إعلان

أغضب تركيا وأثار سخط فلسطين وأربك فرنسا.. لماذا يحاول بومبيو تلميع نفسه؟

11:18 ص الإثنين 23 نوفمبر 2020

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في واشنطن

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

واشنطن - (د ب أ):

مع انتهاء جولة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، التي استمرت 10 أيام عبر أوروبا والشرق الأوسط، كان قد أغضب قادة تركيا وأثار سخط الفلسطينيين وأربك الفرنسيين.

وقالت وكالة بلومبرج للأنباء إنها رحلة بدت وكأنها تهدف إلى تلميع صورة بومبيو المحافظة وتحسينها استعدادا لحملة رئاسية محتملة في عام 2024. ونظرا لأنه شخص غير مهتم بآداب الإتيكيت أو البروتوكول، فقد تسببت آخر جولة كبيرة لبومبيو بصفته وزير الخارجية الـ70 للولايات المتحدة في استفزازات لأولئك الذين شككوا في سياسة "أمريكا أولا" التي انتهجها الرئيس دونالد ترامب ودور بومبيو باعتباره المروج الأول لها.

ومثل الرئيس ترامب، يرفض بومبيو الاعتراف علنا بفوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 3 نوفمبر الجاري. ومع ذلك، فإن الرحلة التي شملت سبع دول، وهي واحدة من أطول الرحلات التي قام بها كوزير، قدمت دليلا على أن بومبيو يتطلع بالفعل إلى ما بعد حقبة ترامب، حيث كانت الرحلة مزدحمة بالتصريحات التي من المحتمل أن تجعل حياة بايدن صعبة، وتعد المسرح لمستقبله السياسي.

وقال شادي حامد، الزميل البارز في مؤسسة بروكينجز للأبحاث: "إنه يقضي الشهرين الأخيرين في منصبه في إثارة غضب العالم.. إنه دور غريب يلعبه وزير خارجية الدولة في وقت حساس".

وبدأت الجولة في باريس، حيث كان أول نشاط لبومبيو- قبل لقاء المسؤولين الحكوميين- هو لقاء خاص مع صحفيين من وسائل الإعلام الفرنسية اليمينية، بما في ذلك مجلة "فالور أكتويل"،وهي مجلة تعرضت لانتقادات وإدانة شديدة باعتبارها عنصرية - وتم وضعها قيد التحقيق الأولي من قبل ممثل ادعاء- بعد طباعة صورة تظهر نائبة فرنسية سوداء وكأنها "عبدة" من العبيد في أحد المقالات التخيلية.

وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء أنه في تركيا، اقترح بومبيو أن يأتي إليه وزراء الحكومة في مدينة اسطنبول- إلا أنهم رفضوا- وقد التقى برئيس الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية. ووصف المسؤولون الأتراك بيان بومبيو بشأن الحرية الدينية في تركيا بأنه "غير ملائم للغاية"، بينما ألقى كبار مسؤولي وزارة الخارجية باللوم على تضارب المواعيد في عدم سفره إلى العاصمة أنقرة.

وفي جورجيا، تدخل بومبيو في النزاع الدائر هناك بشأن الانتخابات، وأضفى الشرعية على حكومة اتخذت إجراءات صارمة ضد المحتجين الذين يطالبون بإجراء انتخابات جديدة.

ووصل بومبيو إلى ذروة انعدام الدبلوماسية من خلال زيارة مصنع نبيذ في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، والذي أطلق اسمه على أحد منتجاته من النبيذ الأحمر، مع ملصق يقول # صنع بشكل شرعي، وذلك بسبب موقفه المؤيد للاستيطان. وفي ظل أي إدارة سابقة، جمهورية أو ديمقراطية، كانت هذه الزيارة ممنوعة، نظرا لأن العائلات الفلسطينية ما زالت تطالب بحقها في الأرض التي تم بناء مصنع النبيذ عليها.

وقالت صحيفة هآرتس ذات الميول اليسارية في مقال افتتاحي في اليوم الأخير لبومبيو في إسرائيل إنه "زار مستوطنات وشرب من الكأس المسمومة وأقر سلب الممتلكات.. هذه آخر أيام بومبيو. كم هو جيد أن يكون هذا هو الوضع".

ومع القيام بكل ذلك، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا؟ ما الذي كان مهما للغاية لدرجة أنه يستحق القيام برحلة في الوقت الذي بدأت فيه فرنسا وإسرائيل ودول أخرى عمليات إغلاق جديدة في محاولة يائسة للسيطرة على فيروس كورونا قبل عيد الميلاد؟

لقد كان قد تم التخطيط للجولة قبل الانتخابات الأمريكية بفترة طويلة، ويسافر وزراء الخارجية بشكل روتيني في نهاية عملهم في الفترة الفاصلة بين الانتخابات والتنصيب.. وقبل الرحلة، قال مسؤولون كبار في وزارة الخارجية إن لها عدة أهداف، وهي تكريم ضحايا الإرهاب في فرنسا وتعزيز الحرية الدينية ومناقشة الاتفاقيات الدبلوماسية التي وقعتها إسرائيل مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين.

ورفض مسؤول كبير في وزارة الخارجية، الحديث إلى الصحفيين شريطة عدم الكشف عن هويته، يوم الأحد، فكرة أن تكون الرحلة بمثابة جولة انتصار أو أنها كانت تهدف إلى تعزيز طموحات بومبيو. ووصف المسؤول الجولة بأنها مهمة دبلوماسيا حتى في ظل تفشي وباء كورونا، قائلا إن الإدارة ستواصل سياساتها طوال فترة وجودها في المنصب.

إلا أن الولايات المتحدة لم تشهد مثل هذا الوضع مطلقا، حيث لا يزال ترامب يرفض الاعتراف بخسارته في إعادة انتخابه كما أن الإصابات بفيروس كورونا في الولايات المتحدة لا تزال تسجل أرقاما قياسية.

وقال شخصان مطلعان على محادثات بومبيو إن الأشخاص الذين التقى بهم تجنبوا إلى حد كبير مسألة الانتخابات الأمريكية.

وقبل وقت قصير من مغادرته الولايات المتحدة، عندما سئل في إيجاز عما إذا كان يستعد لإدارة بايدن، قال بومبيو "أنا أستعد لانتقال سلس إلى إدارة ثانية لترامب". وعلى الرغم من أنها بدت مزحة، إلا أن بومبيو تعرض لانتقادات للاستخفاف بأزمة الانتخابات في بلاده، نظرًا لأن الولايات المتحدة غالبا ما تتناول مشكلات الانتخابات في الدول الأخرى.

وخلال زياراته، تجنب بومبيو منح أي فرصة للصحفيين لتوجيه أسئلة إليه بشأن المرحلة الانتقالية وبايدن. ولم يعقد أي مؤتمر صحفي أو إيجاز، وأرجعت وزارة الخارجية السبب إلى قيود فيروس كورونا.

كما توجه بومبيو بمروحية إلى موقع عسكري تحول إلى منطقة سياحية في مرتفعات الجولان، حيث قال "تخيل، تخيل مع سيطرة الرئيس السوري بشار الأسد على هذا المكان، حجم المخاطر والضرر الذي يمكن أن يلحق بالغرب وإسرائيل وشعب إسرائيل."

وتوقف بومبيو أيضا في متحف يسلط الضوء على المساهمات التي قدمها غير اليهود لإسرائيل على مر السنين، وهو يسمى متحف "أصدقاء صهيون". وقال كينيث بولاك، الباحث المقيم في معهد "أمريكان إنتربرايز" لأبحاث السياسة العامة "أنا أراها محاولة أخرى من ترامب لتوضيح إرثه، ولكن من أجل توضيح إرثه، بدا وكأنه يضع إبهامه في عين منتقديه.. ربما يكون لدى بومبيو أشياء أخرى في ذهنه، خاصة تعزيز علاقته مع إسرائيل من أجل آفاقه المستقبلية."

ونفى المسؤولون أن يكون بومبيو قد استهدف دفع سياسات لتصبح أفخاخا أو شراكا خداعية لبايدن إذا سعى للعودة إلى سياسة أقل تحيزا لإسرائيل فيما يتعلق بالفلسطينيين.

وكان أكبر إعلان خلال رحلة بومبيو هو أن الولايات المتحدة ستسمح للبضائع المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية بوضع ملصق "صنع في إسرائيل". وسيكون من الصعب على بايدن التراجع عن مثل هذه التحركات، مما سيعرضه لانتقادات من الجمهوريين الذين سيترشحون للرئاسة في عام 2024- وربما يكون من بينهم بومبيو - بأنه ضعيف في دعمه لإسرائيل.

وكانت إحدى الركائز الأساسية لسياسة ترامب الخارجية هي تعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية، لذلك كان من المناسب أن تكون إحدى محطات بومبيو الأخيرة هي نيوم، المدينة السعودية التي يبنيها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الصحراء كدليل على التقدم التكنولوجي السعودي.

فيديو قد يعجبك: