إعلان

بالصور.. قبل إعادة افتتاح "المتحف اليوناني الروماني".. قصة أول بناء تاريخي بعد دمار الإسكندرية بمدافع بريطانيا

10:57 م الثلاثاء 10 ديسمبر 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الإسكندرية - محمد البدري:

بعد سنوات من الغلق امتدت لنحو 15 عامًا، تستعد وزارة الآثار لإزاحة الستار عن المتحف اليوناني الروماني وإعادة افتتاحه في عام 2020، ضمن مجموعة من المشروعات القومية لترميم المناطق الأثرية بهدف تنشيط السياحة في مصر.

المتحف الذي بدأ العمل في إعادة ترميمه بداية عام 2018، يعتبر تحفة فريدة من نوعها إذ يعد أحد أقدم المباني في مصر التي شيدت من الأصل بهدف أن تكون متحفًا على عكس مبان مثيلة كانت في الأصل قصورًا ملكية وجرى تحويلها إلى متاحف. مصراوي يرصد في التقرير التالي جانبًا من تاريخه، وأبرز المراحل التي جرت في عملية إعادة إحيائه.

قصة فريدة وراء إنشائه

يقول الدكتور إسلام عاصم، أستاذ مساعد التراث بالمعهد العالي للسياحة والفنادق نقيب المرشدين السياحيين السابق، إن قصة المتحف الذي تأسس قبل نحو 129 عامًا، كانت فريدة من نوعها حيث جرى إنشائه بعد جهود من رموز المجتمع السكندري في هذا الوقت، والذين كان أغلبهم أعضاء في مجلس بلدية مدينة الإسكندرية - المجلس الشعبي المحلي - وهم من مختلف الجنسيات الذين عكسوا طبيعة الحياة الاقتصادية والسياسية في هذا الوقت.

وأضاف عاصم لمصراوي أن مدينة الإسكندرية كانت مرت بمرحلة إعادة الإعمار في نهاية القرن التاسع عشر بعد ما خلفته مدافع الاحتلال الإنجليزي من دمار، وخلال تلك المرحلة أظهرت عمليات التوسع المعماري عددًا كبيرًا من الاكتشافات الأثرية من العصور الرومانية واليونانية ما جعل رموز المجتمع يفكرون في إنشاء صرح يجمع تلك الاكتشافات للحفاظ عليها باعتبارها إرثًا تاريخيًا للمدينة، على أن يقوم كبار رجال المدينة بإهداء القطع التي يعثر عليها في أراضيهم إلى المتحف وهذا ما يفسر إطلاق أسماء "أنطونيادس، والأمير عمر طوسن، ومنشا" على قاعات المتحف.

وأوضح أن إنشاء المتحف كانت رغبة مجتمع أكثر من أي شيء آخر، حيث لم يكن ضمن أهداف الخديوي عباس حلمي الثاني الذي افتتح المبنى في عهده، وإنما بجهود من مجلس بلدية المدينة الذي يمثل المجتمع السكندري آنذاك، لافتًا أن المتحف افتتح رسميًا عام 1892م في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، وفقًا لأرشيف وزارة الآثار.

أشار إلى أن المتحف ظل يؤدى رسالته العلمية والثقافية والتعليمية للزائرين من المصريين والأجانب إلى أن صدر قرار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار فى 2005 بالغلق للتطوير، وهو ما بدأ الاستعداد له بجرد جميع مقتنيات المتحف وتوثيقها، وترميم ما يلزم ترميمه منها قبل تغليفها ونقلها إلى المخازن المتحفية، كما تمت إعارة مجموعتين من القطع لمتحف آثار مكتبة الإسكندرية ومتحف الإسكندرية القومي لتعرض بهما مؤقتًا.

كواليس البناء في كتاب عمره 100 عام.

اطلع "مصراوي" على كتاب "بلدية الإسكندرية وصف المدينة القديمة والحديثة والمتحف الروماني اليوناني" وهو كتاب باللغة الفرنسية عن المتحف أعده قبل 100 عام عالم الأثار الشهير "بريتشيا" أول من تولى العمل المتحف وأدار شؤونه في السنوات الأولى لافتتاحه، وذكر الكتاب، أن الآثار كانت مشتته وكان يتم الكشف عن المزيد بشكل متتابع ما أدى إلى التطلع للتوسع في أعمال التنقيب حتى تأكد الجميع أن الإسكندرية تخفي في أرضها ثروة هائلة من الآثار التي قد تحمل الشهرة إلى البعض.

ويستكمل العالم الأثري في كتابه أن الاكتشافات نجحت في جذب اهتمام السكان ومجلس البلدية والحكومة ووافق الجميع على مشروع إنشاء المتحف بدعم مالي مجلس البلدية التي دفعت النفقات اللازمة للمباني والموظفين والحفريات وصيانة القطع المكتشفة.

ويوضح الكتاب الذي طبع قبل قرن من الزمان أن المتحف بني على فترات ولم يكن يحوى كل الغرف والقاعات المعروفة في الوقت الحالي، إذ افتتحت البلدية المبنى المخصص في عام 1895 وبدأت بقاعة مستطيلة بالجناح الغربي تضم حولها 10 غرف وفي عام 1896 بنيت قاعتين أخريين، وفي عام 1899 بمناسبة ولادة ولي العهد الأمير عبد المنعم تم افتتاح القاعات 13-16؛ في عام 1904 تم افتتاح القاعات من 17 إلى 22، وكان الاكتشافات تساهم في سرعة التوسع وصولاً لدمج القاعات في مبن واحد يمثل تخطيط المتحف الحالي.

مراحل التوسع

ضم المتحف في بداية تأسيسه 11 قاعة تحوى المئات من القطع الأثرية من عصور مختفلة، ثم تتابعت إضافة القاعات حتى وصل عددها بعد التطوير الذي تم في عام 1984م إلى 27 قاعة بالإضافة إلى الحديقة المتحفية، ويرجع تاريخ معظم مقتنيات المتحف إلى الفترة الممتدة ما بين القرن الثالث ق.م حتى القرن الثالث الميلادي، وتشمل العصرين البطلمي والروماني وكذلك العصرالقبطي.

أقدم صيحات الموضة المصورة

يتميز المتحف عن غيره باحتوائه على أكبر مجموعة في العالم من تماثيل "التيناجرا" وهي مصنوعة من الطين كانت بديلا لكتالوجات الموضة المعروفة في العصر الحديث وهي تمثل الموضة في العصر الروماني اليوناني، وتعد مصدرا اجتماعيا للتعرف على سيدات الإسكندرية خلال العصر البطلمى ومستوى الجمال البشرى والطبقة الاجتماعية والأزياء وأساليب تصفيف الشعر في الإسكندرية قبل ما يزيد عن ألف عام.

مقتنيات نادرة

ويضم المتحف أكبر تمثال في العالم يمثل الإمبراطور دقلديانوس مصنوع من مادة "البروفير" وهو نوع من الحجر الأحمر النادر، فضلاً عن المئات من القطع القبطية والآلهة اليونانية والأباطرة الرومان وعدد من الممياوات، كما يضم تمثال الإله سيرابيس أو عجل أبيس الشهير والذي أراد به حكام مصر آنذاك في التقريب بين الشعب المصري وأصحاب الحضارات اليونانية الرومانية في عقيدة دينية واحدة.

ويحوي المتحف العديد من الأوانى الإغريقية الرومانية المستعملة في الحياة اليومية وفى المعابد وفى المناسبات والأعياد ودمى للعب الأطفال على هيئة حيوانات، كما يضم المتحف عناصر معمارية من بقايا مبانى ومقابر الإسكندرية ذات الطابع المصري اليوناني المختلط.

ووفقًا لمصدر بوزارة الآثار المصرية كشف المتحف عن مقبرتين هامتين إحداهما من العصر البطلمي عثر عليها بمنطقة سوق الورديان غربي الإسكندرية والأخرى ترجع الى العصر الرومانى وقد تم قطعهما ونقلمها الى الحديقة القبلية للمتحف ويحتوى المتحف على عدة قاعات كل قاعة تضم مجموعة من الآثار فى العصور المختلفة.

مكتبة المتحف.. مخطوطات نادرة من الإسكندرية القديمة

تعد مكتبة المتحف اليوناني الروماني واحدة من أهم المكتبات الموجودة بالإسكندرية إذ تزخر بالعديد من الكتب النادرة، وقد تم نقلها إلى قاعة بالمتحف البحري حتى تكون متاحة للدارسين. وقد تم في سبتمبر 2010م إزالة سقف المكتبة الأصلي لإنشاء الطابق الثاني كما هو مخطط طبقًا للتصميم الجديد للمبنى بعد التطوير، لكن العمل توقف عقب ثورة 25 يناير 2011، غير أنه يجري حاليًا استئناف العمل بهذا المشروع.

مشروعات قومية تعيد إحيائه

كانت خصصت الدولة مبلغ مليار و270 مليون جنيه لتطوير وترميم 8 مشروعات أثرية على مستوى الجمهورية هي المعبد اليهودي، المتحف القومي للحضارة المصرية، تطوير هضبة الأهرامات، قصر البارون، قصر محمد علي بشبرا، استراحة الملك فاروق بمنطقة أهرامات الجيزة، المتحف اليوناني الروماني وقصر الكسان بأسيوط.

وأعلنت اللجنة العليا لسيناريو العرض المتحفي بوزارة الآثار، الانتهاء من وضع التصور النهائي لسيناريو العرض المتحفي الجديد للمتحف وتوزيع القطع الأثرية المختارة، آخرها الفسيفساء التي تم الإعلان عن اكتشافها مؤخرا في منطقة آثار كوم الدكة بالإسكندرية.​

فيديو قد يعجبك: