إعلان

لماذا لا يعرف مئات الآلاف من سكان ميانمار شيئًا عن "كوفيد 19"؟

12:24 م الأربعاء 24 يونيو 2020

سكان ميانمار في عزلة عن الوباء

كتبت- رنا أسامة:

أبرزت شبكة "سي إن إن" الأمريكية العُزلة التي يعيشها مئات الآلاف من سكان ميانمار المُحاصرين وسط قتال شرس في أقصى شمال البلاد، فيما لا يعرفون شيئًا عن وباء "كوفيد 19" بسبب انقطاع خدمة الإنترنت لنحو عام، وفق تقارير حقوقية.

في يونيو الماضي، قطعت حكومة ميانمار، بقيادة مستشارة الدولة أونج سان سو تشي، الاتصال بالإنترنت عن 9 بلدات في ولاية راخين، خشية استعمال الشبكة العنكبوتية في إشعال مواجهات بين الجيش والمتمردين.

وفي حين أعادت الحكومة الخدمة إلى إحدى البلدات في مايو، فإن البقية البالغ عدد سكانها 800 ألف شخص لا تزال معزولة عن العالم، وغالبيتهم من أقلية الروهينجا المسلمة.

2ووفق منظمتا "هيومان رايتس ووتش" و"العدل الدولية" الحقوقيتان، فإن "استمرار قطع الإنترنت عن هذه البلدات يُعرّض أرواح سكانها للخطر؛ إذ لا يحرمهم من الإبلاع عن الانتهاكات بحقهم فحسب، بل يحجب عنهم المعلومات والحملات الخاصة بجائحة كورونا وتداعياتها".

وقالت المستشارة القانونية في "هيومان رايتش ووتش"، ليندا لاخيدير، إنه "في ظل النزاع المسلح بين جيش ميانمار وفيصل المتمردين الذي يطلق على نفسه جيش أراكان، من الضروري أن يحصل المدنيون على المعلومات اللازمة للبقاء في مأمن".

سجّلت السلطات في ميانمار حتى الأربعاء، وفق الأرقام الرسمية المُعلنة، 6 وفيات و292 إصابة بالفيروس، مع تسجيل عدد محدود من الإصابات في بلدتين بولاية راخين، حيث يعيش أكثر من 100 ألف مسلم من أقلية الروهينجا في مخيمات مكتظة، فيما أجرت 64 ألفا و532 اختبار.

وكان هؤلاء فروا خلال عام 2018، إثر الحملة القاسية التي أطلقها الجيش ضد هذه الأقلية، بحجة مواجهة "جيش أراكان". ودعت الأمم المتحدة إلى محاكمة دولية لقادة جيش ميانمار بتهم ارتكاب الإبادة الجماعية والفظائع ضد المسلمين هناك.

1ويعيش أيضا في راخين عدد من البوذيين الذين باتوا مُشردين وبلا مأوى بسبب القتال الأخير في مخيمات بالولاية أيضًا.

ومع انتشار جائحة فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم منذ ديسمبر الماضي، أطلقت ميانمار حملة توعوية بشأن سبل الوقاية من الوباء، لكن برلمانيين قالوا إن العديد من سكان بلدات في راخين لا يتلقون إشعارات الصحة العامة والنشرات التوعوية التي تبثها الحملة الحكومية على موقع فيسبوك وتطبيقات التراسل الفوري مثل "واتساب".

وقال النائب هتوت ماي، بعدما تمكن من دخول الولاية بصعوبة، إنه "عندما سألت الناس في دائرتي إذا كانوا على دراية بفيروس كوفيد 19، بدا أنهم لا يعرفون شيئا وكان علي أن أشرح لهم قصة الوباء العالمي من البداية، وماهو التباعد الاجتماعي وكيفية غسل اليدين بطريقة سليمة باستمرار".

وتابع ماي: "لا يمكنني السفر على نطاق واسع بسبب كوفيد 19، لذا يمكنني تحذير عدد كبير من الأشخاص". ورأى أن سكان ميانمار لا يخشون من كورونا لأنهم لا يعرفون عنه شيئا، بل يخشون القتال الذي يرونه بأم أعينهم.

3وتسبب القتال الدائر في الولاية منذ أواخر عام 2018 في فرار أكثر من 700 ألفًا ومقتل 151 مدنيًا وإصابة 344 آخرين بين شهري يناير ومايو من هذا العام.

وفي يناير الماضي، أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي قرارا يلزم الدولة الواقعة في جنوب شرق أسيا باتخاذ تدابير فورية لحماية الأقلية المسلمة، وتواجه رئيسة الوزراء في ميانمار انتقادات دولية بسبب اضطهاد الروهينجا.

وكما العديد من الدول الأخرى، فرضت ميانمار حظرًا على التجول والتجمعات الكبيرة، وحجرًا صحيًا على الوافدين الأجانب في محاولة للسيطرة على انتشار الفيروس التاجي.

كما فرضت الحكومة عقوبات جنائية على الأشخاص الذين لم يلتزموا بتلك التدابير الاحترازية، بما في ذلك الأحكام بالسجن للمخالفين لأوامر الحجر الصحي. وحُكم على ما لا يقل عن 500 شخص، بينهم أطفال، بالسجن لمدة تصل إلى عام واحد، وفق السي إن إن.

وفي وقت سابق منذ هذا الشهر، توقّعت توقعت الزعيمة الفعلية لميانمار أون سان سو تشي أن تبدأ التداعيات الاقتصادية الأكثر قوة لجائحة كورونا على بلادها في الأشهر الأربعة الأخيرة من هذا العام.

وقالت في حلقة نقاشية عبر تقنية الفيديوكونفرانس:"نود أن نطمئن الناس بأننا على استعداد جيد لمعالجة التداعيات.. ونعتقد أننا سنكون قادرين على التغلب عليها من خلال التعاون الشامل".

وبينما بدت استجابة ميانمار للوباء أنها ساهمت في الحدّ من تفشي الفيروس، فإنها لم تخل من الانتقادات.

قال فيل روبرتسون من "هيومن رايتس ووتش" في بيان الشهر الماضي: "إن الزّج بالمئات (من المخالفين لقواعد الحكومة في مواجهة الفيروس) في سجون مُكتظة وغير صحية لا يحقق الغرض من خطة احتواء كوفيد 19".

نهج سو تشي تجاه الوباء رُبما لا يعمل لصالحها، بينما تستعد البلاد للتصويت في الانتخابات في وقت لاحق من هذا العام. قال النائب هتوت ماي إن "القتال المستمر في راخين واستمرار قطع خدمة الإنترنت من شأنه أن يقوّض دعم الناخبين لها ولحزبها، الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية".

ومن ناحية أخرى، رُبما لن يكون لنهج سي تشو تجاه الوباء ثمة تأثير يُذكر على نتيجة الانتخابات المقبلة- فنظرًا لحجب الإنترنت، قد لا تعرف أعداد كبيرة من الناس في أقصى غرب البلاد بشأن ظهور فيروس من الأساس.

فيديو قد يعجبك: