تراشق اتهامات بين الدول الكبرى.. من المسؤول عن تخريب نورد ستريم؟

كتبت ـ سلمى سمير

في الوقت الذي تستعد فيه الدول الأوروبية لعقد اجتماع مجلس الأمن غداً الجمعة، لبحث قضية تسرب الغاز الطبيعي الذي حدث هذا الأسبوع في خطي نورد ستريم 1 و2، أُعلن اليوم عن تسرب جديد في خط الغاز في بحر البلطيق.
ويقع التسرب لدى الجانب السويدي، مع إعلان خفر السواحل السويدي عن التسرب الرابع في جانبه، مشيراً أن التسرب يقع في نفس المنطقة السابقة إضافة إلى تسرب سابق وآخرين يقعا في الجانب الدنماركي، وصفه حلف شمال الأطلسي "الناتو" في بيان اليوم بأنها "أعمال تخريب متعمدة وغير مسؤولة" مشيراً أن كافة النتائج الحالية تشير لذلك.

ونوه البيان أن التسريبات تسبب مخاطر على الشحن وضرر بيئي كبير، مؤكداً أن الحلف يدعم التحقيقات الجارية لتحديد مصدر الضرر، مشيراً أن الحلفاء ملتزمون بالاستعداد والرد والدفاع ضد الاستخدام القسري للطاقة والتكتيكات الهجينة الأخرى من قبل الجهات الحكومية وغير الحكومية كما أن أي هجوم متعمد ضد البنية التحتية الحيوية للحلفاء سيقابل برد موحد وحازم.

Statement by the North Atlantic Council on the damage to the #Nordstream1 and #Nordstream2 gas pipelines ⤵️

— NATO (@NATO) September 29, 2022

بدأ الأمربعد انفجارات حدثت يوم الإثنين، في المياه الدولية قبالة جزيرة بورنهولم الدينماركية في المنطقتين الاقتصاديتين الخالصتين التابعة لكلا من السويد والنرويج أعقبها تسربات للغاز طفت على سطح الماء في شكل فقاعات كبيرة حسبما أفادت "فرانس 24".

ما هو نورد ستريم 1؟

يعتبر نورد ستريم خط حيوي يوصل الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا، حيث يمتد من الساحل الروسي من مدينة سان بطرسبرج، إلى شمال شرق ألمانيا عبر قاع بحر البلطيق بعمق يصل لـ1200 كيلومتر بدأ تشغيله عام 2011 ، وكانت تعتمد عليه أوروبا بنسبة 40 % عام 2021، وألمانيا وحدها بنسبة 55%، يمكنه نقل ما يقرب من 170 مليون مكعب يومياً من روسيا إلى ألمانيا.
يمتلك الخط شركة "نورد ستريم أي جي" التابعة لشركة غاز بروم الروسية والتي تمتلك موسكو أغلب أسهمها.
كان من المقرر تشغيل خط "نورد ستريم2" بناءً على موافقة ألمانيا ببناءه لكن توقف مع الغزو الروسي لأوكرانيا كجزء من العقوبات الغربية.

اتهامات

من جانبه لم يستبعد الكرملين "ضلوع" دولة أجنبية لم يسمها في تسرب الغاز، حيث قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافة "من الصعب جدًا تصوّر أن يحصل عمل إرهابي كهذا من دون ضلوع دولة ما"، داعيًا من جديد إلى إجراء "تحقيق عاجل".
سبق أن اتهمت كييف منذ بداية الأمر موسكو بالتورط في أعمال تخريب نورد ستريم، حيث قالت كييف إن روسيا تحاول إثارة الذعر قبل حلول فصل الشتاء، جاء رد المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في تعليق لها عبر تليجرام، والتي قالت اليوم "ضربت القوات المسلحة الأوكرانية خط أنابيب غاز في منطقة خيرسون. ألا يذكرك بشيء يمكنك أن تشعر" ملمحة لاحتمالية تورط أوكرانيا في أعمال التخريب.

ورغم إعلان واشنطن الثلاثاء استعدادها لمساعدة الحلفاء الأوروبيين بشأن أمن الطاقة مشيرة لنظرها في كون الحادث عملية تخريبية، وجهت موسكو أصابع الاتهام لها مع توجيه السؤال لبايدن ليكشف عما إذا كانت بلاده تقف وراء تسريبات الغاز في خطي نورد ستريم مشيرة إلى تصريح أدلى به بايدن في الـ7 من فبراير الماضي أي قبل الحرب الروسية حين قال "إذا غزت روسيا أوكرانيا لن يكون هناك نورد ستريم2"، وردت زاخاروفا بأن بايدن ملزم بالإجابة عما إذا كانت نفذت بلاده تهديدها.

لم يتفق الجميع على إدانة روسيا، مع دعوة رئيس حزب البديل الألماني، تينو كروبالا، لعدم التسرع وإدانة روسيا في حادثة تسرب الغاز، حيث قال كروبالا أمام البرلمان الألماني أمس "بإنه لا توجد أدلة قاطعة تثبت تخريب روسيا لخطيها"، موجهاً الانتقاد لألمانيا التي أوقفت "نورد ستريم2" كأداة للضغط على موسكو.

يذكر أنه على مدار الأشهر الماضية خفضت موسكو كمية الغاز التي ترسلها إلى أوروبا لعدة أسباب وفق ما أعلنت منها حدوث أعطال وأعمال صيانة اضطرت بسببها لإيقاف تدفق الغاز عدة مرات عبر نورد ستريم، حتى اتهمتها أوروبا باستخدام الغاز كسلاح حرب، حتى توقف نهائياً في أواخر أغسطس، أرجعت موسكو السبب فيه للعقوبات الغربية المتسببة في تأخير الإصلاحات اللازمة.

ونتيجة لهذه التطورات، قفزت أسعار الغاز الأوروبي بمعدلات تزيد على 30 بالمئة في تعاملات الأربعاء، مواصلة مكاسبها منذ أمس، وسط توقعات بأن يؤدي تسرب الغاز إلى مزيد من التضييق على الإمدادات الروسية إلى أوروبا.