إعلان

بعد خرق إعلان المبادئ.. إثيوبيون يحتفون بالملء الثاني لسد النهضة رغم رفض مصر والسودان

04:09 م الثلاثاء 06 يوليه 2021

سد النهضة

كتبت- رنا أسامة:

احتفى إثيوبيون على مواقع التواصل الاجتماعي بإعلان بلادهم بدء الملء الثاني لسد النهضة، في خطوة وصفوها بأنها بمثابة "ثورة"، مُتوقعين البدء في الملء الثالث لخزان السد، الذي أُنجِز 80 بالمائة حتى الآن من مراحل بنائه، "قريبًا".

وأعلنت مصر والسودان رفضهما القاطع للإجراء الإثيوبي الأحادي الذي يمثل خرقًا صريحًا لاتفاق إعلان المبادئ الموقّع في 23 مارس 2015. تنص المادة العاشرة من الاتفاق على أن: "تقوم الدول الثلاثة بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقًا لمبدأ حسن النوايا. وإذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول أو رئيس الحكومة".

أخطرنا مصر والسودان

لكن نشطاء إثيوبيين نظروا إلى الأمر بشكل مُخالف للحقائق، مُعتبرين أن إخطار مصر والسودان ببدء الملء الثاني للسد بعد يوم من حدوثه "دليل على احترام إثيوبيا لاتفاقات المياه الدولية".

وفي تغريدة بالإنجليزية، وصف إثيوبي مُقيم في أديس أبابا ويُدعى نجاشي، الخطوة بأنها "انتصار ملحوظ لإثيوبيا" على حد تعبيره. وغرّد: "أنا متأثر للغاية وفخور الآن بقيادة (رئيس الوزراء الإثيوبي) آبي أحمد".

ورغم إخطار إثيوبيا، مصر والسودان، بالملء الثاني بعد يوم من البدء وقبل أيام من الموعد المُعلن أساسًا في 22 يوليو الجاري، لتُثبت مُجددًا "سوء نيتها وإصرارها على اتخاذ إجراءات أحادية لفرض الأمر الواقع"، بحسب بيان صادر عن الخارجية المصرية، إلا أن إثيوبيين حاولوا تصوير الأمر وكأن إثيوبيا تلتزم بالاتفاقيات، وادّعى الإثيوبي سيساي اليمايهو أن بلاده "تحترم المبادئ الأساسية لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 حول المجاري المائية العابرة للحدود، وتستخدم المياه بشكل منصف ومعقول، وتلتزم بعدم التسبب في إحداث ضرر كبير بجيرانها، وتتبادل البيانات والمعلومات".

الأمر الذي يُناقض التحركات الإثيوبية على أرض الواقع، والتي مضت قُدمًا في ملء السد بصرف النظر عن التوصل لاتفاق قانوني مُلزم مع مصر والسودان من عدمه.

وغرّد إثيوبي ثالث بالإنجليزية ويُدعى إليزر: "مبروك للإثيوبيين وجميع أصدقاء إثيوبيا على بدء التعبئة الثانية لسد النهضة"، مُضيفًا أنه من المُتوقع أن يُخزن هذا الصيف 13.5 مليار متر مكعب من المياه في خزان سد النهضة– أي ما يقرب من 3 أضعاف الكمية المُخزنة الصيف الماضي، مُرفقًا إياها بفيديو من موقع بناء السد.

سياسة الأمر الواقع

وبينما حذّرت مصر والسودان في أكثر من مناسبة من تداعيات ملء السد "الكارثية"، اعتبر إثيوبي آخر يُدعى كاسايي، أن بدء الملء الثاني للسد "خطوة في الاتجاه الصحيح" على حد وصفه. وتابع في تغريدة بالإنجليزية "الملء الثاني للسد يسير ببطء ولكن بثبات وبالتأكيد سننجزه".

ورجّح في تغريدة منفصلة أن "يتم الانتهاء من التعبئة الثانية للسد في غضون أسابيع قليلة، ليبدأ بعدها توربينان من إجمالي 11 توربينًا في توليد طاقة مبكرة تبلغ 375 ميجاوات لكل منهما".

وكتب الناشط الإثيوبي ديجين أسيفا، في تغريدة بالإنجليزية: "سد النهضة العظيم... مصدر طاقتنا وفرحنا وأملنا لبثّ البهجة في نفوس الشعب الإثيوبي لأول مرة بعد 30 عامًا من الظلام والبؤس".

فيما غرّد بالعربية الإثيوبي المُقيم في النيجر، إدريس سنوسي: "الشعب الإثيوبي أراد وحكومته نفذت...".

وفي تغريدة بالعربية، أقرّ المحلل الصحفي في إثيوبيا والقرن الأفريقي، منير أدم، بأن "سياسة الأمر الواقع هي ما اتسمت به إثيوبيا" خلال الأزمة مع مصر والسودان، مُضيفًا "لا مساومة في سد النهضة".

وأطلقت القاهرة والخرطوم حملة دبلوماسية تستهدف التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم على وتشغيل السد، لكن المحادثات توقفت ووصلت إلى "طريق مسدود" عدة مرات.

تريد مصر والسودان من إثيوبيا الانتظار حتى التوصل إلى اتفاق ملزم حول إدارة السد الذي يُهدد إمدادات المياه التي تصل إليهما.

بيد أن الحكومة الإثيوبية المتعنتة تُصر على أن المشروع ضروري لتوفير الطاقة لقرابة 60 بالمائة من المواطنين.

صورة رائجة

وفي إطار الاحتفاء الإثيوبي الشعبي بالإجراء الأحادي الجانب الكارثي، تداول نشطاء إثيوبيون صورة لا يُعرف على وجه الدقة متى التُقطت، تُظهر شابة ترفع يديها بينما تجثو على ركبتيها من موقع سد النهضة.

وغرّد حساب لإثيوبي مُقيم يُدعى ميسيود. إم، بالإنجليزية: "يا لها من صورة قوية! تُعبر عن صمودنا (الإثيوبيين) وأملنا في المستقبل!".

واعتبرها الإثيوبي المُقيم في النيجر، إدريس سنوسي، "أفضل صورة من موقع سد النهضة"، مُضيفًا: "أعتقد لو سألوها (الفتاة التي تظهر من الخلف في الصور) كيف تشعر في تلك اللحظة (التي التُقطت فيها الصور) كانت ستجيب دمعًا!!".

وعلّق عليها حساب آخر بالأمهرية: "لم أتمكن من حبس دموعي بمجرد أن شاهدت هذه الصورة".

حديث عن الملء الثالث

وفيما لم تمر سوى ساعات قليلة على إعلان إثيوبيا البدء في الملء الثاني وذلك قبل 18 يومًا من الموعد المُعلن رسميًا، حتى استحوذ "الملء الثالث" على أحاديث النشطاء الإثيوبيين على تويتر.

فغرّد إثيوبي يُدعى تسفاي: "الملء الثالث لسد النهضة سيتم قريبًا، بعد 360 يومًا تقريبًا".

وكتب مُغرد إثيوبي ثانٍ ويُدعى أبيبي جاجيما شامبو: "إثيوبيا تتحضّر للملء الثالث لسد النهضة".

وقال الإثيوبي بينيام جدلي في تغريدة بالإنجليزية: "سعداء للغاية ببدء الملء الثاني، ونتطلع لملء الثالث أيضًا".

ويُنتظر أن يعقد مجلس الأمن الدولي، ولأول مرة، جلسة طارئة الخميس المقبل لبحث الأزمة، بناء على طلب مصر والسودان.

واتهمت السودان، إثيوبيا، بأنها لم تنقل بشكل أمين وشفاف الوضع الراهن لمفاوضات السد، لإنجاز اتفاقية ملزمة لقواعد ملء وتشغيل السد بصورة تحفظ مصالح الأطراف الثلاثة.

ووجهت مصر خطابا عبر وزير الري ردا على الخطاب الإثيوبي ببدء الملء الثاني واعتيرته خرقا صريحا وخطيرا لاتفاق المباديء، ويعد انتهاكا للقوانين والأعراف الدولية.

كما أرسلت مصر نفس الخطاب إلى رئيس مجلس الأمن لإحاطة المجلس بهذا "التطور الخطير" الذي يكشف عن سوء نية إثيوبيا وإصرارها على فرض الأمر الواقع.

فيديو قد يعجبك: