إعلان

انفراد..بالصور – مصراوي يخترق مكتب الإرشاد: مشاهد وأسرار بين أطلال قلعة الحكم

10:06 م الأحد 02 فبراير 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - سامي مجدي وأحمد الليثي ومحمد منصور:

- وثائق تكشف تدبيرات الجماعة على مدى ثلاث سنوات

- الإخوان المسلمون وضعوا مؤسسات الدولة الرئيسية على جدول الأخونة

- مقترح إخواني: يجب الضغط على المؤسسة العسكرية والشرطة والقضاء لدخول أبناءنا فيها ووضع آلية لذلك

- مواطن يناشد بديع قبل 30 يونيو: تراجعوا قبل أن تشهدوا أكبر وأعظم ثورة في تاريخ الكون.. والجماعة ترد: مواطن سفيه

- أبواب مصفحة وأجولة رمال وبقايا زجاج مولوتوف آخر آثار ''الهروب الكبير''

- الإعداد للهيمنة بدأ بعد تنحي مبارك بثلاثة أيام فقط

أضواء شاحبة تُضفي غموضا على المكان، هدوء يخيم باقتدار، الحي الراقي ينعم بالطمأنينة، فيما ترتع داخله الأشباح، ذكريات الوصول لأروقة السلطة، الحاكم بأمره يُشير، والحشود تُطيع، اليد العليا كانت هنا، كلاب تنبح على الأبواب لا تجد لصوتها مجيبا، الفخامة أضحت بؤسًا، وزهو السلطة تبدد، وسكان المكان الأصليون استبدلوا أسوار بيتهم القديم بأخرى لسجون يقبعون داخلها بفضل خططهم الجهنمية، 216 يوم مرت على حريق المكان الذي حُكمت منه مصر، لم تطأه خلالها قدم، فيما كان ''مصراوي'' هناك، يتسلل بحذر؛ ليرصد بعين الحقيقة، يحاول الوصول لمكمن من حكموا، شكل مبناهم، طبيعة تفاصيله، بقايا آخر أيام الحكم، خبايا أوراق إدارتهم لمصر ''الدولة''، وخفايا تكوينهم لمصر ''الأهل والعشيرة''..

أسوار، تلو أسوار، تخلفها جدران، هكذا ''أعدوا ما استطاعوا من قوة''، كي تحفظهم من بطش شعب لم يعد يخشى التحصينات، ظنوا أن تهليله لهم في الميادين ربما دام لأعوامٍ عدة، فتمادوا في طغيانهم يعمهون، معتبرين أن حصونهم مانعتهم من بأس المصريين، غير أن أثار عدوانهم ظهرت على تلك الجدران التي ''أعدوها'' لحمايتهم.

في تمام العاشرة صباحا كان الموعد، جولة حول المقر العام لجماعة الإخوان المسلمين بالمقطم، نقطة حراسة تقع أمام البوابة الرئيسية لحماية المكان من هجمات اللصوص، بوابة ضخمة مغلقة بمزاليج تمنع المتطفلين من انتهاك ستر الجماعة الحاكمة –سابقا- متاريس حديدية تقبع فوق السور العالي لإعاقة تسلقه.

لون أسود يلطخ جدران ناصعة ألوانها، حول بياضها اليافع لوصمات، أرض أنبتت زجاجا عوضا عن نباتات لطالما رووها بدماء المصريين، بوابة مصفحة من أرقي أنواع الصلب المُعالج لتّحمل انفجارات القنابل اليدوية، تحولت إلى فخ منع أنصارهم من الهروب حين احتدم الأمر، أسلاك تحيط نوافذهم، منعتهم من سماع زئير الاحتجاجات، أسوار حصنوها بأذرع حديدية لتعيق تسلق المحتجين، في اليوم المشهود، هكذا هو حال المبنى رقم ''5'' الكائن بشارع ''10'' بالمقطم، من الخارج.

بوابة حراسة لتفتيش القادمين أول ما يقابلك، بالمرور منها تُفتح أبواب ''مكتب الإرشاد''، في دوره الأرضي ساحة فسيحة كانت فيما مضى تستقبل علية القوم، غير أن حالها بات مثارا للرثاء.. زجاج محطم يتناثر على أرضية القاعة، على جانبها الأيسر مكتب الاستقبال، بمجرد المرور منه تواجهك مجموعة من الكراسي التي كانت وثيرة فيما مضى، حولها الغضب أطلالا، وعلى بعد خطوات مجموعات كبيرة من الكراسي الحديدية المتراصة فوق بعضها البعض والتي كانت تستخدم في مؤتمرات الجماعة الحاشدة، ورقة صغيرة لم تنل منها النيران تشير إلى الخطوط الداخلية لمكاتب المكان، تبدأ برقم ''أ/عاكف: 201'' الموجود بالدور الأرضي، وغرفة للنوم برقم ''109- الدور الأرضي خلفي'' ، بينما تكمن مكاتب القادة في الدور الثاني أولها ''فضيلة المرشد: 301''، يتبعه ''د. محمود عزت، م. خيرت الشاطر، د. محمود حسين، أ. جمعة أمين، د. رشاد البيومي'' على التوالي.

على الأرض بقايا لملابس مهترئة أصابها الحريق لرجال ربما خلعوها قبل محاولات الهروب من بطش الغاضبين، في شكل غير مرتب عدد ضخم من عبوات فارغة من ''الفوم'' لوجبات جاهزة دعما لـ''المقاتلين''، أعمدة من الرخام تحطمت بالكامل، وبهُت بريقها على أثر الحريق.

4 درجات صغيرة ترسم الطريق المعتم، للطابق الأول، طاولة كبيرة تتراص حولها مجموعة من المقاعد المقلوبة رأسا على عقب لم تنج كأصحابها، في اليمين ممر طويل ينتهي بحمامات ثلاث، فخمة، مجهزة بأحدث الأدوات الصحية التي يعلوها مرآة لم تكن تعكس لساكني المقر صورة الواقع، فالقاذورات تعلوها والأتربة تزكم الأنوف، الحمامات الداخلية مدمرة بشكل كبير ومحاولة اقتلاع ''أدواتها'' لم تفلح؛ ففضل المهاجمون تحطيمها.. أرضيات الباحات من السيراميك فيما أُعِدت القاعات بـ''الباركية''..

وسط عدد كبير من الكتب يقبع كتيب صغير يحوي بين طياته البرنامج الانتخابي للحزب الممهور بميزان العدالة، وحبات قمح، ''قد'' تحمل الخير لمصر، مذيل شعاره –الكتيب- بكلمات نادت بها الثورة ''حرية.. عدالة.. تنمية''، فيما أرفق بها قادة الجماعة غرضهم في الشعار الرابع ''ريادة''، بدأت كنبوءات عما سُمي بـ''الأخونة'' والسعي الحثيث للسيطرة والهيمنة على مقاليد الأمور، خاصة بعد تقرير حزب النور الشهير الذي أوضح فيه ''تسكينات'' أعضاء الجماعة في المؤسسات الحكومية والوزارات، بينما كان ذلك الملف الموجود وسط الركام دليلا دامغا على وجود ''خطة مبكرة للأخونة'' بدأت فور تنحي مبارك عن الحكم في 11 فبراير 2011 تتمثل في ''محضر أعمال المكتب رقم (5-11)''، بتاريخ 14 فبراير 2011.

في هذا الاجتماع، حسب الوثيقة، نوقشت رؤية مقترحة من مكتب جنوب الدقهلية، ورد فيها ''اقتراح تشكيل مجلس رئاسي بأسماء وطنية جيدة'' (بند رقم 2)، وطالب إخوان الدقهلية بوضع تصور متكامل عن نظام الحكم ليس هذا فقط بل نظام متكامل لكافة مؤسسات الدولة وكل مؤسسات المجتمع المدني والعُمد، وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات، والنقابات..، مشيرين إلى ضرورة أن يكون نظام الحكم برلماني وليس رئاسي.

يتضح من هذه الوثائق أن ''القوات المسلحة'' كانت الشغل الشاغل للجماعة وقياداتها وهي تخطط للمرحلة الانتقالية؛ حيث عملت على عمل قراءة لبيانات المجلس العسكري الأربعة قبل التنحي وبعده. تقول القراءة الإخوانية ''الخط الواضح في البيانات الأربعة الصادرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه اتخذ من الدستور الحالي (دستور 71) أساسا للحكم والإجراءات المتبعة''. وفسر الإخوان بيانات العسكري على ''أنه لم يقبل هذا التكليف (بإدارة شئون البلاد) لكونه مخالفا للدستور الحالي (دستور 71) إنما يقوم بدوره وفق المادة 180، 182 من الدستور''.

وفي محاولاتهم لاختراق مؤسسات الدولة من جيش وشرطة وقضاء والتغلغل فيها، ورد في مقترح الإخوان ما نصه ''أهمية الضغط على المؤسسة العسكرية والشرطة والقضاء لدخول أبنائنا (أبناء الجماعة) فيها ووضع آلية لذلك''. كما يبدو أن اللجان الشعبية التي كانت الجماعة تشكلها أثناء وبعد الثورة كانت لها أهداف أخرى تبينها إحدى الوثائق التي تقول في بندها رقم (17): ''فتح جسور التعاون مع الجيش والجهات التنفيذية بالمحافظات لقيام شباب الإخوان برعاية مصالح الدولة تحت غطاء اللجان الشعبية –أو المؤسسات النقابية– الكشافة والجوالة''.

لم تكن ورقة إخوان الدقهلية هي المقترح الوحيد في هذا الاجتماع الذي يعد الأول بعد رحيل مبارك، إنما كانت هناك مقترحات مقدمة من أعضاء الشورى العام بقطاع الشرقية، وكلها كانت مقترحات عامة إلا أن أحدها استلفت الانتباه حول استخدام الأحداث التي كانت جارية في ذلك الوقت في خدمة ''مستهدفات الإخوان''.

قبل تسعة أشهر، ومع دعوات حملة ''تمرد'' لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي -حينها، قام الإخوان المسلمين بتعلية جدران المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين، والذي اشترته الجماعة بمبلغ تجاوز 20 مليون جنيها، شعر أفراد الجماعة بوجوب تحصين المقر قبل نهاية شهر يونيو، الميعاد الذي حددته حملة تمرد لبدء تظاهرتها الحاشدة، واستعانت الجماعة بقوات الأمن بالإضافة إلى مجموعة من أنصارها لحماية المبنى الذي صار الآن مجرد أطلال.. أجولة رمال خلف سلك غلف النوافذ، كـ''تبة'' يقبع خلفها المسلحون أوقات الهجوم.

قبل نحو شهور سبعة كانت دراجة بخارية تقف أمام المقر العام لجماعة الإخوان المسلمين، شباب يلتفون حول قائدها، يطلبون ''شوية بنزين''، زجاجات المشروبات الغازية تتحول إلى ''قنابل مولوتوف''، يتلقى جسد ''الفيلا'' أولى القنابل، تدوي طلقة ''خرطوش'' من إحدى النوافذ المظلمة التابعة للمقر والمُطلة على الشارع الرئيسي، يتفرق الجمع، ثم يعاود التجمع، يبدأ الاشتباك فى اتخاذ جانب أكثر ضراوة، تسود دعوات اقتحام المقر ''يسقط يسقط حكم المرشد''، هتافات ترج الجدران الموشكة على الانهيار، طلقات تدوي في الأفق ''مش هنمشي المرشد يمشي'' يُصر الشباب، فيما تغيب بشكل كامل القوات المخول لها حماية مقر مكتب الارشاد.

إبراهيم حسن عبد الهادي، شاب في العقد الثاني يتقدم نحو الجدار المنيع لمكتب الإرشاد، يقبض بكلتا يديه على زجاجة تحوي سائلا حارقا، تعلوها قطعة قماش مشتعلة، يحاول قذفها داخل المبنى غير أن الرصاص يسبقه، طلقة تخترق رأسه، تُفرغ حواشيها، لتحول ملامحه إلى مجرد قطع مبعثرة، يسقط الشاب صريعًا جانب السور العاصي على الاختراق، مضرجًا بالدماء، الزجاجة تنفجر إلى جانبه، تحرق جسده، يسود الهرج والمرج، يرتفع الهتاف ويحاول شاب أخر إسعافه، فيما كانت روحه تصعد إلى السماء مع انتفاضات عنيفة لجسده، يُجر إلى جانب بعيد، صرخات تعلو وصوت رصاصات من داخل المكتب يُغطي على أنين الجرحى، يتزايد الغضب، ''سارينة'' سيارة إسعاف تُظهر أضوائها، تتسجى جثة الشاب داخل السيارة التي تنطلق سريعًا نحو المستشفى القريب.

خمسة أمتار تصل بك إلى سلم لولبي، بترابزين بني اللون، احتل أركانه التراب، 18 درجة سلم تقودك إلى قاعة أخرى ذات باحة كبيرة بمساحة ''15× 18'' متر، اللافتات على أبواب المكاتب نزعت عن ماهيتها كي تُباع نحاس أحمر، من هنا كان يجتمع المرشد العام للجماعة برفاق الحكم، إعلانات ملأت الصحف بعنوان ''365 يوم في أرقام.. العام الأول خطط وتحديات''، تشير إلى الواقع المؤلم لمن اختاروا صاحب الصورة الذى لم يكمل بعد أول أيام عامه الثاني على العرش، فيما بعُد عن دعاية ''الرئيس''، كرسي خشبي مزود بقطع جلدية، حمراء اللون، خفتت أناقته، لكن هيبته تدل على المقام الرفيع لصاحبه، يقاطع سقوطه هواجس كان يُمليها يوميا ''سأختار أصلحكم للبقاء، وأنجحكم في الدعاء لطول جلوسي فتيا، لما فات من دول مزقتها الزوابع، سأمنحكم حق أن تخدموني، وأن تُرفقوا صوري فوق جدرانكم، وأن تشكروني، لأني رضيت بكم أمة لي، سأمنحكم حق أن تتملوا ملامح وجهي في كل عام جديد''، فيما رفض الشعب الخنوع للأوامر مبددا خبايا الخوف، صارخا بأعلى صوته ''طفح الكيل، وقد آن لكم أن تسمعوا قولاً ثقيلا، كلا، كفى، شكراً جزيلاً، نحن نرجو كل من فيه بقايا خجل، أن يستقيلا، نحن لا نسألكم إلا الرحيلا''.

في نشوة إحساس الجماعة ورجالاتها الأقوياء بزهوة النصر والاقتراب من سلطة لطالما حلموا بها على مدى عقود طويلة. كان حفل الافتتاح يهيمن عليه استغراب الحاضرين من شتى الإيديولوجيات والخلفيات الاجتماعية؛ فمن المطاردة والعمل تحت الأرض -أو تحت مظلة مبارك وحزبه- إلى التحكم في مقاليد الأمور حتى وإن لم يكن وقتها بشكل رسمي.

''نعاهد الله على أن نعمل لنهضة مصر ولن نسمح بلصوص الثورات أن يسرقوا حرية الشعب المصري أو يُحدثوا وقيعة بين مسلميه وأقباطه'' كلمة مرشدهم ''محمد بديع'' التي قالها يوم افتتاح ذلك المقر الفخيم في مايو 2011.

لم تكن الجماعة أعلنت عن مكنونات صدور صقورها بعد، فكان المُعلن أنها لن تنافس على انتخابات الرئاسة، لذا تواجد هناك كل تلك الأسماء التي كانت مطروحة على الساحة لخوض أول انتخابات رئاسية بعد الثورة، فعمرو موسى كان حاضرا يمارس دبلوماسيته المعهودة، وحمدين صباحي يتجول هنا وهناك بابتسامة لم تفارق شفتيه بما بعبر عن فرحة لشركاء الوطن في ذلك الوقت.

''تُسلم ليد المرشد العام'' عبارة تذيل خطابات ملقاة أرضا، غرفة كاملة لتصوير المستندات، آلة التصوير لم تنج من المعركة، كصرعى الحرب لقت المصير، ''ممنوع الدخول لغير السكرتارية'' غرفة محرمة على أصحاب المقامات الدنيا في دنيا الجماعة، ''دواليب'' تحوي أسرار أفضت محتواها أرضا، سير ذاتية لعدد من المتقدمين للعمل والانضمام للحزب بعضهم من أصول عربية ''فلسطيني''، رقم تليفون جريدة المصريون مخصص لمتابعة مقالات أعضاء الجماعة، مكتبة كاملة اختلطت مكوناتها بالأتربة، يتقدمها ''رسائل الإمام الشهيد حسن البنا تقديم الدكتور محمد بديع''، ''الفاتيكان والإسلام''، ''من يحكم واشنطن وموسكو''. معطر جو يعلو الأرفف غير أنه لم ينجح في تخفيف وطأة رائحة الحريق والدماء، دواء ''تانتم أخضر'' كغسول للفم، ''بيتادين'' للجروح، فردة حذاء رياضي، تليفونات مهشمة، ورود صناعية، ''حزب قوي يساهم في بناء مصر'' عبارة علت ملصق دعائي يتصدره صورة للدكتور سعد الكتاتني يرفع فيها يده بالصفح لنواب مجلس الشعب، فيما ترقد جوار الملصق ''خوذة'' زرقاء تعبر عن أدوات المتسلحين ضد جموع الشعب..

أعداء اليوم لم يكونوا كذلك بالأمس، هكذا تعلن قصاصة منزوية في ركن قصي ''موسى: مخاوف الغرب من الإخوان لا أساس لها'' تصريح لرئيس جامعة الدول العربية -حينها- لصحيفة ''لوموند'' الفرنسية يوم 10 فبراير 2011؛ أوضح فيه رئيس لجنة الدستور الذي اعتبره النظام شهادة وفاة ''الجماعة الإرهابية''، حسب وصف كبار مسئولي الدولة، أن ''الإخوان المسلمين لم يقودوا التظاهرات، ولكنهم يشاركون فيها فقط''.. فيما نشرت جريدة حزب ''النور'' تقريرا عن مبارك ونظامه خلف القضبان تحت عنوان ''منتخب الفاسدين في طره.. هدفهم الإفلات من عقاب الشعب''، قبل أن يُضحي سكان ''الإرشاد'' ورجال ''الوطني'' داخل أروقة السجن ذاته، بينما وقف رجال حزب النور دعما لـ''خارطة طريق'' أطاحت بأحلام ''أحفاد البنا''..

إيصالي أمانة باسم محمود حسين الأمين العام للإخوان بأموال تخطت الربع مليون جنيه، وكشف بأعداد أعضاء الجماعة من ''محب ومؤيد ومنتسب ومنتظم وعامل''، وتقارير يومية بما كتبته الصحافة عن الإخوان وحزبها ومجريات الدولة، جاء في إحداها ''اجتماع وزاري لهشام قنديل لسبل الخروج من الأزمة'' في إشارة إلى ''مشكلات مرورية تتسبب فيها الاعتصامات والوقفات المختلفة وبحث المشكلة الأمنية التي ينتج عنها التأثير على سمعة مصر وتهدد روافد السياحة الداخلية والخارجية'' حسب نص التقرير.

ربما قال أحدهم إنهم لم ينعموا بالسلطة بعد، ربما لم يحذرهم أحد من هدر الغاضبين، ربما لم يدركوا اللحظة الفاصلة، غير أن خطابا مُلقى جانبا ينفي تلك التخمينات؛ أرسله المواطن ''ن. ط'' إلى الدكتور ''محمد بديع'' نفسه، بتاريخ 20 يونيو 2013، يشكو خلاله رئيس الجمهورية لقادته –بمكتب الإرشاد- عقب مؤتمر نصرة سوريا الذى أقيم باستاد القاهرة، بسبب مقولة ''مرسي'' إن ''كل المعارضين من بقايا فلول النظام السابق''، وهو ما اعتبره ''ن. ط'' تجنيا؛ حيث أنه معارضا لدودا لمبارك ومن خلفه مرسي ''موثقا ذلك بالصوت والصورة'' حسب تعبيره.

فيما وضع المواطن خارطة طريق للجماعة بدأها بنصيحة ''حيث أن جماعة الإخوان تتحلى بفضيلة الاعتراف يصبح لزاما أن تعترف الجماعة بخطأها باختيار شخص يفتقد لمقومات تؤهله لإدارة الدولة المصرية''، قبل أن يضع خطوات خمس تنجو بها الجماعة من الخطر الداهم هي ''تكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بتشكيل مجلس رئاسي مدني برئاسة رئيس المحكمة الدستورية وعضوية أعضاء المحكمة الدستورية ومجلس القضاء الأعلى والمجلس الأعلى للقوات المسلحة والمجلس الأعلى للشرطة وألا يكون المجلس متضمنا لأي وجه معارض حفاظا على السلم الوطني- حل مجلس الشورى ونقل السلطة التشريعية بصفة مؤقته للمجلس الرئاسي- إقالة حكومة قنديل- العفو الشامل عن جميع معتقلي الرأي- التنحي والتخلي والتنازل التام عن الحكم''، محذرا أنه مالم تتم تلك المبادرة فإن ''الأحد 30 يونيو وبدون أدنى مبالغة سيشهد أكبر وأعظم ثورة في تاريخ الكون''.

لكن يبدو أن المرشد ناجى نفسه مزهوا: ''أيها الناس : ''أنا الأول، والأعدل.. والأجمل من بين جميع الحاكمين.. وأنا بدرُ الدجى وبياضُ الياسمين.. وأنا مخترع المشنقة الأولى.. وخير المرسلين.. كلما فكرت ان أعتزل السلطة ينهاني ضميري.. من تُرى يحكم بعدي هؤلاء الطيبين''.. انتظر المواطن إجابة لكنه لم يعلم أن مسئولي مكتب الإرشاد ذيلوا خطابه بعبارة ''لا يستحق الرد.. مواطن سفيه.. تبني كامل لجبهة الخراب''، لكنهم –المواطن ومعه الجماعة- كانوا على موعد مع رد مزلزل بعد 10 ايام فقط، في 30 يونيو.

مجموعة من الأوراق الصفراء تتخذ ركنا وسط الفوضى، معنونة باسم ''تقرير أداء مكتب إفريقيا لعام 2012''، داخلها مجموعة من الإحصائيات التي ترصد تطور نشاط الجماعة داخل تلك الدول، وبحسب التقارير فإن عدد الإخوان المسلمين داخل القارة السمراء تزايد في بعض الدول مثل ''نيجيريا'' التي تزايد فيها أعداد ''المحبين والمؤيدين'' من 6263 فرد في 2011 إلى 6986 فرد بنهاية 2012، وتناقص في أخرى أبرزها ''جزر القمر'' التي تناقص فيها أعداد المنتمين للجماعة من 221 فرد إلى 197 في الفترة ذاتها، وبشكل مخابراتي تمكن أعضاء التنظيم من رصد كافة الظواهر المرتبطة بدول القارة الفقيرة وقاموا باقتراح عدد من الأليات لتدعيم انتشارهم داخل تلك الدول أهمها ''تطوير المكتب وتدعيم الأنشطة المركزية وتفعيل دور مصر بالقارة وعمل زيارات ميدانية والتركيز على الطلاب الأفارقة الموجودين بمصر''.

ووضع التقرير خطة لأهم المشروعات المزمع تنفيذها عام 2013 منها تبني مشروع لاكتشاف الموهوبين وإعداد الرموز المجتمعية بواقع 5 متميزين من كل دولة، إضافة إلى التعاون مع وزارة التربية والتعليم المصرية لإنشاء مدارس في بعض دول القارة، علاوة على الاهتمام بالدول التي يتم إعدادها بطريقة حثيثة للانضمام للتنظيم مثل ''مالي والسنغال وبنين وغانا''.

في رحلة الصعود إلى الأدوار التالية من الثالث حتى السادس –بينهم دورين مخالفين لقواعد البناء بالمقطم، يبدو أن أصحاب العروش الخاوية لم يتمكنوا من إكمال صرحهم الذي شرعوا فيه؛ سلالم حديدية، أكياس ''نايلون'' تغلف الأبواب، تخلو من مكاتب، حبات تمر مترامية، أسقف معلقة تتدلى، إنذارات حريق تملأ فواصل الأدوار، خراطيم مياه حريق حمراء كبيرة الحجم تصنع مشهدا عبثيا، مكان تركيب المصعد خال، فيما اتخذت ''ماكينة شد الأسانسير'' جانبا، ممرات في الأسقف لخطوط التكييف، الحريق وصل لمكوناتها، زجاج منثور أرضا.

من أقبية السجون إلى سطح أعلى هضبة في مصر، كان يقف أعضاء الجماعة يبغون لها الذل، يودون لو لانت لهم، فيما تظهر هي بكل تفاصيلها، بهية تتلألأ، الأهرامات والبرج، القلعة ومساجد الأولياء، الكنائس وذكرى الأنبياء، تنوع حاول ''رجال البنا'' أن يحاصروه داخل مبناهم العتيد، غير أن الرد جاء من حشود خرجت هادرة، لا تعبأ إلا ببلاد دامت وسطية، مبهرة، رغم قيد الكائدين، فبعثوا لهم ولغيرهم برسالة لا تُنسى ''وعلي رغم القباحات التي خلفتموها، سوف لا ننسي لكم هذا الجميلا، أحملوا أسلحة الذل وولوا لتروا، كيف نُحيل الذل بالأحجار عزا ونذل المستحيلا''.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج