احتجاجات إيران.. هل تصبح مهسا إميني بوعزيزي طهران؟ - فيديو وصور

12:54 م الثلاثاء 27 سبتمبر 2022

محتجون يرفعون صورة مهسا أميني

كتبت- هدى الشيمي:

على مدار العشرة أيام الأخيرة اتجهت الأنظار نحو الجمهورية الإيرانية الإسلامية، ولكن هذه المرة ليست بسبب المحاولات المتعثرة للتوصل إلى اتفاق نووي إيراني، أو الاضطرابات الشعبية التي تشهدها بين كل حين وآخر بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية والعقوبات الغربية المفروضة على كيانات وشخصيات، ولكن بعد مقتل مهسا أميني -الشابة التي أكملت عامها الثاني والعشرين قبل حوالي شهرين- على يد شرطة الأخلاق، ما أثار غضب المواطنين ودفعهم إلى النزول في احتجاجات واسعة في الشارع، وأثار تساؤلاً حول العالم هو :"هل تصبح أميني بوعزيزي إيران؟" .

إعلان

رغم اتساع رقعة الاحتجاجات ونزول الإيرانيات إلى الشارع متخليات عن غطاء رؤوسهن في تحد واضح وغير مسبوق للنظام الذي يفرض قيودا صارمة على النساء، توعد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بعدم التسامح مع "من يعرض أمن البلاد للخطر"، وتحاول قوات النظام قمع الاحتجاجات بكل قوتها، وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي- خاصة تويتر- استخدام الشرطة وأفراد الأمن للقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي من أجل تفريق الحشود، علاوة على الضرب الوحشي باستخدام العصا الشرطة.

"صرخة غضب"

ومع استمرار التظاهرات، قالت الخبيرة الأمريكية المختصة في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، لمصراوي، إن الاحتجاجات الحالية تختلف عن غيرها، خاصة وأن الرجال انضموا إلى النساء وأعلنوا دعمهم لهن.

وأضافت: "بدأت الاحتجاجات الحالية كرد فعل مباشر على القتل "الوحشي" لمهسا أميني، التي توفيت إثر التعذيب على يد شرطة الأخلاق بعد اعتراضها على طريقة تغطيتها لشعرها.

غير أن مطالب المحتجين هذه المرة تتجاوز مطالبة السلطات بمعاملة النساء بشكل أفضل، أو التوقف عن إجبارهن على تغطية رؤوسهن، ولكن النساء تهاجم النظام بشكل عام ويصرخن بعبارات مناهضة له، لأنهن يجدن الوضع بأكمله غير مقبول ومعاملته مع جميع المواطنين شائنة، على حد قول توسكرمان.

أصبح مقتل مهسا أميني أشبه بصرخة غضب عالية للإيرانيات، تبرر توسكرمان: "لأنهن يرونه مثالا صارخا ومتطرفا على القسوة وإساءة استخدام السلطة، ولكن القضايا الأساسية التي يثرن من أجلها أعمق بكثير".

لا يتوقف الأمر فقط على مسألة غطاء الرأس، ولكن قسوة النظام وعدم اكتراثه لحياة المواطنين، وفرض ارتداء التشادور (زي أسود يغطيهن بالكامل) على النساء، وتعرضهن للاغتصاب والتعذيب في السجون، وسرقة المساعدات الإنسانية، ووفاة المواطنين بسبب الجوع والفقر، وعدم الوصول إلى الرعاية الطبية في جميع أنحاء البلاد، وانتهاك كل الأعراف المدنية باسم الدين.

"فرق تسد"

حتى الآن، اعتمد النظام الإيراني على مجموعة من التدابير التي نجحت بالماضي في إنهاء الاحتجاجات، توضح توسكرمان "بما في ذلك قطع شبكات الانترنت، ونشر قوات الباسيج في جميع أنحاء البلاد (القوة شبه العسكرية الرئيسية المسؤولة عن حماية نظام الحكم)، واستخدمت قوات الأمن العنف المفرط ضد المتظاهرين ما تسبب في مقتل العشرات".

يتقدم النظام الإيراني على المواطنين بخطوة، خاصة وأنه قادر على الوصول إلى معدات وأسلحة لا يستطيع الإيرانيون الحصول عليها، لذا تتوقع المحللة الأمريكية أن اخماد الاحتجاجات يرتبط بالوقت الذي تستغرقه السلطات لنشر عدد كاف من قوات الأمن التي تسيطر على الوضع في الشارع.

مع ذلك، تتوقع توسكرمان أنه إذا خرج الملايين إلى الشوارع، أو انقلبت الشرطة ضد الحكومة وانضمت إلى صفوف المحتجين، فربما يمكن أن يتغير الوضع بسرعة، ولكن لا يوجد أي دليل ملموس على إمكانية حدوث ذلك.

من الممكن أن تكون بعض الحوادث بمثابة القشة التي تقصم ظهر البعير، حسب المحللة الأمريكية، ربما ينضم بعض ضباط الجيش الذين يخشون على زوجاتهم، أمهاتهم، أخواتهم، إلى صفوف المحتجين رغبة في إنهاء الانتهاكات التي يتعرضن لها.

وعلى مدار الأيام الماضية شهدت العديد من المدن والبلدات الإيرانية احتجاجات ولكن ذات أعداد محدودة يمكن السيطرة عليها بعد فترة من الوقت، ومن خلال نشر قوات إضافية، حسب المحللة الأمريكية، وستتعاظم قدرة النظام على السيطرة على الموقف بعد القبض على عدد كبير من الأشخاص، وتشتيت المتظاهرين، ومنع وصولهم إلى الانترنت.

وفي محاولة لدعم المحتجين، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية توجيهات من أجل توسيع نطاق خدمات الإنترنت المتاحة للإيرانيين على رغم العقوبات التي تفرضها واشنطن على البلاد.

"خريف الغضب"

مع استمرار الاحتجاجات يتوقع بعض المراقبين الدوليين أن تتحول إلى ثورة تغير ملامح الجمهورية الإسلامية، وهو ما استبعدته المحللة الأمريكية، وقالت – لمصراوي- إنه من الصعب الحديث عن ثورة جديدة بسبب تجربة النظام الإيراني في استغلال الخلافات والانقسامات داخل الشعب، واحتواء الاحتجاجات والسيطرة على مجموعات المقاومة ومراقبتها ونشر قوى محلية ودولية.

علاوة إلى أنه بالنظر إلى الأزمات الحالية التي تحدث حولهم في أماكن شتى بالعالم، يخشى معظم الإيرانيين- وفق توسكرمان- من أن يتسبب سقوط النظام الحالي في اندلاع حرب أهلية، حدوث أزمة لجوء، أو أزمة اقتصادية ضخمة، لذا من الصعب انضمام المزيد من المتظاهرين للاحتجاجات الحالية.

"دعم منقوص"

لم تحظَ الاحتجاجات بالدعم المعنوي الكامل من المجتمع الدولي، حسب توسكرمان، فكانت الإدارة الأمريكية صامتة إلى حد كبير، وفي باريس تم تفريق الاحتجاجات بخراطيم المياه.

قوبلت معاملة النظام الإيراني للمحتجين باعتراض من العديد من الحكومات حول العالم، إذ انتقدها الاتحاد الأوروبي وقال- في بيان رسمي- إن "الاستخدام غير المتكافئ للقوة في حق المتظاهرين مرفوض وغير مبرر".

واستدعت ألمانيا سفير إيران في برلين بعد ظهر الاثنين "لمباحثات" بشأن قمع الاحتجاجات، وحيا الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأسبوع الماضي، المتظاهرين. وأكد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة "التضامن مع نساء إيران الشجاعات اللواتي يتظاهرن من أجل ضمان حقوقهن الأساسية".

إلا أن هذا غير كافي بالنسبة لتوسكرمان، والتي ترى أنه بإمكان المجتمع الدولي تقديم الكثير للإيرانيين، مثل فرض عزلة على المسؤولين الذين يتبعون سياسة وحشية مثل إبراهيم رئيسي، عوضًا عن الترحيب بهم في المحافل الدولية ومنحهم فرصًا للترويج لأنفسهم ولأنظمتهم".

إذا أراد المسؤولين والحكومات الدولية مساعدة الشعب الإيراني، فعليهم – حسب المحللة الأمريكية- العثور على طريقة فعالة لمساعدتهم على الوصول إلى شبكات الانترنت، والتواصل مع باقي العالم.

إعلان