إعلان

"مسكت إيده وهو حي".. ماذا حدث لـ"محمد" على صخرة لوران بالإسكندرية؟ - (القصة الكاملة)

11:53 ص الثلاثاء 19 مارس 2019

الإسكندرية – محمد عامر:

الواحدة ظهرًا، نهار غائم في ثاني أيام نوة "الشمس الكبيرة" الممطرة، وهدوء معهود على كورنيش الإسكندرية، تتداخل أصوات السيارات مع تلاطم أمواج البحر.

وعلى شط لوران شرقي المدينة الساحلية، وقف "محمد" رفقة شقيقه وابن عمه يتبادلان الحديث والضحكات، فقلما وجدا الوقت للتنزه والتخلص من عناء العمل.

اختار الشاب العشريني "محمد" صخرة كبيرة، وضعت وزارة الري العشرات منها لحماية الشاطئ من الأمواج العاتية، طالبا من ابن عمه التقاط صورة له بينما البحر يموج خلفه.

وفي لمح البصر، وبينما "محمد" يبتسم ضاحكا للكاميرا، ضربت موجة عاتية الصخرة التي تغطيها الطحالب، ليختل توازنه ويسقط في البحر الهائج لتصبح "صورة الموت".

جثة مفقودة

"في غريق في شط لوران".. بلاغ تلقاه قسم شرطة الرمل أول، لينتقل الرائد عمرو أبوعرب، معاون مباحث القسم على رأس قوة، يرافقه قوات الإنقاذ النهري إلى موقع الحادث.

وفي مسرح الحادث، انشغلت قوات الإنقاذ النهري في البحث عن جثمان "غريق صخرة لوران"، وسط موج عال يزداد ارتفاعه مع اقتراب ساعات الليل، دون جدوى، فلا أثر لجثة محمد.

محمد خالد شحاته السيد البربري، 21 عاما، طالب، مقيم بعزبة محسن بدائرة قسم شرطة أول المنتزه، هكذا تضمن المحضر المحرر بقسم شرطة أول الرمل من بيانات عن ضحية صخرة لوران.

في انتظار ابني

في درجة حرارة تقل عن 10 درجات مئوية، قضى "خالد شحاته" نجار مسلح، رفقة أفراد أسرته، ساعات ليل الأحد على كورنيش الإسكندرية بجوار كافيه "4x4"، رافضا أن يغادر المكان الذي شهد آخر خطوات ابنه على الأرض.

يتذكر مواقف جمعته بابنه "محمد" تارة، ويناجي البحر أن يعيد له جثته تارة أخرى، هكذا مر الليل على الأب المكلوم في انتظار الغائب، دون أن ينقطع نحيبه ودموعه على ابن خطفه البحر منه في ريعان الشباب.

"الغرقان يتعلق بقشاية"

15 دقيقة من الصراخ والرعب، عاشها شقيق "محمد"، فصورة شقيقه وهو يصارع الموت بين الأمواج العاتية والصخور طبعت في ذاكرته ولن يستطع أن ينساها أبد الدهر.

"الغرقان يتعلق بقشاية".. مثل شعبي تجسد لحظة غرق "محمد"، حيث أكد شقيقه وابن عمه في أقوالهم بمحضر الشرطة أنهم ألقوا بأنفسهم خلفه بعد سقوطه محاولين إنقاذه دون جدوي.

"مسكت إيده وهو حي في المايه أكتر من مرة لكن الموج كان جامد وبيزقنا ويفرقنا عن بعد تاني لغاية ما اختفى محمد ومبقناش لقينه لا أنا ولا ابن عمه".. هكذا قال شقيق الضحية في محضر الشرطة متذكرا أسوأ لحظات حياته.

جثة وسط الصخور

"عااااجل ياشباب للأهمية.. في حالة غرق أمام شارع الإقبال اللى حابب يشارك.. وادعو للمفقود بالرحمة والظهور إن شاء الله".. نداء استغاثة تبادله عدد كبير من الغطاسين على صفحاتهم بموقع التواصل الاجتماعي بـ"فيسبوك".

تجمع الغطاسون لمساعدة الإنقاذ النهري في البحث عن الجثمان المفقود، في مهمة واجهت العديد من الصعاب، نظرا لوجود صعوبة في الرؤية تحت الماء بسبب "المياه العكرة"، وكثرة الدوامات، وارتفاع أمواج البحر.

ومع شروق شمس اليوم الاثنين، نجح الغطاسون أخيرا في تحديد موقع الجثة، حيث قال إيهاب سعد، أحد الغطاسين المتطوعين في أعمال البحث، إنه عثر على جثة "محمد" في نفس الموقع الذي غرق فيه لكن الجثة "مزنوقة" بين الصخور، مطالبا الجميع بالدعاء.

وفي تمام الساعة العاشرة و15 دقيقة صباحا، حانت الساعة التي انتظرها الجميع طيلة نحو 21 ساعة، حين نجح أحد الغطاسين في استخراج الجثمان.

اسمه على اسمي

"كان بيقولي عايز أجيلك دهب يومين في الصيف".. يتذكر محمد خالد، تفاصيل آخر مكالمة جمعته بصديقه "محمد" قبل 5 أيام من وفاته، قائلا:" اسمه على اسمي.. كنا مع بعض في فصل واحد بمدرسة الرأس السوداء الثانوية الصناعية لم نفترق إلا بعد التخرج وسفري لدهب للعمل".

ويضيف "خالد" أن صديقه محمد بعد حصوله على دبلوم فني صناعي، قسم جرارات، كان يعمل بمحل سوبر ماركت صغير يملكه والده بعزبة محسن، مشيرا إلى أنه شاهده مرة يعمل بمحل لصيانة وتصليح الثلاجات بشارع خالد بن الوليد.. "قولتله إيه اللي جابك هنا؟ قالي أنا شغال هنا".

وتابع صديق ضحية صخرة لوران في حديثه لـ"مصراوي":"لما عرفت بالحادث اتصدمت.. ده لسه مكلمني مش قادر أصدق.. الله يرحمك ياخويا ويصبرنا".

اشتاق للموت آخر كلماته

وعلى صفحة "محمد" التي تحمل اسم شهرته "مستر بربري" عمت حالة من الحزن بين أصدقائه وأقاربه، حيث كتب صديقه "محمود الهباش": "ربنا يرحمك يأخويا.. وداعا مستر بربري".

وتداول آخرون، عبارات كتبها "محمد" قبل وفاته غرقا على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" منها "لا اعرف معنى الموت ولكن اشتاق إليه".

تحرر محضر بالواقعة بقسم شرطة أول الرمل، وصرح المستشار أحمد غيث، رئيس نيابة أول الرمل، بدفن الجثمان دون تشريحه نظرا لعدم وجود شبهة جنائية.

فيديو قد يعجبك: