"على النخيل في الهوا بتميل".. "دميرة التمور" موسم أفراح أهالي الوادي الجديد - صور

04:09 م الإثنين 26 سبتمبر 2022

الوادي الجديد – محمد الباريسي:

تحتل مصر صدارة العالم في إنتاج التمور، برصيد 1.7 مليون طن من 15 مليون نخلة تنتشر في محافظات الجمهورية، وفق أطلس نخيل البلح والتمور الصادر بالتعاون مع "منظمة الأغذية والزراعة" بالأمم المتحدة (الفاو) في 2019، بينما تأتي محافظة الوادي الجديد الأولى بين محافظات الجمهورية في الإنتاج، بـ13 نوعًا، تُجمع من قرابة 3 ملايين نخلة مثمرة.

إعلان

وهناك حالة من السعادة تشهدها غالبية بيوت الواحات بمحافظة الوادي الجديد، نظرًا لبدء موسم جنى محصول البلح، المحصول الاستراتيجي والاقتصادي الوحيد بهذه المحافظة، التي تمثل ٤٤% من مساحة مصر، وتمتلك نحو ٢ مليون نخلة من نوع السيولة، الذي يصدر إنتاجه من البلح إلى الأسواق المحلية والعالمية.

وقال إبراهيم خليل، مدير مكتبة مصر العامة الأسبق وأحد جامعي التراث بالمحافظة، إن محصول البلح ارتبط بعادات وتقاليد لدى سكان الواحات، منذ مئات السنين، وارتبط جنى البلح بمواسم الزواج والتعليم في الوادى الجديد، (خلال موسم جنى البلح.. في كل بيت فرح)، لافتًا إلى اعتماد الأهالى على عائد بيع المحصول في تزويج أبنائهم واستكمال الأبناء مراحل التعليم.

وأضاف "خليل" أن الفلكلور الشعبى ارتبط كثيرًا بمحصول البلح، فقد أُطلق العديد من الأغانى الشعبية لتعبر عن الفرحة بموسم جنى البلح، منها: (يا بلح الواحة يا جميل.. على النخيل في الهوا بتميل)، كما انتشرت صناعات حرفية معتمدة على مكونات النخلة، كحرفة الجريد والسعف في تصنيع الكراسى والمناضد والشنط وغيرها، بالإضافة إلى رواج فرص عمل جديدة طوال موسم جنى البلح، منها إنشاء الشباب شوادر لجمع البلح من الأهالي، وعمل الفتيات في تصنيع البلح داخل المصانع ووحدات التصنيع المنتشرة في ربوع الوادى الجديد، ونقل السيارات والشاحنات المحصول داخل وخارج الوادي الجديد.

يقول حسن محمد إبراهيم، موجه بالمعاش من أبناء مدينة الخارجة، إن موسم حصاد التمر أو البلح والذي يبدأ في سبتمبر من كل عام، هذا الموسم الهام لنا كأبناء الواحات والمعروف بلهجتنا المحلية بـ" الدميرة"، وهو موسم يجري انتظاره من العام للعام، لأنه المحصول الرئيسي للواحة عموما، فيما أن صنف البلح " الصعيدي" هو البلح المشهور على مستوى المحافظة، فالدميرة هي الشريان الرئيسي أو البنك الأول لسكان الواحات، لأن الموسم يقتات من الأهل من الثمار نفسها وفي بيعه انفراجة لمزارعي الوادي.

وأضاف حسن، أن من عائد بيع المحصول يجري تزويج الأولاد ويجري الاحتفاظ بجزء من هذا العائد للإنفاق على الأبناء في مراحل التعليم على مدار السنة، بالإضافة لشراء الاحتياجات الخاصة من مستلزمات الزراعة للمحصول نفسه، مثل السماد الزراعي الذي يستخدم في تسميد أشجار النخيل.

تقول ليلى خليفة محمد حسن، من سيدات واحة الخارجة، لمصراوي، إننا نتجمع في الحقل خلال موسم "الدميرة" حيث يتولى الرجال جمع المحصول من النخيل فيما نتولى نحن النساء أعمال الفرز للمحصول للتخلص من الثمار الغير مرغوب فيها ونحتفظ بالثمار التي سيجري بيعها لمجمع التمور وننفق العائد من البيع للمحصول على الزواج للأبناء أو الدراسة فيما نحتفظ بجزء آخر في فريز الثلاجة وهو البلح الأصفر الجاف حيث يتحول لثمار طيبة خلال المدة الزمنية التي نحفظه فيها داخل الفريز ونخرجه في شهر رمضان ليكون ثمار شبه طازجة رطبة نفطر عليها عقب الصيام.

وأضافت ليلى، أننا نحتفظ بجزء آخر من الثمار وهي الثمار الرطبة بشكل كامل حيث نتولى حفظها داخل صفائح من الألومنيوم وكنا قديما نحفظها في أواني فخارية وذلك لعمل ما يسمى بـ "العجوة" وتسمى هذه العملية " كبس البلح" ولك لتكون طوال السنة خاصة خلال فترة البرد داخل المنزل لتناولها كما هي او يجري تجهيزها مع السمن البلدي والسمسم أو الزبدة لتكون مصدرًا هامًا للطاقة للرجال تساعدهم على تحمل الأعمال الشاقة بالمزرعة.

من جانبه أكد المهندس محمد رجب، مدير مجمع صناعات التمور بالوادي الجديد، أن مصنع المجمع الخاص بالتعبئة بدأ بالفعل في استلام المحصول من المزارع وبدأ أعمال التصنيع والتعبئة للمحصول وسعر مناسب للمزارع يبدأ من 17 جنيها للكيلوجرام، حيث إن المصنع هو حصن الأمان للمزارع بالمحافظة وهو المؤشر الرئيسي لبورصة التمور وسوق البلح وذلك لأن السعر الذي يحدد لاستلام المحصول لا يستطيع أي من رجال الأعمال والمستثمرين أصحاب المصانع بالقطاع الخاص النزول عنه.

وأشار رجب، إلى أن المجمع بصدد تدشين خط إنتاج جديد يهدف لتصنيع الأعلاف من مخلفات البلح وخط لإنتاج الوجبة المدرسية مع إعادة تشغيل خط إنتاج عسل البلح " الدبس" والمعرض الخاص بالمجمع جنوب مدينة الخارجة.

الدكتور مجد المرسى، رئيس القطاع الزراعى في الوادى الجديد، أكد أن هناك خطة للتوسع في زراعة النخيل، وفق المبادرة الرئاسية لزراعة 2.5 مليون نخلة، موضحًا أن محصول البلح شهد في السنوات الأخيرة أنشطة ومعاملات تضمن زيادة فرص التسويق وزيادة العائد المادى للمزارعين، عبر التوسع في إقامة ثلاجات حفظ التمور، واقامة الملتقى التسويقى الأول للتمور، العام الماضى، بمشاركة العديد من الدول المنتجة للتمور، بالإضافة إلى التوسع في إقامة المشاتل والمعارض والندوات، التي تخدم المحصول الاستراتيجي لأهالي الوادي الجديد.

وأضاف مجد، أن القطاع الزراعي بتوجيهات اللواء محمد الزملوط، محافظ الإقليم، قطع شوطًا كبيرًا في تنفيذ مبادرة الرئيس السيسي بزراعة 2.5 مليون نخلة بالمحافظة، حيث جرى تقديم تسهيلات كبيرة للمستثمرين، وتوزيع 80 الف فدان عليهم لزراعتها بأشجار النخيل صنف الصعيدي الأكثر شهر بالمحافظة، وأصناف البرحي والمجدول وهي أصناف ذات عائد اقتصادي كبير، فيما تستعد المحافظة لتنظيم الملتقى التسويقي الأول للتمور بالوادي الجديد في شهر أكتوبر المقبل تزامنًا مع احتفالات المحافظة في الثالث من أكتوبر من كل عام.

وافتتح اللواء محمد الزملوط، محافظ الوادى الجديد، موسم حصاد التمور بإطلاق المبادرة المجتمعية «اتقوا النار ولو بشق تمرة»، من إحدى مزارع النخيل النموذجية بالخارجة، بحضور حنان مجدى، نائب المحافظ، وسيد محمود، سكرتير عام المحافظة، والدكتور مجد المرسى، مدير عام الزراعة بالمحافظة، والقيادات التنفيذية، وممثلى الأوقاف والجمعيات الأهلية والزراعية ومصانع التمور، ورؤساء القرى، وكبار المزارعين.

وأوضح المحافظ أن المبادرة تأتى في ظل التوسع في زراعة النخيل وإنتاج التمور بالمحافظة، في ضوء المبادرة الرئاسية لزراعة 2.5 مليون نخلة، وتستهدف جمع زكاة التمور لتخصيص عوائدها لصالح الحالات المستحقة ودعم المشروعات والخدمات بالقرى، من خلال لجان رسمية تتولى الجمع أو تسليم الكميات لمصانع التمور أو الجمعيات الزراعية المركزية، مؤكدًا على أهمية التكافل المجتمعى ودور الأفراد والجمعيات الأهلية في إحداث التنمية وتحقيق المأمول.

ووجه المحافظ بزيادة عدد ثلاجات حفظ التمور، الجارى إنشاؤها، بمجمع التمور بالخارجة، لزيادة الطاقة الإنتاجية من التمور المُصنعة، وسرعة الانتهاء من إنشاء السور المحيط بالمجمع، وتمهيد ساحة منطقة الثلاجات لتيسير عمليات النقل والتفريغ.

ولفت الزملوط، إلى أن المحافظة ستفتح غدا السبت الملتقى الثاني للتمور بأرض المعارض بحي الأمل بمدينة الخارجة بمشاركة دول عربية والقطاع الخاص.

إعلان