إعلان

تحويل القبح لجمال.. حكاية أول حديقة في مصر من مخلفات البناء (صور)

03:19 م السبت 06 أكتوبر 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الإسكندرية – محمد عامر:

في صبيحة أحد أيام شهر سبتمبر المنقضي، استيقظ سكان منطقة الشاطبي على أصوات سيارات نقل تُفرغ حمولتها من الأخشاب القديمة والزلط و"الكاوتش" داخل حديقة بيرم التونسي المطلة على كورنيش الإسكندرية.

لا أحد كان يدري ماذا يحدث لحديقتهم.. فقط يتذكرون اليوم الذي أغلقت فيه بوابات الشاطئ المواجه لهم في وجوههم، بعدما خُصص لرواد كازينو الشاطبي دون غيرهم، فهل تلقى الحديقة المصير نفسه؟.. هذا من شغل بال الأهالي وقتها.

لم تستمر حيرة السكان كثيرًا، وسرعان ما توافدوا على الحديقة ليساعدوا في نقل الأخشاب والمعدات والكاوتش، فالأمر ليس كما خيل لهم، فحديقتهم التي عانت من الإهمال طويلًا، لاقت أخيرًا من يهتم بها ويجملها بطريقة غير تقليدية.

أنهم شباب مبادرة "عمار يا إسكندرية بناسها".. يسعون لتجميل حديقة بيرم التونسي كأول حديقة في مصر يتم تطويرها وتجميلها بإعادة تدوير مخلفات العقارات المخالفة التي صارت ومازالت الأزمة الأكبر لعروس البحر المتوسط.

على مدار 15 عامًا، استفحلت أزمة البناء المخالف في المدينة الساحلية، حتى بلغ عدد العقارات المخالفة بحسب الأرقام الحكومية إلى 48 ألف و665 مخالفة بناء صادر لها أكثر من 139 ألف قرار إزالة، لم ينفذ منها سوى القليل.

ووسط زحام القرارات المتعلقة بأزمة البناء المخالف، وجد "محمد كساب" و"منال عباس" وآخرون متطوعون ضالتهم في تحويل القبح إلى جمال، تمثلت في الأخشاب والزلط المتحفظ عليه من العقارات المخالفة، والكاوتش المستخدم في إشغال الطريق العام.

محمد كساب، 32 سنة، حاصل على بكالوريوس تجارة قسم إدارة أعمال، لم يرض بالأعمال المكتبية كونه يعمل معاونًا لرئيس حي وسط الإسكندرية، وقدم مبادرته غير التقليدية لتجميل حديقة بيرم التونسي بالجهود الذاتية.

"أردت استخدام مخلفات البناء وحملات المرافق في عمل ينفع الناس".. يقول "كساب" لـ"مصراوي"، مشيرًا إلى أنه قدم مبادرته لتطوير وتجميل "بيرم التونسي" بإعادة تدوير المخلفات، لبهية عبدالفتاح رئيس حي وسط الإسكندرية.

"أوافق مع كامل دعمي وتشجيعي لفريق العمل والداعمين من المجتمع المدني".. هكذا سجلت رئيس حي وسط موافقتها على المبادرة وسمحت لهم باستخدام مخلفات البناء من الأخشاب والكاوتش وسيارات لنقلها إلى الحديقة.

ويضيف كساب: "تسلمنا موقع العمل بمشاركة نحو 100 شاب متطوع من أعضاء المبادرة وقمنا برفع جميع المخلفات وتنظيف الحديقة كمرحلة أولى.. شملت أيضًا زراعة النباتات والأشجار بكامل مسطح الحديقة البالغ 3100 متر.

لم يستثن كساب شيئًا من مخلفات البناء إلا استخدمها فالزلط يتم دهانه بألوان مبهجة ويوضع في الفواصل بين أرضيات الحديقة، وإطارات السيارات "الكاوتش" التي كانت تستخدم في إشغال الطريق العام، جرى دهانها لتستخدم كمقاعد وطاولات.

أما الأخشاب فاستخدمت بعد تقطيعها وحرقها في تصنيع مظلات وبرجولات ومقاعد ومراجيح لزوار وأطفال الحديقة، فضلًا عن استخدامها في إقامة سور للحديقة بطول 3100 متر وبارتفاع 120 سنتيمتر، يتخلله 3 بوابات للدخول والخروج.

ويضيف كساب: "الدولة لم تتحمل أي أعباء مالية في تطوير وتجميل الحديقة ولسنا تابعين لأي حزب سياسي.. نحن مجموعة من الشباب المحب لوطنه ونأمل أن يتم تعميم التجربة بمختلف محافظات الجمهورية".

لم يقتصر العمل في تجميل أول حديقة بمصر باستخدام "المخلفات" على شباب مبادرة "عمار يا إسكندرية بناسها"، بل حرص أهالي الشاطبي، كبار وصغار، على المشاركة في تلوين وقطع الأخشاب، بينهم أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة.

ومع اقتراب انتهاء أعمال التطوير وإعادة فتح الحديقة في ثوبها الجديد أبوابها بالمجان أمام الزوار، استقبلت مقاعدها العروسين "هاني" و"ندى" للاحتفال بزفافها وسط حالة من البهجة والسعادة بين جميع العاملين من الشباب والمتطوعون.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان