هل تتعرض تونس لابتزاز أمريكي بسبب "صفقة القرن"؟

11:21 م الأحد 09 فبراير 2020

الرئيس التونسي قيّس سعيّد


كتب - محمد عطايا:
يبدو أن الدفاع عن القضية الفلسطينية في الوقت الراهن، بات باهظ الكلفة من الناحية الدبلوماسية، خاصة بعدما تعرضت تونس إلى ضغط كبير من الولايات المتحدة بعد إعلان نيتها تقديم مشروع قرار في مجلس الأمن يدين خطة السلام الأمريكية، أو ما تعرف بـ"صفقة القرن"، وذلك بحسب ما ذكرته مجلة فورين بوليسي.

إعلان

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أواخر يناير خطته للسلام بالشرق الأوسط، تعترف بالقدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وتسمح لها باحتلال أراضي استراتيجية في الضفة الغربية، بما في ذلك غور الأردن والقدس، ما يضمن أن حوالي 700 ألف مستوطن إسرائيلي يمكنهم البقاء على أراض احتلتها إسرائيل.

وتنص الخطة أيضًا على أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، وعاصمتها أحد الأحياء الفقيرة القريبة من القدس، ما يجعلها مهمشة ولا مكانة لها، خاصة بعدما تحتل تل أبيب على مناطق واسعة من الضفة الغربية وغور الأردن.

الإعلان الأمريكي عن صفقة القرن، تبعه غضب عربي وعالمي، واستمرت تلك الأصداء الغاضبة مع توجه سفير تونس بمجلس الأمن، المنصف البعتي إلى تقديم مشروع قرار يدين خطة السلام الأمريكية، إلا أن السلطات التونسية -بحسب فورين بوليسي- اعفته من منصبه، حتى لا تتعرض لضغط أمريكي.

وأعلنت تونس الجمعة الماضية، إعفاء مندوبها لدى الأمم المتحدة المنصف البعتي من مهامه لأسباب تتعلق بخطة السلام الأمريكية.

وبحسب بيان لوزارة الخارجية التونسية، فإن أسباب إنهاء مهام البعتي تعود إلى "غياب التنسيق والتشاور بينه وبين وزارة الخارجية من جهة وبين ممثلي الدول العربية والإسلامية بالمنتظم الأممي من جهة ثانية"، وذلك في المسائل المطروحة على جدول أعمال مجلس الأمن، ومن بينها إعداد مشروع قرار يتعلق بمخطط السلام في الشرق الأوسط.

وأشار البيان إلى أن "عضوية تونس غير الدائمة بمجلس الأمن تقتضي التشاور الدائم والتنسيق المسبق مع الوزارة بما ينسجم مع مواقف تونس المبدئية ويحفظ مصالحها".

وأكد دبلوماسيان، لم تسمهما مجلة "فورين بوليسي"، أن الرئيس التونسي المنتخب حديثًا، قيس سعيد، أعفى البعتي من منصبه، بعد خدمة أقل من 5 شهور، بعد شكوى من الولايات المتحدة، لافتين إلى أن ذلك التحرك من سعيد، جاء ليتفادى حدوث خلاف كبير في العلاقات مع واشنطن في بداية إدارته.

وأوضحت أن مزاعم الحكومة التونسية لفصل البعتي من منصبه، باعتباره "غير محترف"، بأنها مجرد "مزحة".

وقال مصدر دبلوماسي آخر، لـ"فورين بوليسي"، إن الرئيس التونسي الجديد يتطلع إلى إقالة كبار المسؤولين من الحكومة السابقة، بما في ذلك البعتي، والشكوى التي قدمتها الأمم المتحدة أنهت مصيره.

طرد السفير التونسي من منصبه، جاء في الوقت الذي تشهد فيه الأمم المتحدة نشاطًا دبلوماسيًا عشية زيارة رفيعة المستوى لمجلس الأمن الأسبوع الماضي قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، للتعبير عن الرفض الفلسطيني لـ"صفقة القرن"، واقتراحه تقديم خطة بديلة، خاصة وأن الرفض للخطة الأمريكية توجه عربي وعالمي، وحتى من بعض الأوساط الإسرائيلية الرفيعة، مثل يهود أولمرت، رئيس وزراء دولة الاحتلال السابق.

وبرغم تصريحات الإدارة الأمريكية، التي تزعم أن العرب يؤيدون خطة السلام بالشرق الأوسط، إلا أن تلك التصريحات سقطت سريعًا، بعدما رفض جميع وزراء خارجية جامعة الدول العربية، بالإجماع ما أسماه فريق ترامب "صفقة القرن" بين الولايات المتحدة وإسرائيل "معتبرًا أنها لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني".

وفي توبيخ شديد، شبه رئيس جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الخطة بـ"نظام الفصل العنصري"، وقال إن اقتراح ترامب "يزرع البذور لمدة 100 عام أخرى من الصراع والمعاناة".

لم تمض أيام، حتى أعلنت دولتان مسلمتان في مجلس الأمن، تونس وإندونيسيا، بتعميم مشروع قرار بتاريخ 4 فبراير، ووصفته بـ"ورقة غير رسمية"، تؤكد فيه أن الخطة التي قدمتها الولايات المتحدة في 28 يناير الماضي، تنتهك القانون الدولي والاختصاصات الدولية المعتمدة لتحقيق حل عادل وشامل ودائم للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

ويدين المشروع السري، الذي استعرضته فورين بوليسي، التصريحات الإسرائيلية الأخيرة التي تدعو إلى ضم الأراضي الفلسطينية، ويدعو إسرائيل إلى وقف إنشاء مستوطنات جديدة، ويؤكد "عدم قانونية ضم أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة ىبما في ذلك القدس الشرقية".

ورد البيت الأبيض بتصعيد الضغط الدبلوماسي على تونس، الدولة العربية الوحيدة في مجلس الأمن، في محاولة لكسر الصف العربي المؤيد للقضية الفلسطينية.

أكدت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في تصريحات لـ"فورين بوليسي"، أن صهر ترامب، وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر، يضغط بشكل كبير على الدول المؤيدة للقضية الفلسطينية.

وأضافت أن الضغط على الآخرين، المؤيدين للقضية الفلسطينية، ما هو إلا تهديد ليجعل بعض البلدان النامية تشعر بالضعف، وأنها لا تستطيع تحمل غضب الولايات المتحدة.

فيما يقول دبلوماسيون بمجلس الأمن، إنه ما زال من غير الواضح ما إذا كانت إندونيسيا أو دولة أخرى ستقدم القرار، ولكن ما أكدوه أن مشروع القرار سيواجه بكل تأكيد الفيتو الأمريكي.

إعلان