أحد أبطال نصر أكتوبر يعيش على مياه الطلمبة.. ويؤكد: "مصر ناسياني بعد 10 سنين حرب".. فيديو وصور

04:37 م الأحد 23 أبريل 2017

كتب – عمار عبد الواحد:

"الدولة ما قدمتليش حاجة وناسياني بعد ما حاربت 10 سنين وشلت اسمها".. بهذه الكلمات بدأ عبد الرؤوف جمعة عمران كُريِّم، أحد أبطال حرب أكتوبر، صاحب الـ72 عامًا، ابن نجع مناع بناحية قرية الشوش بسوهاج، حكايته لـ"مصراوي"، شاكيًا التجاهل من قبل المسؤولين، ومعاناته وأسرته من متاعب الحياة وآلامها.

إعلان

قضى "عبد الرؤوف"، 10 سنوات في كتيبة الصاعقة بالجيش الثاني الميداني، كاد خلالها أن يفقد حياته أكثر من مرة، بعدما التحق بـ "كتيبة مهمة بلا عودة"، وأصيب بدفعة رشاش من أعلى دبابة للعدو الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، ليبقى 4 أشهر دون وضع قطرة ماء على جسده، ليُنظفهُ من غبار المعركة أو يغسله من آثار دماء الحرب. "لم تُقدم الدولة أو محافظة سوهاج أو القوات المسلحة، أي شيء يذكر، من خدمات له أو لأبنائه، أو مساعدات مادية عرفانًا للجميل"، وفق روايته.

وداخل منزل بطل الصاعقة، المبني بالطوب الأبيض البلوك ومسقوف بأفلاق وجريد النخيل، أسفل طريق سوهاج – بندار، رصد "مصراوي" عدم وجود مياه شرب نقية، حيث يعيش "جمعة" وأسرته، المكونة من 17 فردًا بينهم 6 أبناء، والباقي أحفاد، على مياه الطلمبة الحبشية، التي اختلطت مياهها بالصرف الصحي، بعدما حوّل أهالي القرية، مياه الصرف الصحي بواسطة "قايسونات" للمياه الجوفية؛ ما يهددهم بالعديد من الأمراض التي تصيب الجهاز الهضمي والكلوي، إضافة لحرمان منزله من الكهرباء حتى عام 2010، حتى توصيل التيار له بنظام العدّاد المؤقت.

حكى صاحب القامة المرتفعة، والجبين الذي يكسوه ويلات الحروب، قائلا: "عمري وشبابي كله قدمته للوطن ومفكرتش مرة أبخل عليه، ولو ينفع يخدوني تاني الجيش في سِني ده كنت رحت، وبالرغم من كل التضحيات مشفتش مقابل من الدولة على تعبي ليها".

وأضاف جمعة: "أولادي الـ 6 مفيهومش واحد موظف، وأرزقية على باب الله يعملون بنظام اليومية في الحقول، يوم فيه وعشرة مفيش، ومكفيين المعايش اللي أصبحت نار على الجميع بالكاد".

ويوضح "بطل الصاعقة"، أنه عمل بوظيفة معاون خدمات بمدرسة بذات الناحية بعد عودته من حرب أكتوبر، وأصبح الآن على المعاش، مفيدًا أن ما يتقاضاه من مرتب لا يكفيه شيئًا هو وأسرته، خاصة بعد الارتفاع الجنوني للأسعار، وقال في رضا وقناعة: "كل ما أملكه من الدنيا "ستر ربنا" و10 قراريط أرض ليسوا ملك حُر وإنما أرض إصلاح زراعي، وأقوم بدفع 1800 جنيه للدولة عليهم سنويًّا مقابل الانتفاع بهم، والمنزل الذي كان مشيدًا في البداية بالطين، جرى تجديده بالطوب الأبيض "البلك" يقع في بدايتهم تحت سفح الطريق مباشرة".

ويتمنى بطل حرب أكتوبر أداء فريضة الحج على نفقة القوات المسلحة، وأن توفر الدولة أو المحافظة وظيفة حكومية لأحد أبنائه الـ 6، لا سيما أن نجله رمضان، 27 عامًا، حاصل على ثانوية أزهرية، من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك مساعدته في تشييد منزله وتوصيل المياه النقية النظيفة لحمايته وأبنائه وأحفاده من المرض.

ولفت "جمعة" إلى أنه كان في طي النسيان حتى ثورة 25 يناير، وأن محافظة سوهاج كرّمته مرة واحدة في ذكرى حرب أكتوبر وأهدته درع المحافظة فقط.

وأشار إلى أن ما عاد عليه من الحروب التي شارك فيها هي بعض الصور التذكارية والدروع والشهادات، وأنه لم يحصل على شيء يعود بالنفع أو الخير له أو أولاده، الذين أصبحوا "عاطلين" رغم بطولات وتضحيات والدهم.

يذكر أن عبد الرؤوف جمعة، عُرفت كتيبته باسم "الكتيبة المفقودة" أو "كتيبة مهمة بلا عودة" في حرب 1973، حيث كانت مهمتها إيقاف أي إمدادات إسرائيلية أو إقلاع أو هبوط أي طائرات إسرائيلية من وإلى مطار أبو رديس في عمق سيناء، وكذلك تأسيس نقطة استطلاع متقدم في سيناء.

ويروي البطل السوهاجي، مقتطفات من اللحظات الفارقة التي عاصرها يوم العبور، حيث يقول: "أُبيدت كتيبتنا بالكامل أثناء تأدية مهمتها، والتي انتهت بنجاح ساحق للجيش المصري العظيم، ولم يتبق من الكتيبة سوى 4 أفراد فقط على قيد الحياة، أنا واحدٌ منهم".

وتابعه حديثه: "أُصبتُ بدفعة رشاش متعدد من مدرعة إسرائيلية، واخترقت الطلقات ظهري لتخرج من ساقي ومثانتي.. وعالجت نفسي واستمررت في مهمتي بعد تضميدي للجراح".

ويختتم ابن نجع مناع حديثه مع "مصراوي" بالقول: "كل شيء فدا مصر وجيشها الباسل العظيم، واللي حضر حرب واحدة وشارك فيها يعرف قيمة الجيش، وميمسهوش ولو بكلمة واحدة".

إعلان