إعلان

"كريم" طفل سكندري بدرجة رائد أعمال.. بدأ ابن 8 سنوات وجنى الأرباح في 6 ابتدائي

11:00 م الأربعاء 27 مارس 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الإسكندرية – محمد البدري:

لم يعد مُستغربا رؤية شباب في مقتبل العمر يروجون لأعمال من صنعهم في الأماكن العامة حتى يتحول عملهم مع الوقت إلى أحد المشروعات الريادية الناجحة، إلا أنك حتمًا ستشعر بالدهشة إذا كان النموذج لا يزال طفلا في المرحلة الابتدائية، استطاع أن يؤسس مشروعه الصغير في صناعة المشغولات اليدوية، حتى بدأ يؤتي ثماره من أرباح وإن كانت بسيطة.. هكذا بدأت قصة "كريم السكندري".

كريم محمد، طفلًا سكندريًا بالكاد صعد على درجة ربيعه العاشرة، ولا يزال طالبًا في الصف السادس الابتدائي، جسد نموذجا لرائد الأعمال الصغير، بعدما أسس مشروعه الخاص لصناعة المشغولات اليدوية البسيطة "الاكسسوارات" وبدأ رحلته في هذا المجال قبل عامين في عمر الثامنة، بدعم وتشجيع من أسرته على تحقيق حلمه.

"صباح الخير معايا اكسسوارات هاند ميد عاملها بنفسي تحب تشوفها".. كلمات بسيطة يلقيها "كريم" على مسامع الجالسين في مقهى بمنطقة محرم بك، والذين رغم اعتيادهم كغيرهم من رواد المقاهي على مرور العشرات من الباعة لترويج بضاعتهم بصورة تجعل الغالبية لا تنجذب بسهولة لتلك العروض، إلا أن الطفل بدا وكأنه يملك الموهبة في لفت الانتباه، فحداثة عمره وحديثه عن موهبته في الصناعة اليدوية كانت كفيلة لإثارة فضول من يتحدث إليهم وهذا كل ما يكفيه ليبرهن أن بضاعته تستحق الشراء.

قبل ما يزيد عن العامين كان "كريم" بصحبة والدته لشراء بعض المستلزمات المنزلية من سوق "زنقة الستات" الشهير بالإسكندرية، وخلال تلك الجولة لفت سوق الاكسسوارات انتباه الطفل الصغير فبات يسأل عن المزيد من التفاصيل لانبهاره بأشكالها والألوان والخامات، كأي طفل لديه فضول، حتى تطرق الحديث إلى أسعار المنتجات والتي كانت باهظة من وجهة نظر والدته.

ومع حديث والدته عن غلاء أسعار تلك المنتجات باعتبار أن خاماتها الأصلية متوفرة في الأسواق لا تساوى 20% من السعر النهائي للمنتج، كان رد الصغير بشكل تلقائي "وليه معملهاش أنا وأبيع بسعر أقل وأوفر للناس وأكسب كمان"، ولم تفصح الأم عن رأيها في بادئ الأمر باعتبار أنها مجرد أحلام طفل صغير، إلا أن تعلقه بالفكرة وإصراره على تنفيذها فتح المجال لوالديه للتفكير في أن ذلك قد ينمي الإحساس بالمسؤولية عند طفلهم ليتخذ الوالدان قرارهما "ولما لا، ولكن بشروط."

كانت الشروط الأبوية صارمة؛ فالعمل ليس مهمته الأساسية في هذا العمر وإنما التفوق والنجاح الدراسي، وإذا كان هناك موافقة على خوضه تجربة عمل خاصة به، فهي من باب تشجعيه على تحمل مسؤولية أبدى استعداده للتعامل معها، لذا فالتزامه بمهامه الأساسية المتعلقة بسنه كانت الأساس في خوضه التجربة".
بدأ الصغير في ادخار مبلغ مالي من مصروفه اليومي لشراء الخامات بمساعدة والدته، وتضمنت قطع الخرز بأشكالها إضافة إلى الخيوط الشفافة، وحاول في بداية الأمر أن يقلل كمية الخامات المستخدمة حتى يصل إلى حد الإتقان وهو ما جعله يستعين ببعض مقاطع الفيديو الخاصة بشرح وتعليم صناعة الاكسسوارات البسيطة في صورة أساور الموجودة على شبكة الإنترنت، حتى تطور الأمر.

بإمكان كريم حاليا أن ينهي عمل قطعة واحدة في مدة لا تتجاوز 15 دقيقة، ويقوم بعرض سلعته في أماكن محددة لا تبعد كثيرا عن منطقة سكنه أو مدرسته، وبات وجهه مألوفا ومرحبًا به لدى القائمين على بعض الأماكن العامة بالمنطقة تشجيعا منهم له في اعتماده على نفسه، كما استطاع أن يكسب بعض العملاء الجدد من دائرة زملائه في الدراسة وأسرهم وبعض معارف أسرته.

في الوقت نفسه لا يجد الصغير أي مشكلة في الجمع بين دراسته واستكمال مشروعه الخاص خاصة وأن أساس استمراره فيما يحب، يرتبط بحفاظه على تفوقه الدراسي، موضحًا أنه حصل على نسبة 90% في نتيجة امتحانات نصف العام الدراسية الأخيرة للصف السادس الابتدائي، وهو الوقت الذي بدأت تزدهر فيه مبيعاته نسبيا ليبدأ رحلته في جني أرباح مشروعه الخاص.
يأمل كريم في أن يطور تجارته مع مرور الوقت، "نفسي اشتري محل لما أكبر يكون فيه كل الأدوات الخاصة بالإكسسوارات وأبيعها للناس بسعرها الحقيقي من غير ما اكسب منهم 10 أضعاف"، وعلى المستوى الدراسي يطمح في أن يستمر في تفوقه حتى يصل إلى الدراسة بكلية الهندسة.

وبالرغم من أن موهبة كريم في صناعة المشغولات اليدوية كانت سببا رئيسيا في تنفيذ مشروعه، إلا أنه لا يمكن تجاهل مساعدة أسرته له على تحقيق حلمه، وهو ما يعزز فرضية أن تشجيع أحلام الصغار مع التوجيه الأسري الصحيح قد يخلق العديد من الأطفال الرياديين.

فيديو قد يعجبك: