إعلان

حكاية ناصر وهدية الذهب.. بناة السد العالي يروون لمصراوي "لحظات الحياة والموت"

09:31 م الجمعة 10 يناير 2020

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

أسوان- إيهاب عمران:

60 عامًا مرت على تاريخ البدء في تأسيس مشروع السد العالي، وتحديدًا في التاسع من شهر يناير عام 1960، قبل أن تمر الأيام ليصبح البناء المصري، أعظم مشروع هندسي في القرن العشرين، حسب تصنيف الهيئة الدولية للسدود، لكن تلك النتيجة لم تكن وليدة الصدفة وإنما جاءت بقطرات عرق كتبت تاريخًا سطره هؤلاء العمال الذين تحملوا العمل في ظروف قاسية.

"مصراوي" التقى مجموعة من بناة السد، لينقل للأجيال الجديدة تلك الصورة التي كان عليها الوضع في أقصى جنوب البلاد قبل 60 عامًا.

"كنا نعمل بالليل والنهار في ظروف صعبة ولكن السد كان بالنسبة لنا مشروع حياة أو موت".. كلمات بدأ بها عم سيد رضوان حديثه لـ"مصراوي" مجسدًا الصورة التي كان عليها العمال المصريين في فترة بناء السد العالي، فالرجل رغم إرهاقه وتعبه بسبب كبر السن، لكنه استقبلنا ببشاشة وسعادة عندما علم أننا نريد توثيق رحلة عمله وخبرته وذكرياته عن السد العالي للأجيال القادمة.

وقال أنا من مواليد 1931 والتحقت بالعمل في السد العالي منذ بداية انطلاق المشروع في عام 1960، كنت أعمل ميكانيكي ديزل وأتقاضى 30 قرشًا في اليوم يعنى 9 جنيهات في الشهر، وكان هذا المبلغ وقتها ثروة كبيرة وكانت الأمور "زي الفل" واستطعت التحويش من هذا المبلغ وتأسيس منزل وتزوجت عام 1964، ورزقت بخمس بنات وأربع أولاد، منهم 4 حصلوا على شهادات عليا واثنين فوق المتوسط و3 تعليم متوسط".

وعن ذكرياته في العمل، قال كنا نواصل الليل بالنهار والعمل لا يتوقف أبدًا رغم صعوبة الظروف التي كنا نعمل بها وشاهدنا الموت أكثر من مرة وبالفعل سقط منا مئات الشهداء ولا أستطيع أن أنسى مشهد وفاة أكثر من 100 عامل انهارت عليهم الصخور أثناء أحد التفجيرات بموقع العمل ورغم ذلك قمنا بمواصلة العمل حتى تم انجاز مشروع السد العالي.

أما أكثر الأيام سعادة فكان يوم تكريمي من الرئيس جمال عبد الناصر ومنحي الميدالية الخاصة بمشروع السد العالي وتكريمي من الرئيس محمد أنور السادات ومنحي نوط الامتياز من الطبقة الثالثة في 15 يناير 1971 بمناسبة انتهاء العمل بمشروع السد العالي.

تدخلت في الحديث السيدة، بسيمة حامد توفيق زوجة عم سيد، قائلةً: "مشروع السد العالي كان وش الخير علينا ولا أنسى عند ولادة ابنتي الثالثة عام 1971 كان الرئيس السادات يتفقد المشروع وأعطانا 2 جنيه ذهب".

جانب آخر من الحكاية رواه محمد عبد الباسط عثمان 76 سنة قائلًا: "بدأت العمل بالسد العالي عام 1963، في شركة الأسمنت التي كانت مسئولة عن تجهيز الأسمنت لعمل الخرسانة بجسم السد العالي، وكنت أحصل وقتها على 6 جنيهات شهريًا، وأعمل من 8 ساعات إلى 12 ساعة يوميًا، وشاهدت الرئيس جمال عبد الناصر وسط العمال، وكانت تبدو على وجهه السعادة الكبيرة، وكنا نعمل لمصر ولخير الوطن، ونفتخر بأننا أبناء السد العالي".

أما فراج أبو الحسن أحمد 77 سنة، فيقول بدأت العمل بالسد العالي عام 1961 في قسم الحقن، ويعتبر من الأقسام الهامة في المشروع، وكنا نقوم بعملية "للتخريم في الجسم"، وبعد ذلك نقوم بعملية الحقن حتى لا تترسب المياه، وكنا نرى الرئيس جمال عبد الناصر وهو يرتدى القميص والبنطلون، وأحيانا كان يرتدى الملابس البلدية، لن أنسى الذكريات الجميلة عند تحويل مجرى مياه النيل، والفرحة الكبيرة التي كانت على وجوه الجميع، وأيضا لن أنسى افتتاح السد العالي والذي استقبلناه بالبكاء من الفرحة بعد المجهودات الكبيرة التي بذلها كل من شارك في هذا العمل العظيم، وخرجت على المعاش عام 1995 وأنا راض تمامًا عن مشوار كفاحي الذى لم أنسى منه أي لحظة سواء جميلة أو حزينة.

على جانب آخر يقول "محمد النوبي" سكرتير جمعية بناة السد العالي بأسوان إن دور جمعية بناة السد العالي هو توثيق ذكريات المشاركين في إنشاء السد العالي حيث تم توثيق نحو 300 من المشاركين في بناء السد العالي، بالصوت والصورة.

وأوضح أنهم ثروة هائلة تتعرض كل يوم للتناقص بسبب الوفاة وطالب سكرتير الجمعية الدولة بتبني مشروع توثيق مرحلة بناء السد العالي قبل وفاة الباقين من بناة السد العالي.

فيديو قد يعجبك: