إعلان

"وجود موريتانيا غلط".. غضب عربي بسبب تصريحات رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

04:02 م الأربعاء 17 أغسطس 2022

الريسوني

بي بي سي

أثار الداعية المغربي ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين زوبعة غضب في الجزائر وموريتانيا، بعد تصريحات قال فيها "إن وجود موريتانيا غلط" وإن شعب وعلماء المغرب جاهزون للزحف نحو تندوف الجزائرية.

حديث الداعية المغربي ورئيس الاتحاد العالمي لعملاء المسلمين، جاء أثناء لقائه بإحدى المواقع الإخبارية المغربية في التاسع والعشرين من يوليو الماضي، بعد رده على أسئلة تتعلق برأيه في قضية الصحراء فقال إنّ ما يؤمن به قطعًا هو أنّ الصحراء وموريتانيا تابعتان للمملكة.

وأضاف الريسوني: "العلماء والدعاة والشعب المغربي" على استعداد للجهاد بالمال والنفس والمشاركة في مسيرة شبيهة بالمسيرة الخضراء والزحف بالملايين إلى الصحراء ومنطقة تندوف الجزائرية، إذا طلب العاهل المغربي ذلك".

وانتقد الداعية ما اعتبرها محاولات لاستهداف الوحدة الترابية المغربية، متهما دولا عربية وإسلامية بالتورط في دعم وتبني تلك الصناعة الاستعمارية.

كما تطرق الريسوني إلى العلاقات المغربية الإسرائيلية، وأدان التطبيع بين البلدين، داعيا الدولة المغربية إلى التعويل على قوى الشعب بدلا من الاستناد إلى إسرائيل.

خطاب تاريخي

وبعد الحملة التي طالته، اضطر الريسوني لتوضيح تصريحاته قائلا إن خطابه جاء في سياق تاريخي ولا علاقة له بالوضع الحالي.

وأردف في تصريح لموقع "اليوم24" المغربي: كنت أعبر عن آرائي بمنطق التاريخ والشرع والحضارة، بينما كانوا يردون علي بمنطق سياسي ومن مواقع سياسية.

وشدد الداعية على أن تصريحاته لم تحمل أية أبعاد أو حسابات سياسية، مضيفا أنه حاليا متحرر من أي منصب سياسي، وليست لديه أية علاقة مع أصحاب المناصب.

وأكد الريسوني أن موريتانيا حاليا دولة مستقلة وقد اعترفت بها المغرب، ولكنه استدرك قائلا: "هذا شأن السياسيين فليمضوا فيه، وأنا لا أنازعهم فيه، وهو ما تضمنته تصريحاتي".

وردا على الانتقادات التي طالته بخصوص دعوته إلى تنظيم مسيرة نحو تندوف، تساءل الداعية: "أليس من حق الشعب المغربي التواصل مع إخوانه وأبنائه المحتجزين في تندوف؟".

وختم بالتأكيد على استعداد المغرب للتحاور مع الجزائر بما يمكنه أن ينهي النزاع المفتعل في المنطقة، وحل هذه المشكلة المصطنعة التي خلفتها الصناعة الاستعمارية، وفق تعبيره.

خطاب استعلائي ومستهتر

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أبدى قطاع واسع من المعلقين دهشتهم من ما وصفوه بـ"الخطاب الاستعلائي والمستهتر" الذي يعتمده عضو فاعل في "أحد أهم الهيئات الإسلامية".

كما استنكر معلقون ما قالوا إنه "توظيف مصطلحات دينية للترويج لمعلومات مغلوطة وأفكار تجاوزها التاريخ".

في حين يرى آخرون أن تصريحات الداعية كشفت عن جانب من تفكير الإسلاميين وطريقتهم في تفسير حركة التاريخ، فعادة ما يميلون إلى استدعاء زعيم قد رحل أو أحداث من التاريخ الإسلامي القديم لإسقاطها على الواقع الراهن، على حد تعبيرهم.

كما وصف السياسي الجزائري، زواني بن يوسف، تصريحات الريسوني بـ"السقطة الكبيرة"، ودعا في تغريدة إلى "إعفاء الريسوني من منصبه، لما تحمله تصريحاته من تهديد للأمن القومي العربي والإسلامي"، على حد قوله.

وعلى ذات المنوال، علقت حركة "مجتمع السلم" الإسلامية، محملة الريسوني مسؤولية تبعات تصريحه.

وقالت الحركة، التي تمثل أكبر حزب معارض في البرلمان الجزائري "إن الظروف الدولية والإقليمية المتوترة لا تتحمل مثل هذه الخرجات التي تلهب نيران الفتنة".

ولم يختلف الوضع كثيرا في موريتانيا، حيث أدان سياسيون وإعلاميون تصريحات الريسوني، ودعوا الدولة المغربية لاتخاذ موقف حازم، مثلما فعلت مع تصريحات حميد شباط السابقة.

ووصفت هيئة العلماء الموريتانيين التصريح بـ"المريب وغير الودي".

مدافعون عن الريسوني

على الجهة المقابلة، يقف البعض مدافعا عن الريسوني، ومعظمهم من المغاربة الذين يرفضون التفاوض على مسألة الصحراء.

لكن بعض المعلقين والكتاب المغاربة رأوا،أن تصريحات الداعية "تنم عن غياب النضج السياسي لديه". كما حذر بعضهم "من تداعياتها على العلاقات المغربية الموريتانية".

وثمة أيضا من تساءل عن السياقات والتوقيت الذي ظهرت فيه مقابلة الريسوني، ووصفها بأنها "تتجاوز سقطة الفقيه وزلة العالم".

ومن جهته، أصدر الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، بيانا أوضح فيه موقف الاتحاد من تصريحات رئيسه.

وقال القره داغي "إن تلك التصريحات تمثل الريسوني وحده ولا تمثل رأي اتحاد علماء المسلمين".

وقد جاء البيان، الذي نشره الاتحاد عبر موقعه الإلكتروني تحت عنوان: "توضيح حول المقابلة التليفزيونية للشيخ أحمد الريسوني رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين - (الصحراء المتنازع عليها)".

ويبدو أن البيان اختزل الجدل المثار في قضية الصحراء الغربية، وهو ما أثار حفيظة البعض، إذ يرى جزائريون و موريتانيون أن المشكلة لا تتعلق بقضية سياسية، بل بتحريض للهجوم على دول مسلمة باستخدام مصطلحات مثل "الجهاد" .

ويأتي هذا الجدل قبل أيام من انقضاء سنة على قرار الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، بسبب ما وصُف وقتها بـ"الخطاب المغربي المستهدف لوحدة الجزائر واستقلالها".

في حين تعيش العلاقات المغربية الموريتانية مرحلة جفاء منذ ديسمبر 2020.

النزاع الجزائري المغربي

وتشهد العلاقات الجزائرية المغربية توترا منذ عقود بسبب قضية الصحراء الغربية على وجه الخصوص، كما أن الحدود بين الجارتين مغلقة منذ عام 1994.

وقد اتسمت العلاقة بين البلدين بالود والاحترام إبان حكم محمد الخامس، الذي توفي عام 1961، أي قبل عام واحد من نيل الجزائر استقلالها. لكن بعد الاستقلال سار البلدان في اتجاهين متضادين.

وفي أكتوبر 1963، وقع خلاف حدودي بين البلدين حول منطقتي تندوف وبشار، اللتين طالب بهما المغرب، وأدى ذلك إلى اندلاع مواجهات عسكرية بينهما عرفت بـ"حرب الرمال".

وقد بلغ الخلاف أوجه بين الجارين بعد إبرام الرباط اتفاق سلام مع إسرائيل ضمن ما تعرف بـ"اتفاقيات أبراهام".

أما أحدث مراحل هذا الخلاف فتعود إلى مطلع أغسطس الجاري.

استغلال منجم حديد

وأعلنت الجزائر مؤخرا بدء استغلال منجم الحديد في "غار جبيلات" بتندوف، الذي يتوقع أن يوفر مداخيل تقدر بأكثر من 10 مليارات دولار سنويا.

في المقابل، يقول المغرب إن إعلان الجزائر استغلال المناجم يعد خرقا للاتفاقية الموقعة بين البلدين عام 1972، والمتعلقة بالاستغلال المشترك لمناجم الحديد.

لكن مسؤولين جزائريين يقولون إن الاتفاق سقط لأسباب قانونية وسياسية.

وقد تزامن الإعلان عن فتح المناجم مع الذكرى السنوية لتولي الملك محمد السادس الحكم، عندما ألقى العاهل المغربي خطابا دعا فيه الجزائر إلى "بناء علاقات طبيعية بين البلدين وتجاوز الخلاف القائم بينهما".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: