إعلان

بعد 10 سنوات من الأزمة.. الأسد يتجه لولاية رئاسية رابعة والمعارضة لا تقدم بديلاً مقنعًا

11:46 م الثلاثاء 09 مارس 2021

بشار الأسد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

دمشق - (ا ف ب)

‏بعد عشر سنوات على اندلاع الأزمة في سوريا، يبدو أن المشهد السياسي في هذا البلد قد انقلب رأسًا على عقب، إذ رأى معظم المحللين السياسيين بعد انطلاق الاحتجاجات السلمية التي تحولت إلى صراع مسلح أن بشار الأسد لن يتمكن من الاحتفاظ برئاسة البلاد أمام ضغط الشارع والمجتمع الدولي وقوات المعارضة التي تلقت اعترافًا ودعمًا دوليًا غير مسبوق. لكن في 2021 يبدو أن الأسد في طريقه للفوز بدورة رئاسية رابعة بعد تلقيه دعمًا كبيرًا من روسيا وإيران مكنه من الصمود في وجه الأزمة، فيما فشلت المعارضة في تشكيل جبهة موحدة تجعلها قادرة على إنتاج بديل للنظام.

على الرغم من الدمار والموت والتشرد الذي تشهده سوريا منذ عقد من الزمن، صمد رئيسها بشار الأسد في وجه الثورة والعزلة والحرب والنقمة. بعد عشر سنوات من اندلاع تحركات شعبية ضده، يستعد مجددا بعد أشهر لخوض غمار انتخابات رئاسية تبدو نتائجها محسومة لصالحه.

على الطرف الآخر فشلت المعارضة على اختلاف مكوناتها بتوحيد صفوفها وتقديم بديل جدي عن النظام. وعلى وقع خسائر ميدانية متتالية، بات صوتها خافتا وقياداتها مشتتة وتتحرك وفق أجندات داعميها.

قبل عقد من الزمن، انطلقت ثورات شعبية في عدد من الدول العربية ضد التسلط والقمع والفقر. وأطاح الغضب برؤساء وأنظمة دكتاتورية حكمت بلدانها بقبضة من حديد لعقود، وإن لم تأت دائما بالحرية والرخاء المنشودين.

سقط بن علي ومبارك والقذافي.. وصمد الأسد

وحده الأسد الذي تنبأ كثيرون بأنه سيسقط تحت ضغط الشارع بعد أسابيع من بدء الانتفاضة الشعبية ضده منتصف مارس 2011، احتفظ بمنصبه. ويقول خبراء وسياسيون إنه استفاد من تقاطع عوامل داخلية أبرزها تحكمه بالقوات الأمنية والعسكرية، وخارجية على رأسها تلكؤ الغرب في استخدام القوة ضده، مقابل دعم عسكري حاسم من إيران ثم روسيا، ليبقى. يضاف إلى ذلك الصبر واستثمار لعامل الوقت مشهود لهما في عائلة الأسد التي تحكم سوريا منذ بداية سبعينيات القرن الماضي.

عند انطلاق الاحتجاجات السلمية، اختار الأسد قمعها بالقوة. وسرعان ما تحولت نزاعًا مدمرًا فاقمه تصاعد نفوذ التنظيمات الجهادية وتدخل أطراف خارجية عدة ساهمت في تعقيد المشهد. وصنف الأسد كل من حمل السلاح ضده بـ"الإرهابي".

وأسفرت عشر سنوات من الحرب عن مقتل أكثر من 380 ألف شخص واعتقال عشرات الآلاف ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان. وتسيطر القوات الحكومية اليوم على نحو ثلثي مساحة البلاد، فيما يعاني الشعب من أزمة اقتصادية حادة مع نضوب موارد الدولة وتداعيات عقوبات دولية مفروضة على النظام وأركانه.

ورث عن والده الطباع الباردة والشخصية الغامضة.. والصبر

ويرى محللون أن الأسد الذي خلف والده الراحل حافظ الأسد عام 2000، ورث عنه الطباع الباردة والشخصية الغامضة، وتتلمذ على يده في الصبر، ولعب ذلك دورًا أساسيًا في "صموده".

ويقول السياسي اللبناني المخضرم كريم بقرادوني لوكالة الأنباء الفرنسية: "بعدما طالب العالم كله برحيله قبل سنوات وظن أنه سيسقط، يريد اليوم أن يجد الحل معه. لقد عرف الأسد كيف يستثمر عامل الوقت".

فمنذ اندلاع النزاع، لم يتوان الأسد في أي تصريح عن إبداء ثقته الكبيرة بالقدرة على الانتصار حتى في أكثر لحظاته ضعفا.

"لم يتراجع الأسد أي خطوة إلى الوراء"

ويضيف بقرادوني الذي لعب لوقت طويل دور الوسيط بين النظام السوري وأطراف لبنانية خلال الأزمات التي شهدها البلدان: "لم يتراجع الأسد أي خطوة إلى الوراء. تمسك بكل مواقفه من دون أي تعديل. وتمكن من أن يسترجع بالقوة العسكرية معظم الأراضي السورية".

وأثبت الجيش السوري، وفق بقرادوني، "أنه جيش عقائدي ونظامي تمكن من الاستمرار وحماية النظام في أسوأ الأوضاع ولم ينقلب عليه كما في دول أخرى، وهذا ما جعل الأسد نموذجا استثنائيا فيما يعرف بثورات الربيع العربي".

وبقي الجيش الذي يشكل أبرز أسلحة الأنظمة الديكتاتورية، متماسكا ومواليا لنظام الأسد، على الرغم من انشقاق عشرات آلاف العسكريين عنه في بداية النزاع، ما منح الأسد فرصة ذهبية للصمود، بخلاف رؤساء عرب آخرين استقال بعضهم أو فر أو قتل تحت ضغط الشارع.

"استمرار ولاء قيادة الجيش بأقارب الأسد وأتباعه"

ويرى الباحث في معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي توما بييريه أنه يمكن اختصار العوامل الداخلية التي ساهمت في بقاء الأسد في السلطة بعنوان واحد "استمرار ولاء قيادة الجيش التي تعززت خلال عقود بأقارب الأسد وأتباعه" من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها. وشكل هؤلاء "على الأرجح أكثر من ثمانين في المئة من الضباط في العام 2011 وشغلوا كل منصب مؤثر عمليًا" داخل الجيش.

ويقول باحث سوري في دمشق تحفظ عن كشف اسمه لوكالة الأنباء الفرنسية: "لا يمكن إنكار دور شخصية الأسد في بقائه، وما يعرف عنه من إصرار وصرامة. فقد تمكن من حصر القرارات كافة بيده وجعل الجيش معه بشكل كامل".

في أثناء ذلك، لم تفرز بنية النظام شخصيات قيادية يمكنها أن تلعب دورًا بارزًا في مواجهته، لا بل "قطعت الطريق على أي شخصية حاولت أن تبني حيزا لها" في مستقبل البلاد، بحسب المصدر ذاته.

فشل أمريكي

وراهن الأسد على تركيبة المجتمع المعقدة مع وجود انقسام عرقي بين عرب وأكراد، وطائفي بين سنة وعلويين وأقليات، أبرزها المسيحية، رأت فيه حاميا لها خصوصًا مع تصاعد دور تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى.

ويعتبر الباحث السوري أن الأسد "استفاد من خوف الناس من الفوضى ومن خوف بيئته (العلوية) على وجودها في حال سقوطه، ما جعلها تستميت في الدفاع عنه دفاعا عن وجودها. كما استفاد من غياب قوى سياسية فاعلة وفقدان الأمل من دور المعارضة".

في فبراير 2012، وبينما كانت قوات الأسد تخسر على الأرض، تشكلت مجموعة "أصدقاء سوريا" التي ضمت دولا غربية وعربية داعمة للمعارضة السورية. ثم اعترفت أكثر من مئة دولة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية كممثل شرعي وحيد للشعب السوري.

فشل المعارضة في تشكيل جبهة موحدة

وبدا الأسد في تلك الفترة رئيسا معزولا مع تصاعد المطالبات بتنحيه، في وقت جمدت جامعة الدول العربية عضوية سوريا فيها، وفرضت دول غربية عقوبات على النظام بسبب ممارسات القمع. بدا الأسد حينها على وشك السقوط.

إلا أن خصومه لم يتمكنوا من تشكيل جبهة موحدة، لا في الداخل ولا في الخارج.

مع عسكرة النزاع، تعددت الفصائل المقاتلة التي كانت تتلقى دعما من جهات ودول مختلفة لها أجندات خاصة. ومع ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" وتحكمه بمساحات واسعة من البلاد، تبدد مطلب الحرية والديمقراطية وراء الرعب. وبشكل غير مباشر، ساعد الأسد على تقديم نفسه بأنه يخوض حربًا ضد "الإرهاب".

وفيما كانت الفصائل المعارضة تطالب حلفاءها بسلاح ودعم عسكري، على غرار تدخل حلف شمال الأطلسي الجوي الذي ساعد المعارضة المسلحة الليبية على النيل من نظام القذافي، كان الغرب مرعوبا من تكرار تجربة ليبيا حيث بدأت الفوضى تتمدد.

الطائرات الأمريكية لن تحلق في سماء دمشق

ومع استقطاب التنظيم المتشدد آلاف المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق المجاور بدءا من العام 2014، وتنفيذه هجمات دامية في دول عدة، انصب تركيز المجتمع الدولي بقيادة واشنطن على دعم الفصائل الكردية وحلفائها في مواجهة الإرهابيين عوضًا عن دعم خصوم الأسد.

وبات الأسد أكثر تيقنًا من أن الطائرات الأمريكية لن تحلق في سماء دمشق بعد تراجع الرئيس السابق باراك أوباما عن تنفيذ ضربات عقابية إثر مقتل نحو 1400 شخص قرب دمشق في صيف 2013 جراء هجوم بغاز السارين اتهمت دمشق بتنفيذه. وانتهى الأمر باتفاق أمريكي روسي على تفكيك الترسانة الكيميائية السورية.

ويوضح الباحث في معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي توما بييريه أن أوباما "انتخب على أساس وعد بالانسحاب من العراق، ولذلك ترددت إدارته في العودة إلى الشرق الأوسط" من بوابة سوريا.

ويضيف أن الإدارة الأمريكية "حددت مصالحها في المنطقة على نطاق ضيق وبطريقة انعزالية، أي مكافحة الإرهاب، ومن هنا تدخلها ضد تنظيم داعش وأسلحة الدمار الشامل".

"معادلة مستحيلة"

في المقابل، تلقى الأسد دعمًا حاسمًا من إيران التي دربت واستقدمت مجموعات مسلحة دافعت بشراسة عن النظام بينها حزب الله اللبناني. وكذلك فعلت روسيا التي دافعت عن النظام في مجلس الأمن ودعمته اقتصاديا ثم عسكريًا، لا سيما بالقصف الجوي.

وانتهزت روسيا تحديدًا، وفق بييريه، "فرصة تاريخية لاستعادة موقعها الذي فقدته كقوة عظمى عبر ملء الفراغ الاستراتيجي الذي خلفه فك أوباما ارتباطه جزئيا عن المنطقة".

وبعدما كانت الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن تشدد في كل مناسبة على ضرورة تنحي الأسد، انصب اهتمام المجتمع الدولي على التوصل إلى تسوية سياسية من بوابة اللجنة الدستورية التي تضم ممثلين عن الحكومة والمعارضة وتعقد اجتماعات منذ 18 شهرا في جنيف.

الموفد الأممي إلى دمشق غير بيدرسن يقر "بفشل المسار السياسي"

وأملت الأمم المتحدة أن تمهد نتائج عمل اللجنة لوضع دستور جديد تجرى الانتخابات الرئاسية المرتقبة منتصف العام الحالي على أساسه وبإشرافها. إلا أن موفدها إلى دمشق غير بيدرسن قال لصحفيين الشهر الحالي إن الاجتماع الأخير كان "فرصة ضائعة" وشكل "خيبة أمل". وأقر أمام مجلس الأمن "بفشل المسار السياسي".

وتعمدت دمشق "تقطيع الوقت" خلال اجتماعات اللجنة الدستورية التي يصفها مصدر دبلوماسي غربي لوكالة الأنباء الفرنسية بأنها أشبه بـ"دعابة".

ويقول المصدر: "سنرى الأسد ينظم انتخابات هذا الصيف بموجب الدستور الحالي. يريد النظام وعرابوه (روسيا وإيران) أن يشرحوا للعالم: حسنا جرت الانتخابات وانتهت اللعبة. هل بإمكانكم رجاء فتح دفاتر الشيكات وتمويل البنى التحتية التي قصفناها خلال السنوات العشر الأخيرة؟".

وسيكون الأسد المرشح الوحيد عمليًا في الانتخابات القادمة.

لا شيء يمنع الأسد من البقاء والفوز بولاية رئاسية رابعة

ويقول المصدر السوري "من المستحيل اليوم أن يكون النظام السوري مقبولا من النظام الدولي، ومن المستحيل كذلك أن يبقى خارجه". ويضيف: "هذه المعادلة المستحيلة ستبقينا لسنوات طويلة في مرحلة اللا خيار، واللا حل واللا استقرار.. مع استمرار الاستنزاف البطيء الذي يدفع ثمنه الشعب السوري".

في هذا الوقت، لا شيء يمنع الأسد من البقاء في مكانه والفوز بولاية رئاسية رابعة فيما كل الناشطين الذين تجرؤوا يوما على الخروج إلى الشارع للمطالبة بسقوط النظام قتلوا أو فروا من البلاد أو تشردوا داخلها، وفيما عشرات الآلاف غيرهم في السجون والمعتقلات.

معارضة مشتتة خسرت الإجماع الدولي

ولم تنجح مجموعات المعارضة السياسية المقيمة بغالبيتها في المنفى في بناء جسور مع الداخل. وغالبا ما اتهمت بعدم تمثيلها لصوت الشارع المعارض والفصائل المقاتلة التي تمكنت في سنوات النزاع الأولى من السيطرة على نحو ثلثي مساحة البلاد.

عقدت أولى اجتماعات المعارضة مطلع يونيو 2011 في مدينة أنطاليا التركية، بعد أسابيع من بدء الاحتجاجات في سوريا. وشارك في الاجتماعات ممثلون عن جماعة "الإخوان المسلمون" المحظورة في سوريا، وعن "إعلان دمشق" الذي ضم هيئات وشخصيات معارضة في الداخل والخارج، وشخصيات كردية وشبان يشرفون على تنظيم التظاهرات.

ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية يحظى باعتراف دولي واسع

في أكتوبر 2011، وبعد اجتماعات في تركيا، تأسس المجلس الوطني السوري. وتحالف بعد عام مع مجموعات أخرى أبرزها لجان التنسيق المحلية التي دأبت على الدعوة وتنسيق المظاهرات أسبوعيًا، والمجلس الوطني الكردي، تحت مسمى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.

وبات ينظر إلى الائتلاف الذي تأسس في الدوحة على أنه الأكثر تمثيلاً للمعارضة. وفيما منيت قوات النظام بخسائر متلاحقة في الميدان، حظي الائتلاف باعتراف رسمي من أكثر من مئة دولة غربية وعربية في مؤتمر "أصدقاء سوريا" نهاية العام 2012 بوصفه "ممثلا وحيدا للشعب السوري".

في هذه الأثناء، بدأت سلمية الاحتجاجات تتحطم بعد قمع عنيف تطور إلى نزاع مسلح دخلت على خطه تدريجيا دول عدة، خليجية كقطر والسعودية أرسلت مالا وسلاحا للمعارضين، وغربية وعربية صدحت ببيانات مطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد.

تعدد الفصائل المقاتلة جراء عسكرة النزاع

مع عسكرة النزاع، تعددت الفصائل المقاتلة التي تلقت دعما من جهات ودول لها أجندات خاصة، ولم تحظ بدعم عسكري كاف لدحر قوات النظام كما توقعت.

وأسهم تصاعد نفوذ التنظيمات المتشددة لا سيما تنظيم داعش منذ العام 2014 بإضعاف المعارضة سياسيًا وعسكريًا. ومع استقطابه آلاف المقاتلين الأجانب وتنفيذه هجمات دامية في الخارج، انصب تركيز المجتمع الدولي بقيادة واشنطن على دعم الفصائل الكردية (التي بقيت خارج تكتل المعارضة) وحلفائها لمواجهة الجهاديين عوضا عن دعم خصوم الأسد.

في مطلع العام 2014، شارك الائتلاف مع وفد من النظام في جولتي مفاوضات بإشراف الأمم المتحدة سعيا لإيجاد حل للأزمة، من دون إحراز تقدم. وبرعاية سعودية، تشكلت نهاية 2015 الهيئة العليا للمفاوضات التي ضمت أطيافا واسعة من المعارضة أبرزها الائتلاف وفصائل مقاتلة، تمهيدا لبدء مفاوضات جديدة مع النظام في جنيف.

وظهرت لاحقا منصات أخرى تتحدث باسم المعارضة: منصة القاهرة التي ضمت معارضين من الداخل والخارج، ومنصة موسكو برئاسة نائب رئيس الوزراء السابق قدري جميل. في الداخل، نشطت مجموعات معارضة، بعضها مقبول إجمالا من النظام، ضمت أحزابا قومية ويسارية وكردية وشخصيات وطنية، لم يسلم بعض أعضائها من الاعتقال، وأخرى محسوبة على دمشق. وقد دعيت جميعها إلى جنيف.

خسائر وشروط

مع انطلاق جولات المحادثات عام 2016، وجدت مجموعات المعارضة نفسها مطالبة بتوحيد وفدها على الرغم من تباين مواقفها خصوصا من مصير الأسد. في نوفمبر 2017، تأسست هيئة التفاوض العليا على وقع ضغوط دولية للتخلي عن الشروط المسبقة، لا سيما تنحي الأسد، قبل بدء التفاوض.

وبعد خسائر ميدانية أبرزها في مدينة حلب (شمال) نهاية 2016، ثم الغوطة الشرقية قرب دمشق في أبريل 2018، بدا واضحا أن الدول التي دعمت المعارضة واستقبلت قياداتها باتت تتعاطى بواقعية أكبر مع بقاء الأسد.

وبدءا من 2017، طغت محادثات أستانة برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة، على مسار جنيف وأضعفته.

وبعدما كانت المعارضة تفاوض النظام في جنيف على مرحلة انتقالية بعد رحيل الأسد، تمهيدا لتسوية سياسية، باتت المحادثات تقتصر اليوم على لجنة دستورية تضم ممثلين عن الطرفين لبحث تعديل أو وضع دستور جديد. لكنها لم تحقق تقدما بغياب "نية للتسوية" باعتراف الأمم المتحدة.

مكاسب ضئيلة

في الخلاصة، لم تفرز المعارضة قيادة بديلة تشكل محاورا يتمتع بالمصداقية للمجتمع الدولي، وبقيت رهينة أجندات دول تدعمها أو تحركها، ما شكل خيبة أمل حقيقية للناشطين و"الثوار".

ويقول الناشط الحقوقي البارز مازن درويش الذي اعتقل لنحو أربعة أعوام في سجون النظام وخطف عدد من فريق عمله قرب دمشق، "المعارضة هي إحدى الخيبات".

ويضيف: "بعض المعارضين يعملون كسفراء لدول أخرى ويمثلون مصالحها في سوريا تعاملوا مع النظام كما لو أنه سيسقط خلال أشهر وكان الهم الأساسي من سيحظى بمنصب، بينما كنا نحن نحلم بتغيير النظام والحريات وحقوق الإنسان".

في إدلب التي نزح إليها بعد خروجه من الغوطة الشرقية قرب دمشق، يقول خالد عكاشة (23 عاما) لوكالة الأنباء الفرنسية: "عند انطلاق الثورة، خرجنا من أجل هدف، حلمنا بسوريا المستقبل التي لا يحكمها نظام دكتاتوري يتحكم بكل شاردة وواردة".

لكن بعد عقد من الزمن، "خسرنا كثيرا. لن أقول فشلت المعارضة لكن المكاسب التي حققتها لا تعادل أبدا ما انتظرناه. خسرنا عشر سنوات من أعمارنا، تدمر البلد فيما النظام زاد قمعا وإجراما".

ويخلص إلى القول: "ما لم تتمكن المعارضة من إنجازه خلال عشر سنوات، لن تتمكن من تحقيقه اليوم".

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك: