إعلان

ليس الغاز فقط.. ما الهدف الخفي من استعراض تركيا عضلاتها في المتوسط؟

11:28 ص الثلاثاء 08 سبتمبر 2020

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

نيويورك- (د ب أ):

عند المرور من مضيق البوسفور الذي يفصل أوروبا عن آسيا في العام الماضي، وجه أسطول تركي التحية إلى قبر القائد البحري والقرصان التركي بربروسا الذي يعود إلى القرن السادس عشر، بما يحيي تقليدا يعود إلى أيام سيطرة الإمبراطورية العثمانية على البحر المتوسط.

ولم يتوقف كثيرون خارج تركيا عند هذه الواقعة التي حيا فيها البحارة الأتراك العائدون من أكبر تدريب للقوات البحرية التركية، ولكنها نحمل الكثير من الرمزية، بحسب وكالة بلومبرج للأنباء، التي تقول إنه في حين تعيد تركيا بناء قدراتها البحرية وتتنافس على المناطق البحرية المتنازع عليها فإنها تخوض صراعا من خصومها التاريخيين في في الغرب.

ويتركز الاهتمام الدولي على السباق من أجل السيطرة على احتياطات الغاز الضخمة تحت مياه شرق البحر المتوسط، والذي دفع ليس فقط تركيا، وإنما أيضا قبرص ومصر واليونان وإسرائيل إلى إعلان حقوقها في أكثر بحور العالم ازدحاما، ومع ذلك فإن جذور الصراع والتوتر أكثر عمقا من ذلك.

ويعكس نمو القوة البحرية التركية التي ترفضها الدول الأخرى المجاورة، مدى طموح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تأكيد مصالح بلاده، وبخاصة الظهور كقوة إقليمية مسلمة تقف على قدم المساواة مع أوروبا وروسيا والولايات المتحدة.

مدعوما بالسفن والغواصات الحربية محلية الصنع، استطاع اردوغان نشر قواته خارج بلاده بنجاح أثار قلق الدول الساحلية الأخرى، بحسب وكالة بلومبرج التي أشارت إلى استعداد الصناعات العسكرية التركية لتدشين فرقاطات أكبر حجما وحاملة طائرات تزن 27 ألف طن خلال العام المقبل.

ويقول ريان جينجراس الأستاذ في قسم شؤون الأمن القومي في مدرسة البحرية للدراسات العليا في كاليفورنيا والمتخصص في الشأن التركي "ليس بعيدا جدا عن السطح، توجد مجموعة من الدوافع وراء هذه التحركات وأبرزها فكرة أن تركيا هي أكبر قوة في شرق البحر المتوسط، ويجب معاملتها على هذا الأساس ... تركيا ترى نفسها محاطة بالخصوم والأعداء وأنها ستستخدم القوة لتاكيد وجودها لأنها قادرة على ذلك".

يمثل ازدهار صناعة السفن الحربية التركية جزءا من توسع أكبر لصناعة السلاح التركية من السفن الحربية إلى المروحيات الهجومية والطائرات المسيرة العسكرية بهدف تحقيق ما يسمى "الاستقلال الاستراتيجي" عن الدول الغربية الموردة للسلاح، والتي أصبحت تركيا تنظر إليها باعتبارها معادية أكثر من كونها دولة شريكة لها.

وحدد أردوغان عام 2023 الذي يوافق ذكرى مرور 100 عام على قيام الجمهورية التركية كتاريخ لتحقيق الاستفلال اللكامل في مجال السلاح وهو ما يبدو أمرا بعيد عن الواقع.

ومما يعزز الشكوك في إمكانية تحقيق هذا الهدف تعثر الاقتصاد التركي البالغ حجمه 750 مليار دولار، خاصة مع تصاعد التوتر مع الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الرئيسي لتركيا، والذي يهدد بمعاقبتها بسبب أنشطتها في المنطقة.

الآن السفن التركية تقوم بشكل منتظم بعمليات المسح الزلزالي للبحث عن الغاز في المياه الخاضعة لسيادة اليونان وقبرص.وفي الشهر الماضي حدث احتكاك بين سفينتين حربيتين يونانية وتركية ليصل التوتر بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى أعلى مستوياته منذ 1996 بسبب النزاع بين الجابين على السيادة على جزر غير مأهولة في بحر إيجة.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب له يوم 26 آب/أغسطس الماضي بمناسبة ذكرى أول انتصار للأسطول السلوجوقي التركي على الإمبراطورية البيزنطية في معركة مانزكريت عام 1071، إن "تركيا ستحصل على نصيبها العادل من البحر المتوسط وبحر ايجة والبحر الأسود... وإذا قلنا أننا سنفعل شيئا فإننا سنفعله وسندفع الثمن".

وحتى الآن لم يتضح إلى أي مدى يمكن التعامل مع عدوانية أردوغان بجدية. ففي مقابلة مع وكالة بلومبرج قال إبراهيم قالن المتحدث باسم أدروغان ومستشاره إن تركيا تستهدف الضغط على شركائها في البحر المتوسط لكي يضعوا المصالح التركية في حسابهم، ويتفاوضوا مع تركيا بعد سنوات طوبلة من تجاهلها.

وتقول اليونان إنه يجب وضع الجزر في الاعتبار عند حساب الجرف القاري للدولة صاحبة الجزيرة في شرق المتوسط، وفقا لمعاهدة الأمم المتحدة للبحار، والتي لم توقع عليها تركيا. في المقابل تقول الأخيرة إن حساب الجرف القاري يجب أن يبدأ من البر الرئيسي للدولة. ورغم عرض كل دولة منهما إجراء محادثات بينهما، فمن غير المتوقع حدوث ذلك قريبا.ورغم أن استعراض تركيا لقوتها في المنطقة جذب الاهتمام الدولي إليها، فإنه ترك شعبها البالغ تعداده 83 مليون نسمة في شبه عزلة دولية.

ففي الأسبوع الماضي أعربت البحرية التركية عن قلقها من اعتزام روسيا إجراء مناورة بحرية بالذخيرة الحية في البحر المتوسط في وقت لاحق من الشهر الحالي، وقررت الولايات المتحدة رفع الحظر المفروض منذ عقود على تصدير السلاح إلى قبرص. وفي خطوة تستهدف استعراض القوة نشرت فرنسا مقاتلاتها الحديثة طراز رافال في إحدى القواعد الجوية بقبرص.

ورغم ذلك يرى هوجو ديسيس الباحث المتخصص في الشؤون البحرية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن أن أيا من هذه التطورات لن تجعل الحرب بين أنقرة وأثنيا حتمية ولا حتى محتملة، لكن المخاطر المتصاعدة تتزايد.

ويقول ديسيس "ما يجب أن يثير قلقنا حقا هو قيام تركيا بتطوير آلية الأمر الواقع على غرار ما تفعله الصين" في إشارة إلى قيام الصين بمحاولة فرض سيادتها بحكم الأمر الواقع في بحر الصين الجنوبي.

فيديو قد يعجبك: