إعلان

تداعيات كارثة فوكوشيما النووية في اليابان تلاحق الضحايا في ذكراها العاشرة

10:53 ص السبت 02 يناير 2021

اليابان

نامي- (د ب أ):

اعتاد سوميو كونو دعوة أطفال الحي وآبائهم إلى حفل شواء في حديقته المطلة على غابة وبركة ماء تغدو وتروح فيها الطيور المائية.

ويقول كونو، وهو احد العاملين السابقين في محطة نووية، مستدعيا إلى الذاكرة منزله القديم في المناطق الريفية شمال شرقي اليابان: "كنا نجتمع غالبا ونشوي السمك والفطر ونقطف بتيلات الخيزران الطازج... لقد كان ذلك مثالا لحياة رائعة".

وقال كونو إنه يحب أسلوب الحياة الذي يغلب عليه الاسترخاء في بلدة نامي الساحلية، والمعروفة بالشعيرية المقلية والفخار المسمى "أوبوري سوما وير"، والذي يتميز بطبقة زجاجية مُجزّعة وهيكل مزدوج الطبقات.

لكن حياتهم انقلبت رأسا على عقب بسبب أسوأ حادث ذري في تاريخ اليابان - في محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية، التي تقع على بعد 10 كيلومترات من منزل كونو. فقد ضربها زلزال بلغت قوته 9 درجات على مقياس ريختر وأمواج مد عاتية (تسونامي) تلته في مارس 2011.

وانهارت ثلاثة من مفاعلات المحطة الستة، مما أدى إلى تسرب مواد مشعة في الغلاف الجوي بعد أن اجتاحتها أمواج التسونامي.

وأجبرت حالة الطوارئ النووية عشرات الآلاف من السكان على الفرار من منازلهم في مناطق مثل نامي التي تقع بالقرب من تلك المنشآت.

ونجا كونو، الذي كان يشارك في أعمال الصيانة بمحطة نووية أخرى في مقاطعة مياجي المجاورة ، من الزلزال والتسونامي الذي أودى بحياة حوالي 18 ألفا و500 شخص. وتم لم شمله أخيرا مع أسرته على مشارف مقاطعة فوكوشيما بعد أربعة أيام.

وبعد مرور ما يقرب من 10 سنوات، لا يزال من تم إجلاؤهم من فوكوشيما مشتتين في جميع أنحاء اليابان. وغامر 5 % فقط من سكان نامي للعودة إلى منازلهم بالقرب من المحطة وسط مخاوف مستمرة من التلوث الإشعاعي منذ أن رفعت الحكومة أمر الإجلاء عن الأجزاء الوسطى من المدينة في مارس 2017 ، بعد أعمال إزالة آثار التلوث. واعتبر خبراء هذا القرار خطوة اتخذت بشكل مبكرة للغاية.

وقال هيديكي يوشيدا، وهو مسؤول بمقاطعة فوكوشيما لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "يتباين القلق بشأن الإشعاع بين مختلف الأفراد".

وأضاف: "نعتقد أنه يمكن للسكان الآن العيش بمعزل عن القلق حيث تم الانتهاء من أعمال إزالة آثار التلوث".

ومع ذلك ، أقر المسؤولون المحليون باكتشاف مستويات عالية من الإشعاع بسهولة في الغابات والمناطق الجبلية ، حيث لم يتم إجراء عمليات التطهير مطلقا.

وأقام كونو وزوجته وابنهما، 15 عاما، في شقة صغيرة بمدينة فوكوشيما 70 كيلومترا شمال غربي المحطة المنكوبة. ولم ير أي من أطفال الحي مرة أخرى منذ الكارثة النووية.

ويقول: "أفتقدهم كثيرا".

وهُدم منزل كونو المكون من طابقين الذي كان يقع في منطقة سكنية خالية فعليا في نامي، في أيلول/سبتمبر بسبب التلوث الإشعاعي.

وانتقد الحكومة "لتخليها" عن ضحايا الكارثة النووية بينما حولت الموارد بدلا من ذلك إلى أولمبياد طوكيو 2020، الذي تم تأجيله منذ ذلك الحين إلى يوليو 2021 بسبب المخاوف من جائحة فيروس كورونا المستجد.

وقال كونو: "لا ينبغي للحكومة أن تجعل الألعاب الأولمبية تغطي على الكارثة النووية".

وأضاف أنه ليس من المفاجئ أن يعتقد الكثيرون في طوكيو أن الكارثة النووية قد انتهت. ويقول منتقدون إنه بينما تقلل الحكومة ووسائل الإعلام الرئيسية من شأن الكارثة، فإن ضحايا الكارثة النووية واجهوا صعوبة حتى في الحديث عن معاناتهم.

وتقول ناناكو شيميزو، الأستاذة المساعدة في كلية الدراسات الدولية بجامعة أوتسونوميا ، إن ما يضيف إلى المشكلة أن في اليابان ، التي يهيمن عليها الذكور، أجواء لا يُفترض فيها أن يكون للمرأة رأي في السياسة، ويُسكت هذا أصوات العديد من المتضررين.

وأشارت إلى أنه في الواقع، لا توجد امرأة تتولى منصب رئيس بلدية بـ 59 بلدية في فوكوشيما.

وجونكو إيسوجاي، هي واحدة من قلة من النساء اللواتي تم إجلاؤهن وتحدثن عن معاناتهن، حيث أطلقت حملة ضد إعادة تشغيل محطة كاشيوازاكي-كاريوا للطاقة النووية في نيجاتا، والتي تديرها شركة طوكيو إلكتريك باور ، وهي الشركة نفسها المشغلة لمحطة فوكوشيما.

وتقول إنها لا تريد أن يمر آباء أو أطفال آخرين بما مرت به أسرتها.

وانتقلت إيسوجاي من فوكوشيما إلى مدينة نيجاتا، على ساحل بحر اليابان في عام 2012 ، بعد إصابة ابنتيها المراهقتين بنزيف في الأنف وطفح جلدي على جسديهما بعد الكارثة النووية.

وتتذكر إيسوجاي ، التي خاضت محاولة فاشلة للترشح لمقعد في مجلس مقاطعة نيجاتا العام الماضي ، أن بعض الرجال سألوها لماذا أصبحت مرشحة رغم "أنك مجرد امرأة".

ويشغل الرجال أكثر من 90% من مقاعد المجلس.

وإيسوجاي هي واحدة من بين عشرات الآلاف ممن يعرفون بأنهم تم إجلاؤهم "طوعيا" من الذين فروا من مناطق لم يتم تحديدها كمناطق إجلاء إلزامية. وحصلوا على تعويض ضئيل من الشركة المشغلة.

في عام 2017، توقفت حكومة فوكوشيما عن تقديم إعانات الإسكان للذين تم إجلاؤهم، في خطوة اعتبرها منتقدون أنها ضاعفت محنتهم.

وتعرض عدد محدود من الأشخاص الذين يتحدثون بقوة عن الأضرار الناجمة عن إجلائهم مثل كونو وإيسوجاي لهجمات عبر الإنترنت.

وقال كونو: "أدرك أنني تعرضت لانتقادات لاذعة على الإنترنت. لكني أخبركم بحقائق عن الكارثة النووية. ما زلت أتحدث عما حدث بالفعل هنا في فوكوشيما. وإذا لم أفعل، فسوف تقوم الحكومة بالتعتيم على كل شيء".

فيديو قد يعجبك: