إعلان

"جون جديد".. هل يجهض ترسيم حدود مصر واليونان أطماع تركيا في ثروات البحر المتوسط؟

09:40 م الجمعة 07 أغسطس 2020

وزير الخارجية سامح شكري

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد نصار:

لم تكد تمر ساعات على توقيع وزيري خارجية مصر سامح شكري واليونان نيكوس دندياس، ظهر أمس الخميس، اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، حتى خرجت تركيا ببيان تزعم فيه أن الاتفاقية تتعلق بمنطقة تابعة لـ"الجرف القاري التركي".

وصعدت تركيا من موقفها، زاعمة أن الاتفاقية "باطلة بالنسبة لها"، وقالت إنها "وجهت بلاغًا بهذا الشأن إلى الأمم المتحدة"، فما الذي أقلق أنقرة وما هي آثار الاتفاقية مستقبلًا؟

يقول محمد جمعة خبير الأمن الإقليمي في تصريحات خاصة لـ"مصراوي": "هذا الاتفاق له أهمية كبيرة من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، وبموجبه أصبح يحق للبلدين استغلال ثرواتهما البحرية في البحر الأبيض المتوسط، وقبله لم يكن متاحًا لكلا البلدين أن ينقبا على الغاز أو البترول في هذه المنطقة الواعدة، بحرية".

وأضاف جمعة: "بعد إيداع اتفاقية الترسيم في منظمة الأمم المتحدة، كونها تتوافق مع قانون المنظمة، أصبح يحق لمصر استغلال ثرواتها من الناحية الشمالية الغربية، وبالتالي يمكن لكل طرف أن يمارس سيادته على حدوده بشكل مطلق".

كما شدد جمعة على أهمية الاتفاقية من الناحية السياسية، قائلًا: "هذه الاتفاقية تقطع الطريق على مطامع تركيا في البحر المتوسط، لأن اليونان دولة معترف بها، كما يعري تركيا قانونياً أمام المجتمع الدولي، وفي ضوء هذا الاتفاق أصبحت أي خطوات تركية في هذا الاتجاه غير قانونية، ويمكن اعتبارها دولة معتدية".

ولفت جمعة إلى أن الاتفاق يثير تحديات كبيرة وقد نتوقع مزيدًا من العربدة التركية تجاه اليونان تحديدًا، كما سيعمق العلاقات والتعاون بين مصر واليونان بما فيها مواجهة التحدي التركي، على حد قوله.

وختم جمعة قائلًا: "المزاعم التركية قائمة على عدم الاعتراف بقبرص وبالتالي عدم الاعتراف بحدودها البحرية، وترى أن قبرص قريبة جداً من حدودها والاعتراف بها يحد من نفوذها في المتوسط، ولذا تريد تركيا أن تتخطى قبرص وكأنها غير موجودة، وترى أن ليبيا على بعد 2000 ميل بحري منها فعقدت معها اتفاقية للتعاون المشترك والتنقيب عن الغاز، وبالتالي فإن اتفاقية اليوم بين مصر واليونان تقطع الطريق على تركيا، وتسد ثغرة كبيرة بالنسبة لليونان من ناحية قبرص، كانت تستغلها تركيا"، مؤكدًا أن الاتفاق يتيح لمصر استثمار ثرواتها في المتوسط بشكل مطلق وكذلك يخدم اليونان سياسياً بشكل مطلق أيضًا.

أما الدكتور أحمد قنديل رئيس برنامج دراسات الطاقة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، فقال: "هذه الاتفاقية في منتهى الأهمية لأنها تقطع الطريق على المخططات التركية للاستيلاء على ثروات الغاز الطبيعي المتوقع اكتشافها في البحر الأبيض المتوسط، وفرصة للشركات العالمية للتنقيب عن النفط والغاز في هذه المنطقة الواعدة، وكان عدم ترسيم الحدود بين مصر واليونان يقف حجر عثرة أمام هذه الشركات للبحث عن الغاز، كما أنها ترسي مبادئ القانون الدولي فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية بين الدول وتوقف التصورات الأحادية لتركيا في هذه المنطقة".

وأضاف قنديل: "هذه الاتفاقية إنجاز كبير بعد أن كانت مصر تأمل أن يكون هناك توافق بين دول المنطقة على ترسيم الحدود البحرية، باعتبار أن ذلك خطوة على طريق الاستفادة القصوى من الثروات الهائلة بالمنطقة ولكن للأسف كانت القيادة التركية تطمع في الاستحواذ على هذه الثروات دون وجه حق استنادا على قوتها العسكرية وتأويل خاطئ للقانون الدولي، ولكن مصر واليونان يشكلان الآن دعامة أساسية في الأمن والسلم في المنطقة، لأن هذه الاتفاقية تخلق توازن قوى جديد على أسس قانونية وسياسية قوية".

وحول اتفاق تركيا والمجلس الرئاسي الليبي حول التنقيب عن الغاز في المتوسط، قال قنديل: "ما تم توقيعه بين تركيا والسراج مذكرتي تفاهم، وهناك فارق كبير بين مذكرات التفاهم وبين الاتفاقيات الدولية بين الدول"، مؤكدًا أن هاتين المذكرتين ليس لهما أساس قانوني لأنهما لم يتم التصديق عليهما من البرلمان الليبي، وبالتالي فليس لهما أي حجية قانونية أمام المجتمع الدولي، ولا يرتقيان إلى الاتفاقية الدولية المعترف بهما، كما أنهما باطلتان لأن اتفاق الصخيرات في البند الثامن من المادة الثامنة كان ينص على منع المجلس الرئاسي من عقد أي اتفاقات دولية دون الرجوع إلى المجلس التشريعي وهو ما لم يحدث، ما أدى إلى عدم اعتراف جميع دول المتوسط بهاتين المذكرتين وعلى رأس هذه الدول مصر واليونان وقبرص وإيطاليا وفرنسا وجميع دول الاتحاد الأوروبي، ما جعلها هي والعدم سواء.

وأضاف: "مما لا شك فيه أن هذه الاتفاقية الباطلة هي التي حثت مصر واليونان على الإسراع بضرورة التوصل إلى اتفاقية اليوم بعد حوالي 11 جولة مفاوضات بين البلدين بعد أن كان موقف مصر يتبنى ترسيم الحدود مع اليونان بعد التوافق بين اليونان وتركيا، ولكن أمام أطماع تركيا وعدم رضوخها للقانون الدولي ومحاولة سلب ثروات الآخرين والاستفزازات التركية المستمرة بالتنقيب عن الغاز داخل حدود قبرص أو إرسال مرتزقة إلى ليبيا، لم تجد مصر مفرًا من إنهاء تفاوضها مع اليونان سريعا للمحافظة على الحقوق المصرية واليونانية في ثروات المتوسط".

وحول تعليق الخارجية التركية على اتفاقية ترسيم الحدود المصرية اليونانية، قال قنديل: "هذا البيان يعبر عن الموقف التركي الذي يستند على التلاعب بالمفاهيم القانونية المتعارف عليها دوليا، وتتناقض مع الاعتراف بقبرص واليونان".

وأكمل قنديل: "التصور التركي للحدود البحرية يفتئت على حقوق قبرص واليونان، وكانت تركيا تحاول ابتزاز مصر من جانب ورشوتها من جانب آخر، لجذبها للموقف التركي على حساب القوانين الدولية المتعارف عليها، لاقتطاع مساحات من حدود قبرص واليونان، ولكن الموقف المصري كان واضحا من البداية حتى لو كان ذلك سيؤدي إلى تقليل مساحة مصر من المياه الدولية، لأن المساحة الإضافية التي ستكتسبها مصر ستكون على حساب تصور منحرف للقانون الدولي، وهو ما تم رفضه من البداية".

كانت وزارة الخارجية المصرية، انتقدت اليوم الخميس، البيان الصادر عن الخارجية التركية بشأن اتفاق تعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة بين مصر واليونان.

وقالت الخارجية المصرية -في تغريدة عبر حسابها الرسمي على تويتر- إنه "لمن المستغَرب أن تصدر مثل تلك التصريحات والادعاءات عن طرف لم يطَّلع أصلاً على الاتفاق وتفاصيله".

يذكر أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، قال في تصريحات صحفية سابقة في عام 2018، حول الغاية من استيراد الغاز من إسرائيل، إن مصر تتحول لمركز إقليمي للطاقة والغاز المسال.

وقال الرئيس السيسي على هامش حضوره افتتاح مركز خدمة المستثمرين وقتها: "إحنا جبنا جون يا مصريين في الموضوع ده، النهاردة مصر حطت رجليها إنها تبقى مركز إقليمي للطاقة"، وهو ما فسره نواب بأنه إشارة إلى "إحراز هدف في مرمى النظام التركي".

فيديو قد يعجبك: