إعلان

قصة عم أحمد القفّاص.. 40 عامًا من العمل والألم وحرفة تواجه الاندثار

07:42 م الأربعاء 12 ديسمبر 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

سوهاج – عمار عبد الواحد :

جالسًا القرفصاء بجسده النحيل غير عابئ بالمارة شديد التركيز فيما يصنع، تشققت يداه من صناعته التي تقاوم الاندثار في ظل التطورات التكنولوجية، كما يقاوم هو آلام ظهره من جلسته الطويلة، يضع يده عليه ممسكاً به حين يقوم.

عم أحمد علي، الرجل الخمسيني، أقدم قفّاص بمدينة طهطا شمالي محافظة سوهاج، بشارع رفاعة باشا الذي تحوّل اسمه إلى شارع القفاصين، بعد أكثر من 40 عامًا من اتخاذ القفاصين له مكانًا لعرض منتجاتهم من الجريد.

"صناعة الجريد من الصناعات اليدوية التراثية بمحافظة سوهاج، تعاني الإهمال الشديد وعدم الاهتمام بها، ما يُهدد مستقبلها الاندثار شيئًا فشيًا تذهب طي النسيان، أوشكت أن تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد أن غلبها تطور الحياة" هكذا أوضح عم أحمد ما تواجهه حرفته من تراجع.

وأضاف أنتمي لعائلة "القفاصين" بمدينة طهطا التي اشتهرت بهذه الصناعة التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، يبيعون منتجاتهم لغالبية مراكز وقرى شمال المحافظة .

يعتمد عم أحمد في مهنته على أدوات حديدية غير معتادة للقياس وتقطيع الجريد بأشكال هندسية مختلفة الأحجام، فمعه قطع خشب يقيس بها طول وعرض وارتفاع الجريد، وقطعة من المعدن تسمى "عَلام" لتخريم الجريد، وساطور للتقطيع، وسلاح معدني يشبه السيف لتقليم أعواد النخيل، وقرمة من الخشب مثبتة على الأرض يدق عليها الجريد، ويخرمه بمقاسات ثابتة ومحسوبة .

يحكي "علي" القفاص تاريخه مع مهنته منذ صغره، قائلًا "تعلمتها من والدي وجدي عندما كان عمري 15 سنة، أحبها ولا أعرف العمل بأي مهنة سواها، متابعًا لا أنوي تعليمها لأبنائي لعدم جدواها وتحقيقها ربحًا يكفي متطلبات أسرتي المكونة من 8 أفراد .

وأضاف "نصنع العديد من أنواع وأشكال المنتجات الجريدية منها سرير الأطفال، وطاولة العيش، وكفاية الفراخ، وقفص الفاكهة، كرسي الهزاز ولكن بالطلب، فوانيس رمضان والزهريات وترابيزات الحدائق والمقاهي".

فيما أشار الرجل إلى أن مهنته أصيبت بالعديد من الأمراض غالبيتها "عظام" بسبب القعدة التي تحتاجها الصنعة، ويخشى على مستقبل الصناعة التي قاربت على الانقراض، لقلة الطلب عليها بسبب الانتشار الكبير للمنتجات البلاستيكية.

يشتكي عم أحمد من كساد سوق منتجاتهم الجريدية قائلاً "طوال عمري لم أرى مثل هذا الكساد في السوق، والذي شهدته السنوات الأخيرة، بسبب انتشار الأقفاص البلاستيكية بشكل كبير، والتي أثرت بالسلب على صناعتنا، فغالبية تجار الفاكهة والخضروات بالأسواق يلجأون حاليًا لتلك الأقفاص الحديثة لأنها أطول عمرًا من الخشب، وغير قابلة للكسر بسهولة ورخيصة، أما نحن بنقاوم آلام الظهر وحدنا والتي لن نرضى أن نورثها لأبنائنا أبدًا".

فيديو قد يعجبك: