر رغم وجود بعض النواب القليلين المعارضين لكن غير مؤثرون في المشهد.

-إذا نظرنا إلى الحالة الأمنية كيف تراها؟

الداخلية بعدما كانت قد صححت من بعض أخطائها بعد ثورة يناير، عادت إلى نفس ممارسات داخلية حبيب العادلي ومبارك.

والحالة الأمنية التي تشهدها الساحة تثبت اختراق الإرهابيين والبلطجية للداخلية، مثلما حدث في أمن القليوبية وتورط 20 مسئولا هناك بعلاقات مشبوهة مع مسجلين خطر وتجار للمخدرات في مناطق "شبرا الخيمة وشبين القناطر وغيرها" ولم تكتشف الداخلية إلا بعد مقتل رجالها، وأن حذرت من ذلك الأمر العام الماضي في مقال كتبته في جريدة الأخبار.

والإرهابيون اخترقوا الداخلية في حادث حلوان الإرهابي الذي وقع قبل قرابة الأسبوعين، ولو كنت مكان اللواء مجدي عبد الغفار لتقدمت باستقالتي لاختراق وزارتي من البلطجية وتجار المخدرات والإرهابيين.

-كيف نعالج هذه المسألة؟

لابد على الداخلية تنظيم أولوياتها، وتغيير السياسية الأمنية من التنكيل بالشعب إلى الحفاظ على الشعب، تبني حركة تطهير كبيرة داخل الشرطة والإطاحة بعد محاسبة الفاسدين داخلها.

ورسالتي للداخلية، الدولة المخابراتية التي كانت قبل 67 سقطت بعد وقوع النكسة، والدولة البوليسية التي كانت تسمى بـ"أمن الدولة" سقطت وأطاحت بها ثورة 25 يناير.

- مؤخرا زادت حدة أزمة النقابة مع الداخلية ما رأيك فيها ؟

أدين بشدة اقتحام الشرطة لنقابة الصحفيين، والشرطة كانت رسالتها إرهاب الصحفيين مثلما أرهبت المحامين والمهندسين والأطباء. والصحفيون ليسوا إرهابيين أو متأسلمين حتى يتم اقتحام نقابتهم والتنكيل بهم بهذا الشكل واستجلاب مجموعة من البلطجية والأجورين يلوحون بإشارات بذيئة والتقطها عدسات المصورين.

تصنيف الشرطة للمواطنين بشرفاء ووطنيين وغير شرفاء ويدمرون مصلحة الوطن، تصنيف اختلقته الداخلية ستدفع ثمنه قريبا.

وحين كنت نائبا بالبرلمان وقفت في وجه مسئول التنظيم في الحزب الوطني المنحل أحمد عز، حين حاول تمرير قانون لحبس الصحفي 5 سنوات إذا تعرض للذمة المالية لمسؤول. وطلبت من جلال عارف الاحتشاد بالصحفيين أمام مجلس الشعب ووقفنا في وجه مبارك معا، ومنعنا القانون.

الصحافة هي الرئة الحية في المجتمع حاليا، والصحافة مهنة مثل أي مهنة بها السيء والصالح، ولولاها لمَا كُشف الفساد في عهد مبارك، والسيء لا يعبر بالمرة عن فقدان الثقة في المهن

فكيف يتم التنكيل بها، وكان بالأحرى بالشرطة مخاطبة نقيب الصحفيين بتسليم المطلوبين داخل النقابة لا اقتحامهما.

وفي النهاية وزارة الداخلية أرتكبت خطأ شديد لا يغتفر وسيذكره التاريخ بأن مجدي عبد الغفار وزير الداخلية اقتحمت نقابة الصحفيين، وبالتالي لابد من استقالته.

وإلى أين تذهب الأزمة الآن؟

أرى أن الداخلية تلعب على عامل الوقت في الأزمة عن طريق إجهاد المعتصمين، وكذلك النواب اتخذ موقفا ضد النقابة وأسامة هيكل رئيس لجنة الإعلام والصحافة يقول كلمة غير الحق في الأزمة.

وتراجع بعض الصحف مثل القومية وعدد من الصحف الخاصة نتيجة الضغوط التي تمارسها السلطة، وستبقى يوم اقتحام النقابة جرح مفتوح في صدر الصحافة المصرية.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج